"حرمان من الطعام ومعاملة جائرة".. أزمات تكشف الجانب الآخر لوجه بيراميدز اللامع

شهدت كرة القدم المصرية في الفترة الأخيرة سلسلة من الأزمات والجدل الكبير داخل نادي بيراميدز، تشمل قطاع الناشئين واللاعبين المحترفين على حد سواء. 

وواجه العديد من اللاعبين، من الناشئين ولاعبي الفريق الأول وحتى الفريق النسائي، معوقات أدت إلى حرمانهم من مستحقاتهم المالية وحقوقهم القانونية والرياضية، الأمر الذي أثر على مسيرتهم المهنية ومستقبلهم في المنتخبات الوطنية.

كما أظهرت التحقيقات وجود تجاوزات تتعلق بصياغة العقود، وتأخير الرواتب، وحرمان اللاعبات واللاعبين من مستلزماتهم الأساسية، ما دفع البعض لتقديم شكاوى رسمية إلى اتحاد الكرة والفيفا، فيما تدخلت وزارة الشباب والرياضة لحل بعض الأزمات الطارئة.

وسط هذه الأوضاع، كشف عدد من اللاعبين، بمن فيهم لاعبو الفريق الأول والناشئين، عن معاناتهم النفسية والمادية، مؤكدين أن بعض القرارات والإجراءات داخل النادي كانت تعسفية ومهينة، وأدت إلى إحباط مواهب شابة وتهديد مستقبلهم الرياضي.

وتعد هذه الأزمات بمثابة مؤشر على الحاجة لإصلاح هيكلي في إدارة الأندية المصرية وحماية حقوق اللاعبين في جميع الفئات العمرية.

إحباط المواهب

شهدت كرة القدم المصرية في الفترة الأخيرة قضية مثيرة للجدل تتعلق بلاعبي فريق بيراميدز من مواليد 2009، الذين أحرزوا لقب الدوري قبل الموسم الماضي؟

توج فريق بيراميدز بلقب الدوري لمواليد 2009، وهو الفريق الذي يضم لاعبين تتراوح أعمارهم بين 10 و15 سنة، ورغم براعة هؤلاء اللاعبين وإمكاناتهم الكبيرة، واجهوا قيوداً تمنعهم من الانضمام للمنتخبات الوطنية في الفئات العمرية المناسبة لهم.

وتعد أبرز الأسماء التي برزت في الموسم الماضي هي يونس محمد، مهاجم الفريق، وخالد محمود، ويوسف عبد الله، الذين أظهروا مستويات فنية عالية.

وبحسب الإعلامي محمد المحمودي: "تقدم اللاعبون المتأثرون بشكوى رسمية ضد بيراميدز لدى اتحاد كرة القدم المصري، واتجهت لاحقًا إلى فيفا، تتعلق بانتهاك حقوقهم كأشخاص قصر وعدم تمكينهم من اللعب في المنتخبات الوطنية، وهو ما يعتبر عائقاً أمام تطور مسيرتهم".

وتضمنت الشكوى مطالب أساسية أبرزها ضمان توفير بيئة آمنة ومجهزة للتدريب، تشمل الملاعب ومرافق التدريب، احترام حقوق اللاعبين كمحترفين صغار، بما في ذلك بدلات الانتقال والمواصلات، والسماح لهم بالمشاركة في المعسكرات والبطولات الرسمية دون قيود تعسفية من النادي.

فيفا يتدخل

ورد نادي بيراميدز على الشكوى مؤكدًا أن اللاعبين مستمرون في العقود الموقعة معهم، وأن أي ادعاءات بانتهاك حقوقهم لا صحة لها، وأن جميع مطالب اللاعبين قد تم التعامل معها وفق القوانين واللوائح الداخلية للنادي.

وعلق الإعلامي المحمودي على الحادثة: "إذا قرر فيفا التدخل وإصدار حكم لصالح اللاعبين، فإن ذلك قد يغير قواعد كرة القدم المصرية بالنسبة للفئات العمرية الناشئة بشكل كامل".

