الأحد، 18 مايو 2025

10:34 م

بعد عام استثنائي.. كيف تتأثر ربحية البنوك بخفض الفائدة؟

بنوك مصرية

بنوك مصرية

شهدت أرباح البنوك، نموا معتدلا خلال الربع الأول من العام الحالي، بعد عام استثنائي ضاعفت فيه مكاسبها تزامنا مع رفع البنك المركزي المصري للفائدة إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، لكن هل تواصل تعزيز ربحيتها فيما تبقى من عام 2025 الذي سطر بداية لعودة سياسات التيسير النقدي لأول مرة منذ نوفمبر 2020. 

وقال الخبير المصرفي، الدكتور محمد بدرة، إن البنوك بالفعل بدأت منذ العام الماضي التحوط ضد أي تداعيات محتملة لخفض أسعار الفائدة، وذلك عبر التركيز على استثمار أموالها في السندات الحكومية ذات الآجال الطويلة بدلًا من أذون الخزانة قصيرة الأجل، وهذا الاتجاه لا يزال مستمرًا. 

ربحية البنوك وخفض الفائدة

وأضاف بدرة لـ"تليجراف مصر" أن البنوك كان لديها توقع بأن البنك المركزي سيخفض الفائدة خلال 2025، لذا قامت بالتحوط ضد أي تأثير سلبي لهذه الخطوة، وذلك عبر خفض الفائدة على بعض الأوعية الإدخارية، كما قامت منذ العام الماضي بالتركيز على استثمار أموالها في سندات الخزانة بآجال تبدأ من ثلاث سنوات فأكتر أو في قروض التجزئة المصرفية كون فائدتها لا يتم إعادة النظر فيها عندما ينخفض سعر الكوريدور (سعر الفائدة الأساسي الذي يحدده البنك المركزي). 

تابع: بالتالي ربحية البنوك تزيد أيضا عندما تنخفض أسعار الفائدة بشرط أن تكون أموالها موظفة وفق آجال طويلة، أما البنوك التي ستتأثر بوضوح بخفض الفائدة هي تلك الأكثر انكشافا على القروض قصيرة الأجل أو على قروض المؤسسات أو الشركات الكبيرة، إذ يتم تمرير خفض الفائدة للفوائد المفروضة على قروضها.  

خفض البنك المركزي المصري، أسعار الفائدة في اجتماع أبريل بواقع 225 نقطة أساس لأول مرة منذ نوفمبر 2020، وحاليا يترقب القطاع المصرفي خطوة المركزي القادمة في اجتماع الخميس المقبل وسط انقسام في الآراء بشأن نتائج الاجتماع، إذ يرى فريق من المحللين استطلعت آرائهم شبكة "سي إن بي سي" هذا الأسبوع أن المركزي سيواصل خفض الفائدة نظرا للحاجة إلى تحفيز الاقتصاد وتراجع مخاطر الحرب التجارية عالميًا.

فيما يرى فريق آخر، أن البنك المركزي سيثبت الفائدة نظرا لعودة التضخم للارتفاع في أبريل وحاجته لمراقبة تأثير خفض الفائدة على السوق المحلية، وكذلك لمراقبة تأثير قرار تحريك أسعار الوقود الشهر الماضي. 

هل تمول البنوك الحكومة؟ 

تتوقع موازنة العام المالي الجديد أن يتراجع متوسط الفائدة على الأذون والسندات إلى 16% نزولًا من 25% في موازنة العام المالي الحالي، وفقا للدكتور محمد بدرة، هذا التراجع في تقديرات الحكومة لسعر الفائدة على أدوات الدين يعد بمثابة مؤشر للبنوك لمسار السياسة النقدية خلال الفترة المقبلة الأمر الذي يجعلها أكثر إقبالًا على الاستثمار في السندات طويلة الأجل للحفاظ على ربحيتها من سعر الفائدة المرتفع. 

من جانبه، أوضح رئيس قسم البحوث بشركة "عربية أون لاين"، مصطفى شفيع، أن البنك المركزي رفع الفائدة العام الماضي بواقع 8% لتسجل أعلى مستوياتها على الإطلاق الأمر الذي ارتفعت معه الفائدة المتغيرة على قروض الشركات التي تتجاوز أرباحها 200 أو 250 مليون جنيه وبالتالي انعكس هذا على البنوك بمزيد من الأرباح، إذ تشكل الفوائد نحو 90% من مواردها المالية.  

وأضاف أن البنوك أيضًا استفادت من ارتفاع أسعار الفائدة من خلال الاستثمار في أدوات الدين الحكومية إذ وصل العائد عليها إلى 30% تزامنا مع ارتفاع أسعار الفائدة الأساسية.

