سقطة الطفولة كسرت "شقاوة" سعاد حسني.. السجل المرضي الكامل
الكاتب الصحفي محمود مطر
من شاهد "الراعى والنساء" لا بد أنه أدرك أن السندريلا كانت تعاني المرض، وأن الألم والتعب كانا أكبر من قدرتها على التحمل.. بدت حزينة ومكتئبة ومنكسرة، بدا أن جبلًا من الحزن كان يجثم فوق صدرها، لأن جيشًا من الألم كان قد استوطن ظهرها لا يريد أن يفارقه.
التهاب العصب السابع
وقد جدّ جديد على جبهة المرض، فقد دخل عدو آخر إلى ساحة المعركة التي خسرتها السندريلا في النهاية.. وهو التهاب فيروسي أصاب العصب السابع في وجهها.. ومن لطف الله أنه لم يكن حادًا لكنه كان من النوع المتوسط.. وقد أهملته السندريلا ولم تسرع بعلاجه إلا عندما شعرت بصعوبة تحريك عضلات الوجه عند الضحك أو الأكل.
ذهبت سعاد حسني إلى طبيب أعصاب وتناولت العلاج اللازم، ونصحها بضرورة متابعة جلسات العلاج الطبيعي التي أجرتها على يد الطبيب النابغة الدكتور عبدالحميد كابش الذي تلقت على يديه كورس علاج طبيعي ساعدها على الشفاء بنسبة كبيرة.
متاعب في الكلى والأسنان واللثة
لكن جدّ جديد ثالث على جبهة المرض الثقيل.. ارتفاع في ضغط الدم مع متاعب في الكلى.. ثم تعب في الأسنان وتآكل في اللثة.. وكل هذه المتاعب المستجدة كان يمكن للسندريلا أن تتعامل معها طبيًا بشكل يجعل شفاءها منها سريعًا، لكن المشكلة الكبرى التي كانت كالسحر الأسود تجسدت تمامًا في آلام الظهر وخطورتها.
الظهور الأخير على الشاشة
فازت سعاد عن دورها في "الراعي والنساء" بجائزة خاصة من مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي، وكان تسلُّم السندريلا لجائزتها من المهرجان، ثم ظهورها بعد ذلك في برنامج “زووم” مع سلمى الشماع على شاشة التلفزيون المصري، هو آخر ظهور فعلي لها في الأوساط الفنية.
وغنى عن القول أن سعاد قبلت بطولة الفيلم على الرغم من المرض والألم الشديد إكرامًا لزوجها السابق المخرج علي بدرخان، ولم تنتظر السندريلا أن تتقاضى أجرًا عن بطولتها للعمل الأخير في مسيرتها الفنية، وتحملت مشاق السفر والتصوير في محافظة الفيوم، حيث صوّرت أغلب مشاهد الفيلم هناك.
معاناة السندريلا في آخر أفلامها
وفي كواليس الفيلم الأخير للسندريلا لاحظ فريق العمل كم المعاناة والتعب الذي لازم سعاد، وبعدها بسنوات قالت يسرا التي شاركت سعاد وأحمد زكي بطولة الفيلم إنها شعرت أن سعاد ربما لا تستطيع تحمل مشاق العمل مرة أخرى. وبعد “الراعي والنساء” اختفت سعاد حسني عن الأنظار، ولم يكن أحد يدرك إلا قليلين جدًا حجم الألم الذي كان يهاجمها في ظهرها.

إصابة بالعمود الفقري
وما لا يعرفه الكثيرون أن سعاد وهي طفلة صغيرة سقطت من على سلم منزلهم وأُصيبت في عمودها الفقري ونقلها والدها محمد حسني البابا إلى المستشفى وتلقت العلاج اللازم وشفيت سريعًا لصغر سنها، لكن هذا الحادث ترك أثرًا لم تدركه الطفلة الصغيرة ولا أسرتها.. أثرًا لم تفطن إليه ولم تلاحظه سعاد حينما كبرت وأصبحت نجمة سينمائية شهيرة تعشق إلى جانب التمثيل فن الرقص والاستعراض وتتقنه وتجيده وتتميز به، بل تبرع فيه، حيث مثلّت مجموعة أفلام مثل “صغيرة على الحب” و"فتاة الاستعرض" و"خللي بالك من زوزو" و"أميرة حبي أنا" كانت تتطلب كثيرًا من الحركات الصعبة التي وضح فيما بعد أنها - وبمرور الزمن- بدأت تؤثر تأثيرًا قويًا على عمودها الفقري لتُدخلها في النهاية إلى دوامة المرض والألم.
