"يا بني هترجع مش هتلاقيني".. آخر جملة في حياة المعلق الراحل خالد كامل

خالد كامل
محمود موسى
“كنت رايح أحج عن أمي السنة دي ولم أستطع علشان الحق أبوسك قبل ما تمشي وتسيبني، أصبح عليا حجتين واحدة لأمي الحبيبة والأخرى ليك يا حبيبي، أخيرا هتوحشني يا صاحبي" كلمات كريم نجل المعلق الرياضي خالد كامل بعد رحيله.
حين تصيبك فجعة الموت أعز ما نملك، حين يغيب من كان هو السند والظل، تتحول الحياة وتصبح قاتمة، واللحظات إلى ساعات لا تنتهي من الألم والحنين.
وتوفي فجر أمس الجمعة الإعلامي خالد كامل، عضو لجنة المسابقات باتحاد الكرة المصري بعد صراع مع المرض.
ونعى كريم نجل المعلق الرياضي خالد كامل عبر فيسبوك بقصة قصيرة حزينة كما شبهها بعد رحيله عن عالمنا في الساعات الماضية.
"هترجع مش هتلاقيني" - الفصل الأول
وبدأ كريم قصته الحزينة، في يوم الاثنين 26 مايو، إذ توجه لأداء فريضة الحج عن والدته الراحلة، حاملاً في قلبه دعاءً لشفاء والده المريض ولكي يقضي فريضة الحج لروح والدته.

وقبل رحيله إلى مكة المكرمة، دار حديث يمزق القلوب بين الأب والابن.
كريم: بابا أنا مسافر بكرة الحج عن ماما الله يرحمها، رايح المدينة الأول وهدعيلك في المسجد النبوي عند رسول الله.
الأب: هترجع مش هتلاقيني يا بني
كريم: يا عم متقولش كده دانتا هتقوم وتبقي زي الفل بإذن الله تعالي.

"هقلب الدنيا" - الفصل الثاني
في يوم الثلاثاء 27 مايو، أمضى كريم وقت المغرب والعشاء في المسجد النبوي، زائراً قبر الرسول، وداعياً لوالده بالشفاء وحسن الخاتمة.
لكن الأخبار لم تكن جيدة، إذ أخبرته أخته أن والده تعرض لهبوط مفاجئ وحالة تعب شديدة، فبدأ كريم رحلة بحث عن حقن المضاد الحيوي.
أخت كريم: بابا وقع مني وجاله هبوط وتعبان أوي.
كريم: هدور له على حقن المضاد الحيوي اللي مش لاقينها في البلد كلها وهقلب الدنيا عليها لحد ما ألاقيها بإذن الله.
"مات إزاي يعني" - الفصل الثالث
في مساء الأربعاء 28 مايو، وبينما كان الأذان يؤذن، رن هاتف كريم حاملاً خبراً حزينًا من زوج أخته: "بابا مات يا كريم".
لكنه رفض التسليم بصحة الخبر، مستمسكا بأمل قد يبدو مستحيل، كالمستحيلات الثلاثة الغول والعنقاء والخل الوفي.
زوج أخت كريم: بابا مات يا كريم!
كريم: مات ازاي يعني؟ مات مات؟ أنت بتقول إيه يا محمد؟ أنا مريت معاه بحاجات أصعب من كده بكتير وكان بيعدي منها.
جوز أخت كريم: القلب وقف ونقلوه المستشفى بيعملوله إنعاش.
العودة إلى الحياة - الفصل الرابع
قرر كريم أن يصلي العشاء كآخر صلاة قبل الرحيل إلى مصر، وأقسم في صلاته على الله سبحانه وتعالى أن يرد له والده الحياة، قبل أن يهرول نحو المطار ويستقل أول طائرة متجهة إلى مصر.
كانت المفاجأة أن والده عاد إلى الحياة مرة أخرى لكي يودع ابنه الحبيب، لكنه دخل في غيبوبة.
وفي محاولة إنعاش قلبة الضعيف، وأصبح حبيس لجهاز التنفس الصناعي وأجهزته الحيوية تعمل كلها بالمحفزات والأدوية وبأعلى الجرعات، لكنه حي يرزق، إذ أن قلبه ومخه يعملان بحسب ما قال كريم.
وصل كريم فجر الخميس 29 مايو إلى القاهرة، متجها إلى غرفة العناية المركزة، إذ كان والده ينتظره كأنه يعرف عودته.
قضى كريم اليوم كله إلى جانب والده، الذي كان يعبر بعينيه وحركات رأسه عن تواصله معه،
وكان كريم يهمس في أذنه: "أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.
ويقول كريم "قضيت اليوم كله معه وحتى منتصف الليل، كان جسده الضعيف ساكن وعيناه تاره مفتوحة وأخرى مغلقة وذهبت بجانب اذنه وبدأت ألقنه الشهادة فبدأ يهز رأسه يمينا ويسارا ويمسك يدي".
وأضاف "وكأنه يريد أن يعرفني أنه يسمعني، قلت له كثيرا في أذنه، أشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وفي كل مرة كان يهز رأسه ويضغط بعينيه".
وأتم "رحلت إلي منزلي في منتصف الليل وأنا على يقين إنها ليلته الأخيرة في الحياة".

