وزير المالية يناقض وزير المالية السابق، هل تجاوز الدين العام الحدود الآمنة؟
ديون مصر
كشف وزير المالية، أحمد كجوك، اليوم، عن تراجع معدل دين أجهزة الموازنة للناتج المحلي بأكثر من 11% خلال العامين الماضيين، مع استهداف النزول به إلى أقل من 80% بحلول يونيو 2026، في إطار خطة حكومية تهدف إلى تعزيز الانضباط المالي وتخفيف أعباء المديونية.
هذا التراجع يأتي في وقت تواجه فيه الحكومة ضغوطًا كبيرة جراء ارتفاع مستويات الدين العام، حيث بلغ الدين الخارجي نحو 161.2 مليار دولار، وفقًا لأحدث بيانات البنك المركزي المصري، فيما ارتفع الدين العام، المحلي والأجنبي 1.8% خلال الربع الثاني من العام الحالي على أساس ربع سنوي، ليصل لنحو 14.949 تريليون جنيه بنهاية يونيو الماضي، مقابل 14.686 تريليون جنيه بنهاية مارس.
ويستحوذ الدين المحلي على نحو 74% من إجمالي الدين العام، مسجلًا نحو 11.1 تريليون جنيه بنهاية يونيو 2025 بزيادة 3.5% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، بحسب بيانات وزارة التخطيط.
هل تجاوز الدين العام الحدود الآمنة؟
تصريحات وزير المالية، جاءت على نحو مغاير لما يراه خبراء اقتصاد آخرين، ذهبوا إلى تجاوز الدين العام الحدود الآمنة.
من بين هؤلاء وزير المالية الأسبق، سمير رضوان، الذي أكد أن مستويات الدين العام في مصر وصلت إلى ما يتجاوز الحدود الآمنة، إذ تستحوذ خدمة الدين وحدها على ما بين 45 و60% من إجمالي إيرادات الموازنة العامة، لافتًا إلى أن مصر تواصل سداد التزاماتها دون تأخر، لكن ذلك يفرض عليها الاقتراض الجديد لسداد الدين القديم.
وسدّد البنك المركزي المصري نحو 30.1 مليار دولار خدمة أعباء دين مستحقة على مصر خلال أول 9 أشهر من العام المالي الماضي (يوليو 2024 – مارس 2025)، تضمنت أقساطًا وفوائد، بزيادة 6.3 مليار دولار عن الفترة نفسها من العام المالي السابق، حيث توزعت المدفوعات بين 23.5 مليار دولار أقساط و6.6 مليار دولار فوائد، وفقًا لبيانات التقرير الشهري الصادر الخميس الماضي عن البنك.

وأشار التقرير ذاته إلى أن نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي بلغت نحو 44.5% بنهاية مارس 2025، مع ارتفاع إجمالي الدين الخارجي بنحو 4.54 مليار دولار خلال الربع الثاني من العام نفسه، ليصل إلى 161.23 مليار دولار مقابل 156.69 مليار دولار بنهاية الربع الأول.
وأوضح رضوان، خلال مقابلة في برنامج "كلمة أخيرة"، على فضائية “أون” أمس، أن نمط التنمية المتبع بعد ثورة 30 يونيو 2013 اعتمد بصورة كبيرة على تدفق سريع للأموال الأجنبية، ما خلق انطباعًا بإمكانية التوسع في الاقتراض من مصادر قصيرة الأجل، والمعروفة بـ"الأموال الساخنة"، التي يمكن أن تُسحب في أي لحظة كما حدث مع بداية اندلاع الأزمة الروسية - الأوكرانية.
عبء خدمة الدين
على الدرب ذاته سار أستاذ التمويل والاستثمار، عز الدين حسانين، حيث أكد أن مصر تجاوزت الحدود الآمنة للدين العام ليس فقط من حيث الحجم، بل أيضًا من حيث عبء الخدمة، الذي يمثل مؤشرًا خطيرًا على الموازنة العامة، خاصة أن أكثر من 60% من إيرادات الدولة الضريبية وغير الضريبية تذهب لسداد الفوائد والأقساط، ما يقلص قدرة الحكومة على توجيه الإنفاق للقطاعات الحيوية كالصحة والتعليم.
وأوضح حسانين لـ"تلجيراف مصر"، أن بلوغ الدين الخارجي 161.2 مليار دولار، لا يمثل مشكلة في ظل انتظام السداد، لكن المهم هو حجم الفوائد والأقساط السنوية التي تُسدد بالدولار والجنيه، وتأثيرها المباشر على عجز الموازنة.
ووفقًا لبيانات وزارة المالية، فإن عجز الموازنة سجل نحو 662.2 مليار جنيه، أي ما يعادل 3.2% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة من يوليو إلى أكتوبر من العام المالي الحالي 2025-2026، مقابل 453.2 مليار جنيه ما يعادل 2.6% من الناتج المحلي خلال الفترة ذاتها من العام السابق عليه.
الحدود الآمنة للدين
وأشار إلى أن الحدود الآمنة للدين وفق المعايير الدولية تتمثل في ألا يتجاوز الدين العام 60% من الناتج المحلي، وخدمة الدين 30% من الإيرادات، وعجز كلي أقل من 3%، لافتًا إلى أن الحكومة تتبع عدة إجراءات لخفض الدين العام، أبرزها رفع الإيرادات الضريبية، وتحسين إدارة الإنفاق، وتنويع مصادر التمويل، وتقليل الاعتماد على الخزانة الموحدة، إلى جانب الالتزام بسقف الإنفاق الاستثماري البالغ 1.2 تريليون جنيه للعام المالي الحالي.

