غزة المنكوبة.. دمار في الشمال ونزوح إلى الجنوب

رفقة الجوع والعراء، حزمت عائلات في قطاع غزة أمتعتها وفرت قسرًا إلى جنوب القطاع، هربًا من القصف الإسرائيلي المكثّف على الشمال، الذي خلف دمارًا هائلًا.

ويقدر عدد النازحين الفلسطينيين نحو جنوب قطاع غزة إلى ما يقارب 1.9 مليون، أي 85% من إجمالي سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة بلا طعام أو ماء أو مأوى، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.

18 ألف شهيد

ومع دخول الحرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية شهرها الثالث، استشهد ما لا يقل عن 18.700 فلسطيني في قطاع غزة، حوالي 70% منهم من النساء والأطفال، وأصيب أكثر من 51.000 شخص، وفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

ومن بين الشهداء أكثر من 300 من الكوادر العاملة في القطاع الصحي، و86 من الصحفيين، و32 من طواقم الدفاع المدني، و135 من موظفي أونروا. 

14 ملجأ و68 ألف نازح

وبحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، فإن هناك ما لا يقل عن 14 ملجأ حكوميًا وأمميًا داخل منطقة الإخلاء الجديدة، التي أعلنت عنها قوات الاحتلال الإسرائيلية يوم السبت الماضي. 

وسجلت الملاجئ في القطاع أكثر من 68 ألف نازح، ويعيش حوالي 1.4 مليون فلسطيني داخل أو خارج مدارس غزة ومراكزها الطبية ومساجدها وكنائسها. 

ويُعتقد أن الباقين –ما يصل إلى نصف مليون شخص– يقيمون مع أقاربهم وحتى الغرباء، وغالباً ما ينامون في الخارج في الساحات أو متكدسين في شقق صغيرة.

فرار إلى الجنوب

وفر أغلب النازحين إلى جنوب غزة، بعد أن دمرت غارات الاحتلال الإسرائيلي جزءا كبيرا من الشمال، مما جعله غير صالح للعيش.

وتشير التقديرات إلى أن عشرات الآلاف ما زالوا في الشمال، بما في ذلك العديد من الأشخاص غير القادرين على السفر، مثل المرضى والمعاقين.

وقالت منظمات إنسانية إن الملاجئ، ليست محمية من القتال، حيث قُتل ما يقدر بنحو 191 شخصا في الملاجئ وأصيب 798 آخرين، بحسب الأمم المتحدة.

وتضررت العديد من المدارس التي تؤوي النازحين منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر الماضي.

ووفقاً لمرصد اليونيسف، تعرضت ما لا يقل عن 28 مدرسة حكومية تعمل كملاجئ لأضرار جسيمة في منطقتي شمال غزة وغزة، مما جعلها غير صالحة للاستخدام، كما تعرضت 122 مدرسة أخرى في جميع أنحاء القطاع لأضرار متوسطة أو طفيفة.

ملاجئ مكدسة

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن معظم ملاجئها تتحمل الآن أربعة أضعاف طاقتها الاستيعابية، على الأقل، وغير قادرة على استيعاب المزيد.

وارتفع عدد سكان الملاجئ في قطاع غزة منذ بداية الحرب، وخاصة في المناطق الوسطى والجنوبية من دير البلح وخان يونس ورفح، وهي المناطق التي طلبت القوات الإسرائيلية من الفلسطينيين إخلائها.

وتساهم الأماكن القريبة ومحدودية الوصول إلى المياه الصالحة للشرب والحمامات في انتشار الأمرض، وخاصة مع دخول فصل الشتاء، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية. 

وأبلغت المنظمة عن آلاف حالات التهابات الجهاز التنفسي الحادة والإسهال والطفح الجلدي في غزة في المتوسط ​​كل يوم.

وخلال وقف إطلاق النار الذي استمر سبعة أيام، غادر بعض الأشخاص الملاجئ مؤقتًا للعودة إلى منازلهم لتقصي الأضرار، حتى أن بعض النازحين في الجنوب حاولوا العودة إلى الشمال، بحسب الأمم المتحدة.