رحيل السند - المشهد الأخير
في فجر الجمعة 30 مايو، تلقى مكالمة تقصم الظهر وتذهب الفؤاد، مكالمة لم يكن يريد أن يسمعها، توقف العالم بالنسبة لكريم، الذي فقد الظهر والصديق والسند في لحظة واحدة، بعد 46 يوم فقط من رحيل أخيه.
الهاتف يرن: حضرتك أستاذ كريم؟ أيوة.. البقاء لله في والد حضرتك.
كريم: وهنا توقفت الدنيا بالنسبة لي، فقد رحل الظهر والصديق والسند، بعد 46 يوم فقط من رحيل أخي، بنفس السيناريو، وكان الدنيا بتعيد نفسها والفيلم بيتكرر قدام عنيا، في 3 أيام فقط خسرت حج بيت الله الحرام وخطف الموت مني أكثر رجل أحببته في الدنيا، سلام يا صاحبي هتوحشني اوي".
لا تغلق صفحات الكتاب
يكمل كريم قصته الحزينة عبر فيسبوك "مش عارف هتفرج علي الماتشات مع مين بعدك ولا لما يكون عندي مشكلة هسأل مين ولا مين هيتعصب عليا وهو قاعد جانبي علشان بسوق بسرعة وبتهور ولا مين اللي بيحاول يسعي إنه يساعدني بكل ما أوتي من قوة حتي لو مقدرش ولكنه بيحاول والوحيد في الدنيا اللي عايزني أحسن منه".

"لكن عزائي هو جمال شكلك وابتسامتك بعد الموت وكأنك ترى مكانك في جنة الفردوس أو صلاة الجنازة الخاصة بيك والناس اللي جات من كل فج عميق وسهولة يومك من إجراءات وغسل ودفنة".
"صعبتها عليا اوي يا حبيبي، كنت رايح أحج عن أمي السنة دي ولم أستطع علشان الحق أبوسك قبل ما تمشي وتسيبني، اصبح عليا حجتين واحدة لأمي الحبيبة والأخرى ليك يا حبيبي، ربنا يقدرني ويكتبهملي وهعملهم بأي طريقة بإذن الله تعالي".
"أخيرًا هتوحشني يا صاحبي، استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه، لا إله إلا الله محمدا رسول الله، مع السلامه يا عو".
وستبقى كلمة الروائي نجيب محفوظ حاضرة في الأذهان “الحياة فيض من الذكريات تصب في بحر النسيان، أما الموت فهو الحقيقة الراسخة”.
كلمات نجيب محفوظ تلخص ببراعة حقيقة الوجود، أن الحياة مليئة بلحظات وذكريات لكن الموت آت لا محالة.

الأكثر قراءة

أخبار ذات صلة
ريبيرو يحسم قائمة الأهلي النهائية قبل السفر إلى أمريكا
03 يونيو 2025 04:45 م
الجباس: نحن الأبطال الحقيقيون للدوري وعوامل خارجية منعتنا من التتويج
03 يونيو 2025 04:44 م
كريم شحاتة: "ميسي مش كفاية وميامي على قده.. والأهلي هيتأهل"
03 يونيو 2025 04:23 م
تعرف على موقف زيزو من نهائي كأس مصر ضد بيراميدز
03 يونيو 2025 04:18 م
الفحوصات الطبية تؤجل سفر الخطيب مع بعثة الأهلي
03 يونيو 2025 04:17 م
موعد مباراتي الذهاب والعودة بين لافيينا وأسمنت أسيوط بعد سحب القرعة
03 يونيو 2025 04:04 م
دودو الجباس: كأس مصر نقطة التحول نحو التتويج الأفريقي
03 يونيو 2025 04:01 م
"الرياضة" ترجئ البت في استقالة رئيس الاتحاد السكندري
03 يونيو 2025 03:57 م
أكثر الكلمات انتشاراً