يُشار إلى أن الإيرادات الضريبية ارتفعت بشكل ملحوظ بنحو 35% خلال الفترة من يوليو إلى أكتوبر من العام المالي الحالي 2025-2026 لتسجل 756.7 مليار جنيه، في ضوء نمو حصيلة كافة أنواع الضرائب بشكل متكامل.
وفي أحدث تقرير لها خلال أكتوبر الماضي، أوضحت وكالة “ستاندرد آند بورز” للتصنيف الائتماني أن عبء خدمة الدين في مصر لا يزال مرتفعًا بشكل كبير، مشيرة إلى أن قرار البنك المركزي المصري رفع أسعار الفائدة إلى 27.25% في مارس 2024 بالتزامن مع التحرير الكامل لسعر الصرف، أدى لزيادةٍ حادة في عوائد أذون وسندات الخزانة المحلية، ما انعكس على ارتفاع تكاليف خدمة الدين الحكومي.
وأوضحت “ستاندرد آند بورز”، أن التضخم بدأ في التراجع منذ فبراير 2025، ما أتاح للبنك المركزي بدء دورة خفض تدريجي لأسعار الفائدة اعتبارًا من أبريل 2025، تبعها خفض إضافي بمقدار 100 نقطة أساس في سبتمبر من العام نفسه.
متى تنخفض خدمة الدين؟
وتتوقع الوكالة أن تبدأ تكاليف خدمة الدين في مصر في الانخفاض بداية من عام 2027، لكنها ستظل أعلى من معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، وهو ما سيقلص من حجم التراجع المتوقع في مدفوعات الفوائد كنسبة من الناتج المحلي.

وبحسب الوكالة أيضًا، فإن قصر آجال أدوات الدين المحلية سيجعل أثر خفض الفائدة تدريجيًا، ما سيدفع عوائد الأذون والسندات إلى الانخفاض بمرور الوقت، متوقعة أن تتراجع مدفوعات الفائدة إلى الإيرادات الحكومية من 73% في عام 2025 إلى نحو 49% بحلول 2028، إلا أن هذه النسبة تظل مرتفعة مقارنة بالمستويات المثلى للاستدامة المالية.
وأكدت أن القطاع المالي المصري، الذي تهيمن عليه البنوك المملوكة للدولة، سيبقى المشتري الرئيسي لإصدارات الدين الحكومي، مستفيدًا من استمرار النمو القوي في الودائع، ما يعزز من قدرة الحكومة على تجديد واستبدال أدوات الدين قصيرة الأجل على المدى القريب.
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة
-
محافظات عطلت الدراسة غدًا وأخرى قررت استمرارها، ما هي؟
-
هل غدا إجازة رسمية في المدارس بسبب الأمطار؟، التفاصيل الكاملة
-
المغرب وعمان يتقدمان على السعودية وجزر القمر في الشوط الأول بكأس العرب
-
هل ستمطر غدًا؟، حالة الطقس الأيام المقبلة ودرجات الحرارة
-
مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 والقنوات الناقلة
-
محافظ الأقصر ينفعل على مسؤولي الطود: "قدامكم يومين وتنضف المنطقة بالكامل"
-
مواجهة نارية في الدوحة، العراق يختبر طموح الجزائر في كأس العرب 2025
-
"دمنا مش ببلاش"، حملة للسباحين لمقاطعة البطولات لحين عودة حق يوسف (خاص)
أخبار ذات صلة
"الدولي غير الدوري"، منتخب مصر لكل من هب ودب
09 ديسمبر 2025 05:23 م
القاهرة بدأت الفكرة، هل تسير المحافظات على نهج العاصمة في إيواء الكلاب الضالة؟
09 ديسمبر 2025 02:40 م
زلزال بقوة 7.2 درجة يضرب شمال اليابان.. وتحذير من تسونامي
08 ديسمبر 2025 06:11 م
عبلة كامل تحتفل بعيد ميلادها الـ 65.. استمرار في دائرة الضوء رغم الغياب
08 ديسمبر 2025 04:50 م
أكثر الكلمات انتشاراً