اختفت سعاد عن الأضواء تمامًا في بداية التسعينيات بعد عرض “الراعي والنساء” ورفضت أكثر من عمل سينمائي عُرِض عليها لعل أبرزها فيلم “ليلة ساخنة” الذي أخرجه عاطف الطيب، فقد عُرض السيناريو على السندريلا فأعجبها ورحبت به، وكانت ترغب بالفعل في العمل مع عاطف الطيب، لكنها في الوقت ذاته شرحت للطيب ظروفها المرضية، وأن بدء التصوير قد يتأخر ثلاثة أو أربعة أشهر لكي تستطيع أن تقف ببعض لياقتها الصحية أمام الكاميرا.
ومن الوارد أن يكون عاطف الطيب غضب من السندريلا, واعتقد أنها لا تريد العمل معه، وربما لو عرف كم المعاناة التي عانتها في تصوير “الراعي والنساء” ومدى الوقت وتعدُّد وسائل الراحة التي وفرها علي بدرخان لسعاد كي تنجز العمل لالتمس لها عذرًا..
السندريلا تواجه عدوًا خطيرًا
وتحدّث كثير من النقاد عن اختفائها دون أن يدركوا أنها كانت في ساحة المعركة الأصعب في حياتها تواجه عدوًا خطيرًا لا قبل لها بمواجهته... معركة خسرتها سعاد في النهاية لأنه كان لا بد أن تخسرها، ولن أنسى تلك الكلمات القاتلة الممزوجة بمرارة وحزن عميقين حين تحدثت معي سعاد بعد أن أصبحت واحدًا من قلائل تثق بهم وتفضي لهم بمتاعبها، وقد قررت وقتها في يونيو عام 1997 أن تحزم أمرها وأن تسافر إلى لندن للعلاج.
عدوها الوحيد في الدنيا
سألتها وقتذاك عن قرارها بالسفر، ولماذا اتخذت هذا القرار، وكيف ستعيش في الغربة، ولماذا لا تكمل علاجها في مصر، وقد بدأت صحتها تتحسن نسبيًا، وهل تستطيع تحمل صقيع الحياة وبرودة البشر والحجر في إنجلترا؟ يومها قالت لي السندريلا بالحرف الواحد: نعم تحسنت صحتي بعض الشيء وأصبحت قادرة على مقاومة الألم في الظهر ثم المتاعب التي نشأت من التهاب العصب السابع - وهي متاعب كانت قد بدأت في الاختفاء تمامًا بعد برنامج وكورس علاج طبيعي ناجح لدى طبيب مصري كبير هو الدكتور عبد الحميد كابش - قالت سعاد: نعم تحسنتُ لكنه التحسُّن الذي لا يسمح لي بالعودة إلى عشقي الوحيد والكبير السينما، لذلك أنا أشعر أن ظهري هو عدوي الوحيد في هذه الدنيا.
التفرغ لمقاومة المرض
وبعد “الراعي والنساء”، ظهرت سعاد في مهرجان الإسكندرية السينمائي الذي فازت فيه بجائزة خاصة عن فيلمها الأخير، وظهرت كذلك في حوار تلفزيوني مع المذيعة سلمى الشماع في برنامج "زووم"، ثم قررت بعدها أن تختفي وأن تبتعد.. فلم يعد لديها القدرة على مجابهة حياة النجومية التي تتطلب أعباءً إضافية لم يعد لها قبل بها.. وقررت أن تتفرغ بشكل كامل لمقاومة المرض.. كان هناك أمل كبير لديها في أنها ستتغلب يومًا على ذلك العـدو المتوحش.

شرخ إجهادي
وكانت آلام الظهر قد زادت واشتدت على السندريلا، فقررت إجراء فحوصات وعدة أشعات أظهرت وجود ما يُسمى طبيًا بـ"شرخ إجهادي" في الفقرة القطنية الأخيرة وفقرة العجز الأولى أسفل العمود الفقري وهو شرخ كبير يرتقي إلى الكسر.
وذهبت سعاد إلى طبيب مصري كبير متخصص في جراحات العمود الفقري هو الدكتور محمد رفعت الذي قال لها حرفيًا: “تحتاجين جراحة في الظهر لثبيت شريحة معدنية ويمكنني إجراءها لكن مثل هذه الجراحات الدقيقة قد يحدث فيها أن ينحرف مشرط الجراح جزءًا من المليمتر فيصيب العصب ويحدث شلل وساعتها ستنتهي مسيرتي الطبية والناس هاتقول ”محمد رفعت قعَّد سعاد حسني"، ونصحها بالسفر إلى فرنسا وإجراء جراحة عاجلة في الظهر وهو ما حدث بالفعل.
