السبت، 24 مايو 2025

08:30 ص

فتحي حسين
A A

متى تعود الحقوق لأصحابها؟.. صحفيو "العمال" نموذجا!

في زمن تُهدر فيه الكرامة كما يُهدر الحبر على الورق، وفي بلد يُحتفى فيه بعيد العمال بينما يُهان العامل في رزقه، لا يسعنا إلا أن نقرأ الفاتحة على مفهوم "العدالة" الذي صار حبرًا على بيان رسمي يُقرأ من فوق المنصات العالية، بينما يُداس على الأرض تحت أقدام "الرفاق".

صحفيو جريدة "العمال"، التابعة للاتحاد العام لنقابات عمال مصر، لم يطلبوا القصور ولا امتيازات الدولة العميقة. لم يطلبوا حتى بدلات سفر إلى جنيف أو مكافآت لجلسات لا تُعقد من الأساس، هم فقط طالبوا بأن يُعاملوا مثل زملائهم في الإدارة، أولئك الذين طالتهم الزيادات وارتفعت رواتبهم بنسبة 30% وربما أكثر، دون أن تطالهم لعنة البحث عن المعلومة أو ركض وراء التحقيقات الصحفية. فهل باتت العدالة في  الاتحاد على المقاس أو حسب المزاج والأهواء ؟!

ما جرى لم يكن صدمة بل تكرارًا لمشهد ملّته العيون. رئيس الاتحاد، الذي يتصدر صور الاحتفالات ويُوزع الابتسامات على المنصات، أغلق بابه دون أن يفتح أذنه. وعد الصحفيين بلقاء بعد عيد العمال، لكنه بعد أن انتهي الاحتفال طوى الوعد كما تُطوى الصحف القديمة، وترك الزملاء يواجهون التجاهل كما لو أنهم "هواء مكيف" في صالة مهجورة.

الصحفيون تحركوا، كما يجب أن يتحرك كل من ظُلم. وقفوا سلميا ليُعلنوا رفضهم للتمييز الصارخ، تمييز ليس بين صحفي وإداري، بل بين صحفي وصحفي! أربعة فقط طالتهم بركات الزيادة، وكأنها "صك غفران" مُنح لمن رضي عنهم رئيس الاتحاد، أما البقية فمصيرهم الانتظار على رصيف الإهمال.
المفارقة أن نقابة الصحفيين، التي يُفترض أن تكون صوت الصحفيين في مثل هذه القضايا، حضرت بجزءٍ منها ممثلًا في الزميلين عبد الرؤوف خليفة وهشام يونس، للمؤازرة، ولكن ماذا بعد؟! هل يكفي التضامن الوجداني إذا غابت المواجهة الحقيقية؟ هل يكفي أن نحزن على رواتب لم تتحرك منذ سنوات بينما الحكومة تُعلن كل شهرين عن حد أدنى جديد للأجور لا يدخل أبواب الاتحاد؟!
لسان حال صحفيي العمال يقول بأن بعضهم  قضى أكثر من 23 سنة وراتبهم خمسة آلاف وكسور بسيطة، وهو مبلغ لا يكفي للعيش علي الاطلاق، نحن نطالب بتطبيق العدالة فقط لكي يستطيع العيش الآدمي ولا نطالب برفاهية ورغد العيش، خاصة أن اتحاد العمال هو الجهة التي من المفترض تكون حريصة علي حقوق العمال وكل مواطن يعمل في أي مهنة ويتقاضي راتب هو عامل، فـ أين دور الاتحاد في نيل حقوقنا!
العجيب أن أعضاء اتحاد العمال، شركاء الدولة في المجلس القومي للأجور، لم يجدوا وقتًا لتطبيق ما يُشاركون في صناعته داخل المجلس، على موظفيهم! فهل نلوم الدولة أم نلوم هؤلاء الذين صارت نقاباتهم صورة باهتة من زمن العمالقة؟
الأسئلة كثيرة. والغصة أكبر. متى يعود الحق لأهله؟ متى يُعامل الصحفي كإنسان؟ متى نرى اتحادًا لا يميز بين أبنائه؟!

search