وأضاف: "القرار يعطي الحق للناشئين في التحكم بمستقبلهم الرياضي بعيدًا عن سلطة الأندية التقليدية، ما يشكل خطوة كبيرة نحو حماية حقوق اللاعبين الصغار".

وأتم: "من المتوقع أن يكون لهذه القضية تأثيرات بعيدة المدى على طريقة إدارة الأندية لمراحل الشباب، وإعادة النظر في العقود والتدريبات، فضلاً عن مستقبل مشاركة اللاعبين في المنتخبات الوطنية".

"ليسوا بشراً"

وأشعل محمد عادل "أمو"، لاعب الفريق الأول بنادي بيراميدز/ فتيل الأزمة من جديد، إذ تحدث عن عدم حصوله على مستحقاته، ليتبعه آخرون في قطاع الناشئين. 

وقال محمد عادل "أمو" عبر حسابه على فيسبوك قائلاً: "لقد آذوني ودمروني، وكانوا سببًا في تدمير مستقبلي بالكامل، هؤلاء ليسوا بشرًا". 

وأضاف: "منذ عام وأنا أصرّح بذلك، لم أجد من يعينني على صرف احتياجات أهلي، ولم يرد أحد علي، شعرت وكأنني (أشحت) حقي".

وتابع: "عمرو بسيوني مدير التسويق قال لي لقد سلفتك المال، ولم تكن مستحقاتك، تخيلوا مقدار النقص والمرض الذي وصل إليه"

وأتم: "لعنت كرة القدم التي جعلتني أعيش كل هذه الصعوبات، لن أتنازل عن حقي لدى نادي بيراميدز".

استعادة كرامتي

وروى لاعب مصر المقاصة قصة معاناته بشكل كامل، إذ قال: "كنت من بين أبرز اللاعبين في الدوري الممتاز موسم 2023، وأحد أبرز لاعبي نادي مصر المقاصة، إلا أن تصرفات هؤلاء الأشخاص أفقدتني شغفي وهددت مستقبلي بالكامل". 

وأضاف: "لم أتمكن من تجاوز الصدمة بسهولة، فهم لم يشعروا بالندم ولم يحسوا بمعاناتي، رغم أنني لم أتسبب يوماً في أي ضرر لأي شخص".

وتابع: "من أبرز الصعوبات التي واجهتها، كان عدم قدرتي على توفير مستلزمات دراسية لأختي، حيث كانت على وشك الانقطاع عن كلية الصيدلة بسبب نقص المال".

وواصل: "لكن بفضل بعض أقاربي، تمكنت أختي من استكمال دراستها وتخرجت ضمن الخمسة الأوائل، وهو إنجاز أعظم عندي من أي إنجاز شخصي".

وأردف: "وعلى الصعيد المادي، كنت أواجه ضغوطاً شديدة، حيث لم أتمكن من الحصول على مستحقاتي المالية من النادي، ولم يتم احترام حقوقي كلاعب محترف، حاولت بكل الطرق أن أحصل على حقي بشكل لائق، إلا أن تعامل البعض معي كان مهيناً وجافاً، وكأنني لا أستحق أي تقدير".

وأكد: "استلفت أموالاً لدفع رسوم دراسة أختي، ثم وجدت نفسي بلا ناد ودون مصدر دخل، مما زاد من صعوبة وضعي النفسي والمعيشي، ومع كل هذه الصعوبات، حاولت أن أظل نزيهًا وأن أحافظ على قيم وتربية أسرتي وسط كل هذه التجاوزات وقلة الاحترام".

وأكمل: "على الرغم من كل ما حدث، قررت أن أركز على حياتي المهنية خارج الملعب، وتوجهت نحو العمل في مجال الأعمال التجارية، مؤمناً أن استعادة كرامتي ونزاهتي أهم من أي مال أو شهرة.

وأتم: "قمت باتخاذ إجراءات قانونية ضد كل من تسبب في الضرر لي، ولن أكتفي بالمال فقط، فكرامتي ونزاهتي أهم بكثير، مهما حدث، سأظل محافظاً على قيمتي وحقوقي، ولن أسامح من تلاعب بمستقبلي أو حاول تدمير حياتي وحياة أسرتي".

