خلع عباءة "التنين".. قاتل المعلمين في الكاميرون يصبح مدرس فلسفة
معلم - تعبيرية
على الرغم من ماضيه الأسود، فإنه الآن المعلم المحبوب لدى طلابه، ومن أكثر المعلمين الذين عُرفوا بمهارة تدريس الفلسفة والمنطق، لما يتمتع به من شخصية هادئة ورصينة كانت سببًا في سهولة الشرح والفهم.. هذا هو المعلم الذي كان سببًا في حرق عدة مدارس وقتل عدد من المعلمين!
صفوف “التنانين الحمراء”
المقاتل أتياسونج بيلتس تاجواه، الذي يعيش في مرتفعات الكاميرون، واحد ضمن صفوف جماعة “التنانين الحمراء”، وهي ميليشيا انفصالية تتواجد في جنوب غرب البلاد المنكوب بالصراعات، وظل يقاتل ضمن الجماعة لمدة عام ونصف تقريبًا.
انضم تاجواه إلى الحركة عام 2017، عندما كان يبلغ من العمر 23 عامًا، بعدما جاء مقاتلون محليون إلى قريته وعرضوا عليه فرصة لتحويل إحباطاته من الحكومة إلى أفعال.
احتجاجات سلمية
وشأنه شأن الكثير من الأشخاص في المناطق الناطقة باللغة الإنجليزية في الكاميرون، شعر تاجواه بالتهميش من جانب الحكومة التي يسيطر عليها السكان الناطقون بالفرنسية، وتحولت تلك التوترات التي بدأت باحتجاجات سلمية نظمها محامون ومعلمون، إلى أعمال عنف دموية منذ نحو عقد من الزمان، في أعقاب فرض الحكومة إجراءات صارمة.
أسفر النزاع من أجل استقلال المناطق الناطقة بالإنجليزية، التي أطلقت عليها الجماعات المتمردة الناشئة “أمبازونيا” عن مقتل أكثر من 6500 شخص، بالإضافة إلى نزوح أكثر من مليون آخرين.
أما عن تاجواه فكان يعيش تحت أغطية مصنوعة من البلاستيك لتحميه من الأمطار، وكان يطهو الطعام للقادة، ونفذ هجمات على أهداف عسكرية وأخرى مدنيّة، وقال وهو يشير إلى آثار جروح على رقبته وبطنه ناتجة عن تعرضه لأعيرة نارية: "لا يمكن للمرء أن ينام أبدًا وهو مغمض العينين".
الخسائر النفسية
كانت المخدرات والمشروبات الكحولية منتشرة في المخيمات، وعادة ما كانت تستخدم كآليات للتكيف مع التهديدات المستمرة بسبب نصب الكمائن أو التعرض للخيانة. وقال تاجواه، وهو يتذكر الصدمة التي تعرض لها بسبب حمله جثث أكثر من 20 من رفاقه الذين سقطوا خلال الاشتباكات “إن الخسائر النفسية كانت أكبر بكثير”.
تلك الجماعة المتمردة كانت تعتقد أن تدمير المدارس من شأنه أن يضعف من إحكام قبضة الحكومة على المنطقة، وهي استراتيجية نتج عنها ندبة عميقة على المشهد التعليمي.
وقامت الجماعة بحرق الفصول الدراسية وقتل المعلمين الذين كانوا يتحدون أوامرها، وبحسب إحصاءات مكتب منظمة الأمم المتحدة للطفولة، فقد تم تسجيل ما يقرب من 488 ألف طفل متسرب من التعليم بالمناطق المتضررة في عام 2024.
وأقر تاجواه بالقيام بدور في أعمال التدمير دون أن يشارك بتفاصيل، لكنه اعترف بالضرر الكبير الذي ألحقته استراتيجية الجماعة المتمردة بحياة عدد لا حصر له من الأفراد.
نقطة التحول
لكن جاءت نقطة التحول في حياة تاجواه، عندما فقد طفله البالغ من العمر 11 عامًا، خلال هجوم شنته قوات الحكومة على معسكره، واستسلم في أوائل عام 2019، بعدما شعر بخيبة أمل بالفعل في القيادة الانفصالية، هذا بجانب غرقه في أحزانه.
ودخل تاجواه مركزا تديره الحكومة لإعادة تأهيل المقاتلين السابقين في بويا، عاصمة منطقة جنوب غرب الكاميرون، حيث أمضى 18 شهرًا في التأمل في ماضيه، وواجه طريقًا طويلًا ووحيدًا، مع وصمة عار واسعة النطاق تعوق طريقه إلى إعادة الاندماج في المجتمع.
