ما حكم إخراج شنط رمضان من زكاة المال؟

شنط رمضان
محمد لطفي أبوعقيل
مع اقتراب شهر رمضان المبارك، يحرص الكثير من المسلمين على إخراج شنط رمضان التي تحتوي على السلع الغذائية الأساسية، دعمًا للأسر الأكثر احتياجًا.
ومع تزايد هذا النوع من المساعدات، يثار تساؤل مهم حول مدى جواز احتساب شنط رمضان من أموال الزكاة، وما إذا كانت تفي بشروط الزكاة المفروضة شرعًا.
الأصل في الزكاة
في هذا السياق قالت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمي إن الأصل في الزكاة أن تُدفع إلى الفقراء والمحتاجين مِن جنس المال الذي وجَبَت فيه الزكاةُ، فإن تأكد للمزكي أن مصلحةَ فقراء معيَّنين تكمُن في إعطائهم الزكاة في صورة سلع غذائية (شنط رمضانية) -جاز له ذلك شرعًا، على ألَّا يصير هذا السلوكُ ظاهرةً عامةً فينأى بالزكاة عن مقصدها من كفاية مستحقيها في كافة شؤون حياتهم ونفقات عيشهم.
وأضافت على أن تكون تلك السلع مما يحتاجون إليه فعلًا، لا مما يُفرض عليهم أو قد لا يكون من حاجاتهم الأصلية، خاصة وأن حاجة المستحقين للزكاة لا تنحصر في الطعام والشراب، بل يحتاجون إلى غير ذلك من الملبس والمسكن والعلاج والتعليم ودفع الفواتير وشراء الأجهزة الضرورية ونحوها.
حكم إخراج شنط رمضان من زكاة المال
وتابعت مع تقرير هذا الأصل - وجوب إخراج الزكاة من جنس المال الذي وجبَت فيه الزكاة-، إلا أن الحنفية ذهبوا إلى جواز إخراج القيمة في الزكاة، سواء كانت عينية أو نقدية، وهو قولُ الإمامين أَشْهَب وابن القاسم مِن المالكية، وروايةٌ عن الإمام أحمد، وقال به جماعةٌ مِن الصحابة، منهم: أمير المؤمنين عُمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، ومعاذ بن جبل، والحسن بن علي رضي الله عنهم أجمعين، وجماعةٌ مِن التابعين، منهم: عمر بن عبد العزيز، وطاوس، ووافقهم الإمامان الثوري والبخاري في خصوص جواز إخراج العروض إذا كانت بقيمة الزكاة. ينظر: "البناية" للإمام بدر الدين العَيْنِي الحنفي (3/ 348، ط. دار الكتب العلمية)، و"شرح متن الرسالة" للإمام ابن ناجي التَّنُوخِي المالكي (1/ 327، ط. دار الكتب العلمية)، و"الشرح الكبير" للإمام شمس الدين ابن قُدَامَة الحنبلي (2/ 524-525، ط. دار الكتاب العربي).
وأوضحت وإذا تقرر ذلك فإنه يجوز إخراج زكاة المال في صورة مواد غذائية (شنط رمضانية)، توزَّع على الفقراء والمحتاجين، وذلك بالشروط الأصلية التي يجب توافُرُها في المال المُزَكَّى -مِن بلوغ المال النصابَ، وحَوَلَان الحول، وخُلُوِّ المزكي مِن الدَّين، وكون المال فائضًا عن حاجة المُزَكِّي الأصلية ومَن يَعُول-، وكذلك الشروط التي يجب توافُرُها في المستحقين للزكاة، فلا يخرج توزيعها عن الأصناف الثمانية التي نَصَّت الآيةُ الكريمةُ على استحقاقهم إياها.
كما أن هناك شروطًا أخرى تجب مراعاتُها:
أولًا:
دقة البحث والتحري عن الفقراء والمحتاجين، وعدم التساهل في توزيعها والإعطاء منها لكلِّ أحد مِن الأقارب والجيران ونحوهم إلا إذا كانوا مستحِقِّين لها بالفعل، فحينئذٍ تكون لهم الأولوية في العطاء، مع عدم إغفال غيرهم من المحتاجين إن وُجد؛ لقول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60].
ثانيًا:
أن تكون السلعُ أو الموادُّ الغذائيةُ مما يحتاجه الفقراءُ والمساكينُ في ذلك الوقت مِن العام لا مما يُفرض عليهم أو قد يحتاجون إليه مستقبلًا لا حالًا؛ حتى لا يتحول الأمر من تحقيق النفع للفقير إلى إلزامه بما يُؤَدَّى إليه مِن تلك الأشياء، مما يلجئه لبيعها بأثمانٍ بخسة بعد أَخْذها، إما لعدم حاجته إليها، أو لاحتياجه إلى شراء أشياء أخرى غير تلك التي فُرِضَت عليه.
ثالثًا:
عدم إخراج ما قَلَّت جودتُه مِن السلع أو الرديء منها، بل لا بد مِن إخراج المناسِب منها - مما مَلَكه المزكي ابتداءً- للفقير، وهذا الأمر نِسْبِيٌّ يُحتاج فيه إلى إدراك الواقع، وعملِ ما يسمى بـ"البحث الاجتماعي" للمستحقين، وأن تكون هذه السلع بحيث يرتضيها لنفسه لو بَقِيَت عنده ولم يخرجها.
رابعًا:
يراعى عند تقويم السلع أن يكون هذا التقويم بالسعر المعتاد الذي تساويه لو تَخَلَّى عنها المزكي لغيره بالبيع مِن غير هدفٍ إلى الربح؛ لأن "مقصود الزكاة إفادة المستحقين لا الاستفادة منهم"، كما في "أسنى المطالب" لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري (1/ 344، ط. دار الكتاب الإسلامي).
خامسًا:
ألَّا يُحصر إخراج الزكاة قيمة في هيئة مواد غذائية أو شنط رمضانية بحيث يصير ظاهرةً عامة؛ لما قد يترتب على ذلك مِن حرمان المستحقين للزكاة مِن توفير ما يحتاجون إليه في وجوه النفقة الأخرى مِن نحو علاجٍ وتعليمٍ وغيرها، بالإضافة إلى أن هناك مصارف أخرى للزكاة ينبغي أن تُوَفَّى وتكون في الحسبان كمصرف الغارمين وغيره.
ويضاف إلى ذلك ألَّا يكون غرضُ المزكي مجردَ الشُّهرة والسُّمعة وإظهار فَضْله على الفقراء، خاصة ما قد يفعله بعضُ الناس مِن جَمْع الفقراء أمام منازلهم وإعطائهم تلك الشنط بصورة مُهِينَة وغير آدمية؛ فإن مثل هذا يُنافي ما قرره الشرعُ مِن إيصال مال الزكاة إلى بيت الفقير أو المحتاج وإكرامه لا إذلاله.
ومِن ثَمَّ فإن لم تتحقق هذه الشروطُ التي بيَّنَّاها ونحوُها مما يُتَوَصَّلُ به إلى مصلحة الفقراء والمساكين والمستحقين للزكاة مِن باقي مصارفها ويعودُ عليهم بالنفع، فإنهم يُعطَون الزكاة مالًا، بحيث يكون لهم حرية التصرف فيها بما يرونه يُحقِّقُ مَصالحَهم التي هم أعلم بها مِن غيرهم؛ لأن جواز إخراج الزكاة بالقيمة منوط بمصلحة مستحقيها.
إخراج شنط رمضان من زكاة المال
نصحت دار الإفتاء المصرية الناس: أن يقوموا بأداء زكاة المال مالًا نقديًّا كما هو الأصل حتى ينتفع به الفقير في حاجاته المختلفة المتنوعة التي لا تنحصر في الطعام والشراب، وتختلف من فقير لآخر، وهذا لا ينافي إخراج جزء من الزكاة في صورة شنط رمضانية على ما ذكرناه بشروطه كما سبق بيانه.