وذكر مصدر لـ تليجراف مصر أن محمد عادل المعروف باسم "أمو" لن يكون الحالة الوحيدة، إذ أكد عدد من اللاعبين أنهم لم يحصلوا على مستحقاتهم كاملة، وسيتحدثون عن تلك الأزمة. 

"دمّروا مستقبل ابني وحرموه من المنتخب"

وبعد ساعات قليلة، ناشد محمد علي، ناشئ نادي بيراميدز مواليد 2009، عبر حسابه على فيسبوك، اتحاد الكرة والجهات المعنية بعد أن وصف معاناته داخل النادي قائلاً: “حسبي الله ونعم الوكيل في نادي بيراميدز وكل مدرب ومسؤول ومدير”. 

وأتم: "لعبت وجلبت بطولتين للنادي وتعبت، ومع ذلك اعتبروني عبئًا على النادي، وكرهتموني في الكرة التي أحبها".

كما استغاثت والدة اللاعب سعد طارق، ناشئ النادي السماوي، عبر مقطع فيديو جديد، مؤكدة أن أوضاع قطاع الناشئين في النادي تسببت في ضياع مستقبل ابنها الرياضي.

وقالت والدة اللاعب: "خلاص لم يعد من الممكن السكوت أكثر من ذلك، حسبي الله ونعم الوكيل في كل من يرى الحق ويصمت".

وأضافت: "لقد دمّروا مستقبل ابني، وحرموه من فرصة تمثيل المنتخب ومن المشاركة مع بلده، وأحجموا عن منح حقه، وجعلوه محبوسًا داخل ما أصفه بسجن اسمه بيراميدز".

وتابعت: "أولاد الناس البسطاء ليسوا لعبة، كيف يمكن لنادٍ أن يتحدى ولدًا صغيرًا ويهدم مستقبله؟ حسبي الله ونعم الوكيل، أنقذونا يا جماعة، هؤلاء لا يملكون كبيرًا، وليس لنا سوى الله".

وتقدّم المستشار محمد رشوان بصفته ممثلا عن 5 لاعبين من نادي بيراميدز، ببلاغ إلى معالي النائب العام ضد ممدوح عيد الرئيس التنفيذي للنادي ومسؤولي الإدارة، لقيامهم بالتلاعب في استمارات قيد اللاعبين واستغلال القصر بالمخالفة لأحكام قانون العقوبات.

وأُحيل إلى المكتب الفني للنائب العام لبدء التحقيقات بشأن المخالفات المنسوبة للإدارة والمسؤولين بالنادي.

"بدون طعام أو ماء"

وتعرضت لاعبات نادي بيراميدز الأفريقيات في ديسمبر الماضي لظروف صعبة وغير إنسانية، حيث لم يتلقين رواتبهن لمدة 3 أشهر، وحرمن من الطعام والماء بشكل منتظم، مما يضع حياتهن وصحتهن في خطر بحسب مصدر مقرب من لـ"تليجراف مصر".

وكشف مصدر في وقت سابق أن "الوضع بالنسبة للاعبات نادي بيراميدز شديد الصعوبة، اللاعبات أفيا نياركو وأبيجيل أنتوي من غانا، وبليسنج نكور من نيجيريا، موجودات في مصر منذ 3 أشهر، وخلال هذه الفترة لم يتسلمن أي رواتب، ولم يتم توفير الطعام أو الماء بشكل منتظم".

وأضاف: "في البداية، كان يُعطى للاعبات مبلغ بسيط لشراء طعامهن بأنفسهن، لكن هذا الدعم توقف الآن، وأصبحت ظروف المعيشة صعبة للغاية".

وتابع: “حاولنا التفاوض على فسخ العقود مع النادي بسبب هذه الظروف، لكن الإدارة أخبرت اللاعبات بأنها لن توفر تذاكر العودة إلى بلدانهن في حال وقعن على اتفاق الفسخ، وضغطت عليهن لتوقيع العقد دون ضمان تذاكر الطيران، وهو ما رفضناه”.

