الصحافة وثورة يوليو.. صراع النفوذ والتأثير
 
                                الكاتب محمد توفيق
تميزت علاقة الصحافة المصرية بثورة يوليو 1952 بالتشابك والتغير، حيث شهدت فترات من التقارب والتباعد، فضلاً عن التعاون والصراع، فمنذ اللحظات الأولى للثورة، سعى الضباط الأحرار إلى تأميم الصحافة لنشر رؤيتهم الثورية، في حين سعت بعض الصحف للحفاظ على استقلاليتها.
في حواره ضمن بودكاست "المحروسة" مع الإعلامي سمير عمر عبر سكاي نيوز عربية، وصف الكاتب محمد توفيق هذه العلاقة بأنها أشبه بمباراة تنس، حيث ترددت الكرة بين المؤيدين والمعارضين، وبين السلطة والصحافة.
وأشار الكاتب محمد توفيق إلى أن العديد من الأشخاص ادعوا قربهم من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في بدايات الثورة، إلا أن هذه الادعاءات كانت غامضة وغير مؤكدة.
وأكد توفيق أن الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل كان حاضرًا في المشهد، لكنه لم يكن بنفس قوة حضوره بعد عام 1974، بالمقابل، كان كل من جميلة سليمان وإحسان عبد القدوس من المقربين لعبد الناصر، حتى أولئك الذين تم تصويرهم كأعداء له مثل مصطفى أمين كانوا يتمتعون بقرب شديد من الرئيس.
وأكد توفيق، أن إحسان عبد القدوس كان من أبرز المعبرين بقوة عن الفترة من 1952 إلى 1954، حيث كان مفجر قضية الأسلحة الفاسدة التي كانت بمثابة شرارة اندلاع ثورة 23 يوليو.
وقد كان عبد القدوس قريبًا من عبد الناصر، حيث كان يناديه بـ "جيمي" ويصحبه إلى دور السينما، مما يعكس العلاقة الودية بينهما.
مع مرور الوقت، شهد عام 1953 تحولًا في المشهد الصحفي تمثل في رغبة رموز الثورة في إحكام السيطرة على الصحافة التي تنتمي للعصر البائد، حيث تم إغلاق بعض الجرائد مثل المقطم والمصري.
وقررت فاطمة اليوسف أن ترسل خطابًا للرئيس جمال عبدالناصر تنتقد خلاله إغلاق بعض الصحف وتنادي الرئيس بتطبيق الحرية، ما دعا عبد الناصر للرد عليها.
السجال الفكري والسياسي على صفحات الجرائد استمر قبل وبعد الثورة، ففي عام 1954، تم حبس إحسان عبد القدوس لمدة 6 أشهر بعد نشره سلسلة من المقالات، وعقب خروجه تلقى مكالمة هاتفية من عبد الناصر ورد عليه حينها بـ "إزيك يا ريس" وليس باسمه كما كان المعتاد، وأدرك وقتها ما حدث واتجه من الكتابة الصحفية إلى التأليف السينمائي.
وتابع الكاتب محمد توفيق: أدركت ثورة يوليو أنها بحاجة إلى صحيفة قومية تعبر عنها، مما أدى إلى إنشاء جريدة الجمهورية، التي تولى رئاسة تحريرها الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وكان من ضمن كتابها المفكر والأديب طه حسين.
وأصبحت جريدة الجمهورية المعبر عن النظام الجديد، بينما طويت صفحات جرائد أخرى مثل المقطم والمصري في بداية عهد تأميم الصحافة المصرية.
في تلك الفترة، لم يكن هناك معارضة لفكرة تأميم الصحافة، وبرز عدد كبير من المؤيدين للفكرة، مثل مصطفى أمين وإحسان عبد القدوس ومحمد حسنين هيكل، الذي اعتبر أن تلك الإجراءات هي بمثابة إعادة تنظيم الصحافة، كما تم انتداب بعض الصحفيين للعمل كمديرين في شركات مثل "باتا" للأحذية، وآخرين للعمل بالمطار.
وأشار الكاتب محمد توفيق، إلى أن حقبة الستينات شهدت إحكام الثورة قبضتها على الصحافة وما كان بالإمكان التغريد خارج السياق أو السرب، مشيرًا إلى أن وزير الثقافة ثروت عكاشة كان لديه دفاع مستميت عن الصحافة والفن خلال اجتماعات مجلس الوزراء، وعارض بشدة قرارات وزير الداخلية بمنع عرض أفلام مثل شيء من الخوف وميرامار الذي هاجم انتهازية الاتحاد الاشتراكي.
وكان الموقف الأهم في تاريخ نقابة الصحفيين في عام 1968، عندما قرر الكاتب الصحفي أحمد بهاء الدين، نقيب الصحفيين، تأييد مظاهرات الطلبة التي خرجت بعد هزيمة 5 يونيو وأعقبها بيان 30 مارس 68، حيث جمع بهاء الدين توقيعات الصحفيين بنفسه، الأمر الذي كان كفيلًا بفقدانه منصبه كنقيب للصحفيين ورئاسته لعدد من الجرائد الحكومية في ذلك الوقت.
واختتم الكاتب محمد توفيق بالقول: “لا شك أن ملف الصحافة في عقدي الخمسينات والستينات كان من الملفات الشائكة للغاية، والتي عكست بوضوح الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي لنظام ثورة يوليو في عهد قائده جمال عبد الناصر، وقد وضعت هذه الفترة، في نظر الكثيرين، أسساً لم تتغير بشكل جذري حتى بعد رحيله”.
 