ومع استمرار القتال في قطاع غزة، قالت الأمم المتحدة، إن سلامة النازحين غير مؤكدة، ويضطر الناس مرة أخرى للانتقال إلى مواقع جديدة.

ويشير تحليل الأقمار الصناعية الذي أجراه باحثون في مركز الدراسات العليا بجامعة مدينة نيويورك وجامعة ولاية أوريجون، إلى أن ما بين 26% إلى 34% من جميع الهياكل في القطاع تضررت اعتبارا من 29 نوفمبر. 

القطاع الصحي

في الوقت الحالي، هناك 11 مستشفى فقط من أصل 36 مستشفى في قطاع غزة تعمل بشكل جزئي وقادرة على قبول مرضى جدد، على الرغم من محدودية الخدمات. 

ويوجد مستشفى واحد فقط من هذه المستشفيات في شمال غزة، بحسب منظمة الصحة العالمية. 

ويعمل المستشفيان الرئيسيان في جنوب غزة بثلاثة أضعاف طاقتهما السريرية، في حين يواجهان نقصا حادا في الإمدادات الأساسية والوقود. 

وتبلغ معدلات الإشغال الآن 206 في أقسام المرضى الداخليين و250% في وحدات العناية المركزة بالإضافة إلى ذلك توفر هذه المستشفيات المأوى لآلاف النازحين داخليا. 

 نزوح قسري

في 13 ديسمبر 2023، خصص جيش الاحتلال الإسرائيلي منطقة إضافية جنوب غرب مدينة خان يونس، تبلغ مساحتها حوالي 1.4 كيلومتر مربع، للإخلاء الفوري، وكانت هذه المنطقة موطنا لحوالي 37,000 ساكن وما يقدر بنحو 5,000 نازح داخليا لجأوا إلى ثلاثة مراكز إيواء مخصصة للطوارئ في أكتوبر 2023.

وصدرت أوامر إخلاء مماثلة في الأيام السابقة لمنطقة كبيرة شرق خان يونس. وتشكل هذه المناطق مجتمعة في محافظة خان يونس حوالي 22% من قطاع غزة.

واعتبارًا من 12 ديسمبر -وفقا للأونروا- يقدر عدد النازحين قسرا بأكثر من 1.9 مليون شخص في غزة، وتم تسجيل ما يقرب من 1.2 مليون من هؤلاء النازحين في 154 منشأة تابعة للأونروا في جميع أنحاء قطاع غزة، ومن بينهم حوالي مليون مسجل في 94 مركز إيواء للأونروا في الجنوب. 

وفي المتوسط، تستضيف مركز إيواء الأونروا في المناطق الوسطى والجنوبية حالياً تسعة أضعاف العدد المخطط له من النازحين. 

ويعد الحصول على إحصاء دقيق أمرًا صعبا، بما في ذلك تتبع النازحين المقيمين مع العائلات المضيفة، وحركة النازحين بعد أوامر الإخلاء منذ 1 ديسمبر، وإخلاء خمسة مراكز إيواء تابعة للأونروا في شرق خان يونس في 6 ديسمبر. 

ومنذ الأول من ديسمبر تم تحديد مناطق مختلفة تشكل حوالي 30% من قطاع غزة للتهجير القسري من قبل الاحتلال الإسرائيلي. 

مشكلة الصرف الصحي

وفي 8 ديسمبر أبلغت بلدية غزة عن تدفق مياه الصرف الصحي في الشوارع، حيث توقفت محطات الضخ عن العمل بسبب نقص الوقود، كما توقفت جميع آبار المياه تقريبا عن العمل لنفس الأسباب.

وتواجه الفئات الضعيفة ظروف إيواء صعبة، بما في ذلك الأشخاص ذوو الإعاقة، والنساء الحوامل والمرضعات والأفراد الذين يتعافون من الإصابات أو العمليات الجراحية، وأولئك الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة. 

مباني مدمرة 

لا تتوفر أرقام دقيقة للمباني المدمرة بسبب القصف الإسرائيلي المستمر. 

وتشير آخر التحديثات إلى تدمير أكثر من %60 (ما يقرب من 280 ألفا) من الوحدات السكنية، مما يؤدي إلى تفاقم نقاط الضعف الصحية.