الأربعاء، 04 يونيو 2025

09:43 ص

مغامرات غرفة النوم.. ماذا فعل المراهق البريطاني مع زوجات الكبار في أمريكا؟

 كين جامبل

كين جامبل

في صيف 2015، بينما كان أغلب المراهقين في عمر الـ16 مشغولين بألعاب الفيديو أو متابعة مباريات كرة القدم، كان كين جامبل منشغلًا بنوع مختلف تمامًا من الترفيه، وهو اقتحام حسابات كبار المسؤولين في الحكومة الأمريكية، واحدًا تلو الآخر.

من داخل غرفة نومه في أحد أحياء إنجلترا الهادئة، نسج جامبل شبكته الإلكترونية المعقدة، وشنّ واحدة من أكثر الهجمات الإلكترونية جرأة في تاريخ الأمن السيبراني، مستهدفًا شخصيات بحجم جون برينان، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية آنذاك، وزوجته، إضافة إلى مارك جوليانو، نائب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، وعائلاتهم بالكامل.

هجوم متعدد الرؤوس

لم تكن عملية جامبل مجرد ضغطات سريعة على لوحة مفاتيح، بل سلسلة من العمليات المتداخلة والمعقدة التي نفذها ببراعة تحاكي تكتيكات الجواسيس، إذ استغل الثغرات البشرية قبل الرقمية، وتواصل بخداع مع موظفي الدعم الفني في شركات اتصالات عملاقة مثل Verizon وComcast، وأقنعهم بتمرير بيانات سرية تخص أهدافه.

تلك البيانات لم تكن مجرد وسيلة للابتزاز، بل كانت بداية لسلسلة من الاختراقات طالت الشبكات المنزلية وأجهزة التلفزيون في منازل الضحايا، حيث عرض عليها رسائل سخرية وتحدٍ، في إعلان غير رسمي عن وصوله غير المشروع.

عصابة "CWA"

كين لم يكن وحيدًا، أسس في خضم هذه العمليات مجموعة إلكترونية تعرف باسم "Cracka with Attitude"، أو اختصارًا CWA، ضمت هذه المجموعة مجموعة من المراهقين المتمردين رقميًا، أبرزهم كان شابًا ملقبًا بـDefault، استلهم نشاطه من قصة إدوارد سنودن، وسعى لتكرارها بطريقته، لكن بلغة الهاكرز.

تحوّلت أهدافهم من مجرد إثبات المهارة إلى رسائل سياسية صريحة، ففي إحدى المرات، كتب جامبل علنًا عبر منصة “تويتر” - إكس حاليًا - موجهًا كلامه إلى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA: "وصلت إلى كل شيء تملكونه، اختبروا قوتكم إن كنتم قادرين".

رسائل صوتية وتهديدات داخلية

لم تتوقف الهجمات عند الاختراقات الصامتة، بل امتدت إلى مضايقات مباشرة، إذ وجه جامبل رسائل صوتية لزوجة وزير الأمن الداخلي جيه جونسون، وغيّر كلمات مرور أفراد عائلة مارك جوليانو، وأمطرهم بمئات المكالمات الهاتفية، ما دفع الشرطة إلى وضعهم تحت حماية دائمة.

وبينما كانت تلك الأفعال تحدث، كانت بعض المعلومات التي حصل عليها جامبل تشق طريقها إلى مواقع تسريبات شهيرة مثل ويكيليكس، ما صعّد من حدة الاتهامات الموجهة إليه أمام القضاء البريطاني.

وجه آخر للقصة

الغريب في القضية، أن غالبية هذه الجرائم ارتكبت عندما كان جامبل لم يتجاوز الـ15 من عمره، وعلى الرغم من نضوج أدواته الإلكترونية، فإن دوافعه كانت متشابكة بين الفضول الطفولي والنزعة السياسية، حيث تضمنت رسائله دعوات لتحرير فلسطين ووقف العمليات العسكرية في الشرق الأوسط.

عامان في زنزانة المراهقين

وفي عام 2016 جرى إلقاء القبض على جامبل وبعد عامين صدر حكم قضائي، بإيداعه لمدة عامين في مركز احتجاز الأحداث. ودافع محاموه بأن موكله لم يكن يدرك فداحة أفعاله، وأن الأمر كان يبدو بالنسبة له مجرد مغامرة إلكترونية مثيرة.

ورغم أن المحكمة أقرت بخطورة ما ارتكبه، فإنها أخذت بعين الاعتبار سنه الصغيرة وغياب أي سوابق جنائية، فحصل على العقوبة المخففة التي انتهت في أغسطس 2020.

حياة ما بعد الاختراق

بعد انتهاء مدة سجنه، لم يتوار كين جامبل عن الأنظار، بل عاد مجددًا إلى الإنترنت، ولكن هذه المرة من الجانب الآخر للمعادلة، إذ دخل مجال أمن المعلومات، وبدأ العمل على تطوير مهاراته كمدافع عن الشبكات ومحلل للثغرات، وتحول القرصان الذي أقلق الاستخبارات الأمريكية إلى باحث أمني يسعى لحماية ما كان يخترقه ذات يوم.

search