وعاد الكثير من المقاتلين السابقين إلى الجماعات المسلحة، بسبب إحباطهم من برنامج إعادة التأهيل، وفي عام 2021 أغلق المقاتلون السابقون الشوارع في بويا للاحتجاج، حيث اتهموا الحكومة بعدم الوفاء بوعدها بتقديم الدعم لهم.
ورغم كل ذلك، فإن تاجواه سلك مسارًا مختلفًا، فقد حصل على درجة الماجستير في الفلسفة في يوليو 2024، وقال إن التدريس هو أكثر من مجرد وظيفة، بل هو وسيلة لمواجهة الأحداث التي شهدها في الماضي، ولتحفيز الآخرين على تجنب الأخطاء التي وقع بها.
خوف الأهالي
وفي البداية، تسبب وجوده في الفصل الدراسي، في إثارة بعض المخاوف، حيث إن الأهالي افترضوا أن المقاتلين السابقين غير متعلمين كما أنهم خطر على الطلاب.
وبفضل تفانيه وانفتاحه على ماضيه، تمكن تاجواه من اكتساب ثقة طلابه وأولياء أمورهم والمجتمع الأوسع، بصورة تدريجية.
وكان قراره بتدريس المنطق والفلسفة، نابعًا من اهتمامه طويل الأمد بالتفكير النقدي والسلوك البشري، قائلًا “كنت مغرمًا بهذه الموضوعات قبل أن أصير مقاتلًا”، واليوم، يستخدمها لتحدي الطلاب للتفكير بطريقة مختلفة، وتوجيههم نحو مسار أكثر بناء.
وبعيدًا عن الفصول الدراسية، صار تاجواه مدافعًا صريحًا عن السلام، إذ يقوم باستخدام استراتيجية وسائل التواصل الاجتماعي لتوعية الأفراد بشأن مخاطر التمرد، ومشاركة صور المقاتلين الذين سقطوا، بغرض تسليط الضوء على حقائق الصراعات المسلحة.
الأكثر قراءة
-
موعد عرض مسلسل "ورد وشوكولاتة" وطرق المشاهدة
-
خفير مزلقان يضحي بحياته لإنقاذ مواطن بالمنيا
-
بعث جديد من قلب مصر.. نحن أولاد الأصول
-
24 ساعة على الهواء، كيف بث التليفزيون حدث نقل تمثال رمسيس قبل استقراره بالمتحف الكبير؟
-
المستشار طاهر الخولي يعلن برنامجه الانتخابي، التعليم والصحة على رأس الأولويات
-
فرحة مصرية بالأقصر، "يا ليلة المتحف انستينا" تتصدر مشهد الاحتفال بافتتاح المتحف المصري الكبير
-
أبو لولو السوداني يقتدي بـ"أبو لؤلؤة المجوسي"، خان الدم وقتل العهد
-
فوضى المجلات الأكاديمية الوهمية.. من يسرق شرف البحث العلمي؟
أخبار ذات صلة
حظك اليوم السبت 1 نوفمبر 2025.. مفاجآت فلكية بانتظارك
01 نوفمبر 2025 01:00 ص
"دا تنمر وقلة ذوق"، مسؤول يرد على السخرية من احتفالات المدارس بافتتاح المتحف الكبير
31 أكتوبر 2025 07:26 م
"فكرة جريئة"، عريس فرنسي يستغل بدلة زفافه لجمع تكاليف حفل الزواج
31 أكتوبر 2025 11:39 ص
حظك اليوم الجمعة 31 أكتوبر 2025، فرص جديدة
31 أكتوبر 2025 01:21 ص
رمسيس الثاني يستقبل الزوار، رحلة تمثال ملك مصر من ميت رهينة إلى المتحف الكبير
30 أكتوبر 2025 07:41 م
الهالوين، من طقوس أسطورية إلى مهرجان رعب عالمي
30 أكتوبر 2025 11:57 م
بالزي الفرعوني، ألبوم صور يوثق احتفال المدارس بافتتاح المتحف المصري الكبير
30 أكتوبر 2025 11:13 م
إبداع لا يعرف التكلف، محمد البديوي عالق في "حفرة لا تصلح للنوم"
30 أكتوبر 2025 05:23 م
أكثر الكلمات انتشاراً