الشريحة المعدنية وجرعات الكورتيزون
وحزمت السندريلا حقائبها وسارعت إلى عيادة الدكتور رينيه لوي بمدينة مرسيليا، وهو طبيب فرنسي شهير متخصص في هذه الجراحات لا يفوقه نبوغًا إلا الطبيب الأكثر قدرة وعبقرية واسمه روا كامي الذي أجرى عدة عمليات ناجحة جدًا في ظهر شريهان إثر الحادث البشع الذي تعرضت له.. لتجري سعاد هناك عملية تثبيت شريحة معدنية، ولتلبس على ظهرها حزامًا من البلاستيك لمدة أربعة أشهر، وقرر لها الطبيب هناك أن تتعاطى جرعات محددة من الكورتيزون.
وعادت سعاد من فرنسا يرافقها الأمل في الشفاء.. وتستمر مرتدية ذلك الحزام ثم تعود إلى باريس ومنها إلى مرسيليا لمعاودة طبيبها الذي بشّرها بنجاح العملية، وأن عليها أن تستغني عن الحزام حول الظهر وممارسة تمارين العلاج الطبيعي لمدة شهر ونصف..
علاج طبيعي في باريس
وترددت السندريلا على المستشفى الأمريكي بباريس لمدة أسبوع لإجراء بعض التحاليل، كما ترددت على إحدى المصحات لعمل جلسات علاج طبيعي، وهناك في باريس وفي أحد المطاعم القريبة من الفندق الذي كانت تقيم فيه تلتقي سعاد صدفة بنجمة الغناء صباح وزوجها فادي لبنان وتُلتقط لها صورة مع صباح تبدو فيها السندريلا جميلة باسمة متفائلة على الرغم من زيادة وزنها..
لكنها كانت لا تزال تشعر بالألم مستمرًا في ظهرها.. وقد زاد وزنها بسبب أدوية الكورتيزون والمسكنات التي قررها لها طبيبها الفرنسي رينيه لوي.. زاد وزنها عدة كيلوجرامات ولم تختف آلام ظهرها.
ومن الواضح أن لوي رينيه لم يكن هو الجراح العبقري الذي كان يجب أن تعالج سعاد لديه، وقد كان الأفضل بالنسبة لها أن تجري الجراحة لدى الجراح البارع روا كامي الذي عزمه (المنتج) سمير خفاجي ليحضر أول عرض لمسرحية شارع محمد علي التي قامت شريهان ببطولتها بعد شفائها وقدمت خلالها عددًا من الاستعراضات الصعبة وبكى كامي فرحًا بما رآه من شفاء كامل لمريضته ولم يكن يتوقع أن تعود شريهان كما كانت قبل الحادث تمامًا..
لكن أجر كامي كان كبيرًا جدًا غير أن زوج سعاد الصحفي والسيناريست المبدع ماهر عواد ذكر لي أن الجراحة التي أجرتها سعاد كانت صعبة أيضًا، لأن الشرخ الذي كان يضرب ظهرها حدث لها في فقرتين سفليتين من ظهرها، بالتالي كان حمل الظهر كله يضغط على الفقرتين.. ويهمنا هنا أن نقول إن كان أجر روا كامي كبيرًا جدًا فإن أجر لوي رينيه كان كبيرًا أيضًا، أي أن سعاد كانت تمتلك المال الكافي واللازم لعلاجها وللإقامة في لندن لمدة أربع سنوات.

أخبار ذات صلة
بتذكرة مخفضة.. قصور الثقافة تعرض "ريستارت" في 9 محافظات
29 مايو 2025 05:06 م
بطل مفاجأة لفيلم "آخر رجل في العالم" (صور)
29 مايو 2025 05:01 م
"ميلانو" تقول كلمة الفصل في إصابة إليسا بـ السرطان
29 مايو 2025 03:49 م
غيرة ودعم وجنون.. محطات في حياة حسن الرداد وإيمي سمير غانم
29 مايو 2025 03:20 م
"رحلتي مع القرآن".. أول فيديو لـ حلا شيحة على قناتها بـ"يوتيوب”
29 مايو 2025 01:36 م
كثير من الاعتزال قليل من الفن.. حلا شيحة تُنشئ قناة دينية على يوتيوب
29 مايو 2025 01:09 م
حلا شيحة تطلق قناة رسمية مدفوعة على يوتيوب لتقديم محتوى ديني
29 مايو 2025 09:45 ص
موعد عرض فيلم "سكر" الجزء الثاني لـ ماجدة زكي
29 مايو 2025 09:17 ص
أكثر الكلمات انتشاراً