        الأكثر قراءة
- 
                استغرق تنفيذه 16 شهرًا، مسؤول إضاءة معروضات المتحف المصري الكبير يروي تفاصيل المشروع العملاق
- 
                تنبيه عاجل من كهرباء مصر العليا بشأن خدمة الشحن المسبق
- 
                موعد عرض مسلسل "ورد وشوكولاتة" وطرق المشاهدة
- 
                نجوم الفن والإعلام يضيئون حفل زفاف ابنة عزة مصطفى، صور
- 
                هل سيتم غلق الطرق غدًا بسبب افتتاح المتحف المصري الكبير؟
- 
                المستشار طاهر الخولي يعلن برنامجه الانتخابي، التعليم والصحة على رأس الأولويات
- 
                5 آلاف مصري يواصلون إرث “بناة الأهرام”، يوميات عمال المتحف المصري الكبير
- 
                فوضى المجلات الأكاديمية الوهمية.. من يسرق شرف البحث العلمي؟
 
        أخبار ذات صلة
عاشور: انضمام الجيزة للمدن الإبداعية يجسد رؤية مصر 2030
31 أكتوبر 2025 07:49 م
السيسي يستقبل نظيره الكونجولي ويبحثان ملف المياه
31 أكتوبر 2025 07:41 م
وزير الخارجية يبحث مستجدات الملف النووي مع نظيره الإيراني ومدير وكالة الطاقة الذرية
31 أكتوبر 2025 11:24 ص
سياح الغردقة يحتفلون بالهالويين وسط نسب إشغال مرتفعة (صور)
31 أكتوبر 2025 06:49 م
كبير الأثريين: تأمين شامل لكل قطعة في المتحف الكبير وملف رقمي لكل زائر
31 أكتوبر 2025 06:36 م
وزيري: المتحف الكبير يضيف يومًا جديدًا لبرامج السائحين
31 أكتوبر 2025 06:32 م
هل سجود السهو واجب إذا أخطأت في التسبيح؟.. أمين الفتوى يوضح
31 أكتوبر 2025 05:32 م
"المتحدة" تهدي ترددات نقل افتتاح المتحف المصري الكبير مجانًا لكل القنوات
31 أكتوبر 2025 05:26 م
أكثر الكلمات انتشاراً
 
                     
 
                                     
                                     
 
                                     
                                     
                                     
                                     
 
 
 
                     
                     
                     
                     
                     
                     
                     
                     
 