وواصل: "فشل النادي في تقديم أي دعم أساسي أو حماية للاعبات، الصحة والسلامة للاعبات في خطر، وطلبن تصعيد الأمر إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) ووسائل الإعلام الدولية، إذ إن الوضع لا يطاق".

وأتم: "ما يحدث غير مقبول إطلاقًا لا ينبغي لأي لاعبات محترفات، ذكورًا كانوا أم إناثًا، أن يتحملن مثل هذا المعاملة، ومع ذلك تستمر الإدارة في تجاهل حقوقهن وتركهن في حالة انعدام الحماية والدعم لعدة أشهر".

وزارة الشباب والرياضة تتدخل لحل أزمة اللاعبات الأفارقة 

وأعلنت وزارة الشباب والرياضة تدخلها الفوري لحل الأزمة التي تواجهها اللاعبات الأفارقة الثلاثة بنادي بيراميدز، وذلك على خلفية ما تم تداوله عبر وسائل الإعلام بشأن المشكلات التي تتعرض لها اللاعبات.

وكشف المتحدث الرسمي للوزارة، محمد الشاذلي، أنه تم التواصل فورًا مع الإدارة التنفيذية للنادي برئاسة ممدوح عيد، للعمل على إيجاد حلول عاجلة وفورية للأزمة، مع رفع تقرير تفصيلي للوزارة يتضمن كافة الملابسات المتعلقة بالموضوع.

وأكد الشاذلي أن هذا الإجراء يأتي ضمن دور الوزارة في متابعة أعمال وشؤون الأندية الرياضية، لضمان تحقيق الاستقرار في القطاع الرياضي، والحفاظ على حقوق جميع اللاعبين، وضمان عدم تأثير هذه المشكلات على الاستثمار الرياضي في مصر.

بكاء رجب بكار

دخل رجب بكار، لاعب بيراميدز السابق، في نوبة بكاء شديدة أثناء حديثه عن تجربته مع الفريق، مؤكدًا وجود مصالح داخلية تتحكم في إدارة النادي.

وخلال ظهوره على برنامج “الماتش” عبر قناة "صدى البلد"، كشف بكار أن هناك لاعبين ظلوا في صفوف النادي السماوي لأكثر من 4 سنوات دون المشاركة الفعلية في المباريات، مشيراً إلى أن الأمور داخل النادي تخضع لمصالح غير واضحة.

وأضاف: “وقعت على عقد مع النادي، لكنه فوجئ بأن الأرقام المالية لم تكن كما توقع، وأن العقد لم يُوثق رسميًا وظل في مكتب الإدارة”

وأوضح أنه بعد ذلك لجأ إلى نصيحة زميله السابق عبدالله السعيد، لاعب الزمالك الحالي وبيراميدز سابقاً، الذي شجعه على التحدث مع المدير الفني وقتها، ديسابر، الذي كان تحت ضغط نتيجة سوء أداء الفريق.

وفي ختام حديثه، انهمرت دموع بكار، متذكراً المواقف الصعبة التي واجهها داخل النادي: “اتهموني بتدمير غرفة الملابس لدعمي لإسلام عيسى، وعندما سافرت مع الفريق إلى الإسكندرية وجدت نفسي خارج التشكيلة، وتورطت في مشادة مع المدرب المساعد الذي قال لي إنني لو كنت لاعبًا كبيرًا لما مررت بمثل هذه المواقف”.

وسط هذه الأزمات المتكررة داخل نادي بيراميدز، تتضح الحاجة الملحة لإصلاح هيكلي في إدارة الأندية المصرية، وحماية حقوق اللاعبين من جميع الفئات العمرية. 

ما شهدته أزمة بيراميدز من تجاوزات في عقود اللاعبين، ةحرمانهم من مستحقاتهم المالية، وتركهم في ظروف معيشية صعبة، يضع الضوء على أهمية تدخل اتحاد الكرة المصري لكرة القدم ووزارة الشباب والرياضة لضمان بيئة رياضية آمنة.