الأكثر قراءة
-
الأزهر يعلن حاجته لمعلمين بالحصة لعام 2026.. إليك الشروط
-
93.12 % للطب البشري.. تنسيق المرحلة الأولى للقبول بالجامعات والمعاهد
-
رحلة إلى الطبيب تنتهي بكارثة.. وفاة 4 من أسرة واحدة تحت عجلات القطار بجرجا
-
الخانكة التخصصي ينقذ حياة حديثة الولادة توقّف قلبها
-
ملايين الكورة مش مكفياهم.. "سبوبة التيك توك" تزغلل عيون نجوم الدوري
-
مباراة الأهلي اليوم مباشر والقنوات الناقلة
-
بعد إعلان التنسيق.. أماكن شاغرة لطلاب الشعبة الأدبية بالجامعات
-
“كبس وابعت أسد”.. كيف صنعت هدايا "التيك توك" البلوجرز؟

أخبار ذات صلة
أقسام كلية آداب جامعة المنصورة 2025.. كل ما تريد معرفته
03 أغسطس 2025 08:57 م
فتح باب التقديم للمدارس المصرية الألمانية.. رابط مباشر
03 أغسطس 2025 08:26 م
وزير الخارجية: 70% من مساعدات غزة بتمويل مصري
03 أغسطس 2025 08:21 م
خريطة نتنياهو الأحدث.. الديهي يكشف 7 مخططات لتقسيم الشرق الأوسط
03 أغسطس 2025 07:59 م
أقسام ألسن الفيوم 2025.. اعرفها بالتفاصيل
03 أغسطس 2025 07:42 م
وزير الدفاع يلتقي مقاتلي الجيش الثاني الميداني وكلية الضباط الاحتياط
03 أغسطس 2025 07:29 م
فنادق الغردقة تحتفل باليوم العالمي للبطيخ بـ 2 طن (صور)
03 أغسطس 2025 07:23 م
تنسيق كلية آداب من أدبي 2025.. انتظام وانتساب
03 أغسطس 2025 07:23 م
أكثر الكلمات انتشاراً