الجمعة، 30 مايو 2025

02:19 ص

"سلسلة سوداء".. مرافعة النيابة بقضية انفجار خط غاز طريق الواحات

ممثل النيابة العامة

ممثل النيابة العامة

في مرافعتها أمام المحكمة، ألقت النيابة العامة الضوء على تفاصيل الكارثة المروعة التي شهدها طريق الواحات بمدينة 6 أكتوبر، والتي راح ضحيتها 8 أشخاص وأُصيب أكثر من 12 آخرين، إثر انفجار خط غاز طبيعي.

مرافعة النيابة في قضية انفجار خط الغاز بطريق الواحات

بدأ ممثل النيابة مرافعته بكلمات حاسمة قائلًا: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته، فإتقان العمل واجب شرعي قبل أن يكون واجبًا أخلاقيًا، وذلك على كل موظفٍ وعاملٍ ومسؤول، صغيرًا كان أو كبيرًا، وأنا أنظر في واقعات هذه الدعوى بعيني المغضبة، رأيت آلام الأهل الذين فقدوا أحبابهم، شعرت بحزن عميق وأنا أرى في أعينهم أسئلة كثيرة تتسابق: ماذا حدث؟ من المسؤول؟ ومن المتسبب في هذه الفاجعة؟".

وأكدت النيابة أن هذه الكارثة الإنسانية لم تكن نتيجة خطأ عابر، بل تعكس إهمالًا مستشريًا في جسد بعض العاملين بالشركات المنفذة والمراقبة للأعمال.

وأشارت إلى أن الواقعة بدأت عندما لاحظ جهاز مدينة 6 أكتوبر وجود تشققات أسفل الطريق بمدخل المدينة على طريق الواحات، فتم تكليف شركة "المليجي" الخاصة لتنفيذ أعمال الإصلاح، بناءً على تعاقد سابق، لكن رغم وجود هذا التعاقد، فإن المسؤولية الرقابية ظلت تقع على عاتق الجهاز، والذي بدوره كلف شركة "السهلي الصاوي" الهندسية بمهمة الإشراف.

العمق تجاوز الحد المقرر

وخلال تنفيذ الأعمال، قام أحد العمال باستخدام آلة الحفر وضرب الأرض بعمق تجاوز الحد المقرر، ليصيب خطًا للغاز الطبيعي ويتسبب في شرخ طوله قرابة ثلاثة أمتار، ظن الفريق العامل حينها أنهم اصطدموا بخط مياه، وهرعوا لإيقاف حركة السيارات وتحويلها لطريق آخر، بينما بدأت رائحة الغاز الطبيعي تتصاعد وتنتشر بسرعة، معلنة عن خطر وشيك.

وفي محاولة يائسة للسيطرة، ظن أحد قائدي السيارات أن الطريق آمن، وحاول تشغيل محرك مركبته، ليتسبب الشرر الكهربائي الناتج عن المحرك في اشتعال الغاز الكثيف المنتشر في الهواء، وتحول المشهد إلى ألسنة من اللهب والنار، التهمت السيارات ومن بداخلها.

ووصفت النيابة المشهد قائلة: “اشتعلت النيران داخل السيارات، وراح ضحيتها أرواح بريئة لا ذنب لها في هذا الإهمال القاتل، احتـرق رضيع وأمه داخل السيارة، ولم يتمكنا من الخروج من هول ما رأيا، واثنان آخران حاولا الهرب، لكن النيران التهمت جسديهما، ولم تفلح محاولات المارة في إنقاذهم، إحدى الضحايا كانت طبيبة شابة، طبيبة المستقبل، خرجت من السيارة وجسدها يشتعل بالنيران تطلب المساعدة، فلم تجد من يعينها، فألقت بنفسها على رمال الطريق”.

وختم ممثل النيابة مرافعته بالقول:"هذه الفاجعة لم تكن إلا نتاجًا لإهمال جسيم استشرى في سلوك المتهمين، إنها نتيجة سلسلة من الرعونة، والتقصير، والاستهتار بالقوانين والأعراف الهندسية، سلسلة سوداء اشترك فيها الجميع، فانتهت بكارثة إنسانية، كان ضحاياها من أنبغ فئات المجتمع، آن الأوان أن تقف العدالة موقفها الحازم في مواجهة هذا الاستهتار".

search