الأربعاء، 30 أبريل 2025

12:34 م

لا تفرّغوا المراكز الطبية المتخصصة من إنسانيتها

ليس سهلًا أن تُبنى قصة نجاح في ميدان الصحة. ولا يُولد كل يوم مشروع يشبه المراكز الطبية المتخصصة. فكرة خرجت من قلب رجل آمن بأن المصريين يستحقون خدمة صحية دقيقة، ومتخصصة، وكريمة. 

الوزير الدكتور إسماعيل سلام لم يكن يحلم وحده، بل زرع حلمه في لائحة دقيقة، ومجالس إدارة مسؤولة، وأيادٍ تعمل ليل نهار كي ترتقي بالخدمة إلى ما يليق بكرامة الإنسان. مجالس الإدارة، بتشكيلها المتكامل، لم تكن مجرد هيكل تنظيمي، كانت روحًا تنبض في كل مركز، تضمن الانضباط، والمحاسبة، وتُعلي من قيمة العمل الجماعي. 

واليوم، وكاتب هذه السطور يري تسارع خطوات إصدار قانون جديد ينزع عن هذه المراكز أهم مقومات قوتها – باستبدال مجلس الإدارة بلجنة بلا معالم ولا مسؤوليات واضحة– لا يمكننا إلا أن نشعر بالقلق، بل بالحزن. 

تاريخ طويل من الانضباط يُغتال تحت شعار "التطوير"؟، أي تطوير يُضعف البنيان ويذيب ملامح النجاح؟ لا خلاف على أن التغيير سنة الحياة، نعم، لكن التفريط في مكاسب تحققت بالجهد والإخلاص خطيئة لن يغفرها التاريخ. لا نريد لمراكزنا المتخصصة التي يُعالج فيها خلق كثير من العامة والبسطاء، أن تتحول إلى مبانٍ جميلة بلا روح، إلى أسماء لامعة تخفي خلفها ترهلاً إدارياً وعشوائية قاتلة. 

لا نريد أن نُسلّم أجيالنا القادمة مؤسسات مفرغة من القيم الإدارية والإنسانية التي حلم بها من أسسوها، وحاولوا تطبيقها على أرض الواقع. يقول صوت القلب والعقل معًا، لا تهدموا ما بُني بالعرق والحلم. لا تجهضوا روح المراكز الطبية المتخصصة في لحظة غفلة أو اندفاع. التاريخ سيسجّل يومًا من وقف يحمي هذه المؤسسات، ومن مرّ عليها مرور العابرين. فمن تختارون أن تكونوا؟

search