ارتفاع حجم استثمارات البنوك في أدوات الدين الحكومية جعلها محل انتقاد قبل يومين من الخبير الاقتصادي هاني توفيق الذي انتقد البنوك في منشور عبر صفحته على فيسبوك، مؤكدًا أن أرباحها المليارية ناتجة عن تسليف أموال العملاء للدولة، لا عن تمويل مشروعات إنتاجية، الأمر الذي دفع عددًا من رؤساء البنوك والخبراء لتفنيد رأيه والرد عليه، وقال الخبير المصرفي الدكتور أحمد شوقي في منشور عبر صفحته إن محفظة الأوراق المالية واستثمارات أذون الخزانة في البنوك بلغت 6.66 تريليون جنيه بنهاية 2024، فيما سجلت محفظة التمويلات لدى البنوك 8.38 تريليون جنيه منها 4.08 تريليون جنيه تمويلات موجهة إلى القطاع خاص لتمويل مشروعات ومصانع وأنشطة تصديرية. 

عام استثنائي  

أشار مصطفى شفيع، إلى أن البنك المركزي نيابة عن وزارة المالية اتجه خلال الفترة الأخيرة لخفض العائد على السندات وخلال الأسبوع الماضي، نظم عطاء لجمع 12 مليار جنيه إلا أنه لم يقبل سوى عروض شراء بقرابة 2 مليار جنيه فقط نظرا لارتفاع العائد المطلوب من البنوك والمستثمرين عموما عن المستوى المستهدف من وزارة المالية. 

وأضاف أن عام 2024 كان عاما استثنائيا شهد رفعا لأسعار الفائدة خلال الربع الأول بمقدار 800 نقطة أساس وهو ما أنعكس على القطاع المصرفي بأرباح قوية في حالة البنك التجاري الدولي على سبيل المثال شهدنا قفزات واضحة في الأرباح، لكن مع إعلان نتائج الربع الأول من العام الحالي شهدنا عودة إلى معدلات النمو الطبيعية، ومن المتوقع أن نرى تباطؤ نسبيًا في معدلات نمو أرباح البنوك نتيجة لخفض الفائدة. 

خلال 2024، قفز صافي أرباح البنك التجاري الدولي، أكبر بنك خاص في مصر، نحو 92.7% ليتجاوز عتبة الـ55 مليار جنيه، فيما نما خلال الربع الأول من العام الحالي بنحو 39.4% بعد أن سجلت خلال الربع الأول من 2024 نموا بقرابة 97%، وفقا لبيانات البنك المركزي ارتفع صافي أرباح أكبر 10 بنوك عاملة في السوق المصرية خلال العام الماضي بأكثر من 98% إلى 420.5 مليار جنيه من 212.3 مليار جنيه خلال 2023.

توقعات خفض الفائدة 

توقع شفيع، أن يخفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة طوال العام الحالي بما يتراوح بين 400 و600 نقطة أساس، موضحا أن الخفض حتى بمقدار 100 نقطة يفرق في حالة قروض الشركات الكبرى ضاربا مثال بشركة حديد عز خفض الفائدة 1% يحقق وفرا لها بما يتراوح بين 50 و100 مليون جنيه. 

واعتبر أن البنوك كما استفادت من بيئة التشديد النقدي من المتوقع أن تستفيد أيضا من التيسير النقدي، وفي كلا الحالتين الأمر مرهون بوتيرة الرفع أو الخفض، مرجحا أن يظهر أثر خفض الفائدة على أرباح القطاع بوضوح اعتبارًا من الربع الثالث وحتى نهاية العام. 

وأضاف أن البنوك تستفيد من ارتفاع أسعار الفائدة لكن عند مدى معين تنقلب هذه الاستفادة إلى العكس، الآن ومع بدء دورة خفض الفائدة فمن الطبيعي أن نرى نموًا في الطلب على الإقراض من قبل عملاء البنوك وبالتالي سيعوض هذا النمو وما يترتب عليه من نمو في العمولات والرسوم، التباطؤ المتوقع في أرباح البنوك نتيجة لتراجع عوائد أدوات الدين الحكومية وارتفاع الفوائد عمومًا. 

فيما اعتبر الخبير المصرفي الدكتور فهد جاهين خفض الفائدة خطوة إيجابية ستعود بالنفع على غالبية القطاعات إذ ستحفز النمو الاقتصادي والاستثمار ومن جهة أخرى ستبدي البنوك مرونة واضحة أمام هذا الخفض وستواصل الحفاظ على ربحيتها نتيجة للزيادة المتوقعة في نشاط الإقراض.

وتوقعت وكالة فيتش في تقرير حديث أن تتأثر إيرادات البنوك المصرية خلال 2025 و2026 بخفض أسعار الفائدة إلا أن القطاع سيواصل تسجيل نمو في صافي الأرباح بما لا يقل 30% في 2025، وسيبدي مرونة نتيجة  لتوجه البنوك خلال الفترة الماضية للاستثمار في سندات الخزانة ذات العائد المرتفع للتخفيف من أثر خفض الفائدة.

وأكدت فيتش، أن القطاع المصرفي المصري يتمتع بنظرة مستقبلية إيجابية خلال العام الحالي، متفوقا بذلك على نظرائه في منطقة الشرق الأوسط.

search