الأحد، 15 يونيو 2025

03:19 م

بين الحرب وانقطاع الإمدادات.. كيف أمنت مصر احتياجاتها من الغاز؟

شحنات الغاز الطبيعي

شحنات الغاز الطبيعي

فعّلت الحكومة المصرية خطة الطوارئ المُعدّة مُسبقًا والخاصة بأولويات إمداد الغاز الطبيعي، في ظل تعهدات رسمية بعدم العودة لتطبيق تخفيف الأحمال مجددًا، بعد أن جرى وقف العمل بهذه الخطة في 21 يوليو الماضي.

إغلاق حقل ليفياثان

وجاء هذا القرار في أعقاب توقف إمدادات الغاز القادمة من الشرق، بعد إعلان وزارة الطاقة الإسرائيلية إغلاق حقل "ليفياثان" البحري، أحد أهم مصادر الطاقة في إسرائيل ورافعة رئيسية لصادرات الغاز إلى مصر والأردن وأوروبا.

قرار وقف الحقل الإسرائيلي يأتي عقب ساعات من شن إسرائيل هجومًا عسكريًا واسع النطاق على منشآت عسكرية ونووية في العاصمة الإيرانية طهران ومدن أصفهان وكرمنشاه وأراك، المعروفة باحتضانها لمجمعات صناعية وعسكرية استراتيجية.

ودوَّت انفجارات ضخمة في تلك المناطق، فيما ردت إيران بإطلاق مئات الصواريخ الباليستية تجاه منطقة تل أبيب الكبرى، ما أسفر عن مصرع 3 إسرائيليين وإصابة أكثر من 170 آخرين حتى كتابة هذا التقرير، بحسب مصادر رسمية.

حقل غاز "ليفياثان" البحري

تنويع المصادر 

وفي هذا السياق، أكد نائب رئيس هيئة المحطات النووية الأسبق، علي عبد النبي، أن مصر اتخذت خطوات استباقية لتنويع مصادرها من الغاز الطبيعي، وتقليل الاعتماد على الصادرات الإسرائيلية تحديدًا، تحسبًا لمثل هذه الأزمات الجيوسياسية المتكررة.

وفي مايو الماضي، وقعّت وزارة البترول عقودًا طويلة الأجل مع الجانب القطري، إضافة لشركات عاملة مثل "أرامكو السعودية"، "ترافيجورا"، و"فيتول"، لتوريد الغاز الطبيعي حتى 2028، بما يسهم في تأمين إمدادات الغاز اللازمة لتلبية الاحتياجات المحلية.

وبحسب بيانات مبادرة بيانات المنظمات المشتركة “جودي”، فقد سجّلت واردات مصر من الغاز الإسرائيلي خلال الربع الأول من العام الجاري رقمًا قياسيًا بلغ 2.63 مليار متر مكعب، مقارنة بنحو 1.85 مليار متر مكعب في الفترة ذاتها من العام الماضي، بزيادة سنوية قدرها 744 مليون متر مكعب.

التوترات الجيوسياسية 

وأوضح عبد النبي، لـ"تليجراف مصر"، أن مصر لجأت إلى هذه الخطوة في ظل التوترات الجيوسياسية في المنطقة، ولضامن عدم تكرار ما حدث في الصيف الماضي.

في 25 يونيو 2024، تسبب عطل فني مفاجئ في حقل بإحدى الدول المجاورة في زيادة فترة انقطاع الكهرباء بمصر والتي كانت مُقدرة وقتها بساعتين، نتيجة انخفاض إمدادات الوقود إلى محطات التوليد، بحسب رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي.

وأكد عبد النبي أن مصر استوردت بالفعل شحنات من الغاز الطبيعي المسال لسد العجز المتوقع خلال فصل الصيف، في إطار خطتها لوقف برنامج تخفيف الأحمال الذي بدأ تطبيقه منتصف 2023.

كما دعا إلى ضرورة إنشاء مخزون استراتيجي من الغاز، على غرار القمح، لتجنب أي أزمات مستقبلية قد تؤثر على السوق المحلي أو الأسعار العالمية.

أعمال صيانة للكهرباء

ارتفاع الاستهلاك 

وتحتاج وزارة الكهرباء حاليًا إلى نحو 135 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميًا لتشغيل محطات التوليد، في ظل ارتفاع الاستهلاك المحلي للطاقة، حيث تستورد البلاد وقودًا بأكثر من مليار دولار شهريًا لتلبية هذه الاحتياجات.

وفي هذا الإطار، أمنت مصر حتى الآن 5 سفن عائمة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال، وصلت منها 4 بالفعل، مع دراسة استقدام سفينة خامسة خلال الفترة المقبلة، ضمن خطة استيراد ما بين 155 إلى 160 شحنة غاز مسال خلال عام 2025.

ومن بين السفن التي تعاقدت عليها مصر، سفينة "إنيرجوس باور" التي وصلت إلى ميناء الإسكندرية في مايو الماضي، سفينة "هوج جاليون" التي تعمل في العين السخنة، بالإضافة إلى "إنيرجوس إسكيمو" المتوقع وصولها خلال الصيف الجاري، وسفينة أخرى تابعة لشركة "بوتاش" التركية.

وخلال العام الماضي، كثّفت مصر جهودها لاستئجار وحدات التخزين العائم وإعادة التغويز، في ظل ارتفاع فاتورة الاستيراد مع تراجع الإنتاج المحلي وزيادة الطلب.

اتفاقيات ثنائية 

من جانبه، أوضح رئيس هيئة البترول الأسبق، مدحت يوسف، أن الحكومة يمكنها إجراء اتفاقيات ثنائية مع بعض الدول العربية المصدرة للغاز المسال اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية.

وأوضح يوسف لـ"تليجراف مصر"، أن قطر لديها قدرات تصديرية من إنتاجها من الغاز الطبيعي، لا سيما إلى الدول الأوروبية، سواء كان بطريقة مسالة أو عبر خطوط الأنابيب، لذا الأمر يتعلق بكم الفائض المتوفر لدى هذه الدول بعد الإيفاء بالتعاقدات المبرمة.

صادرات قطر 

ووفق بيانات رسمية، ارتفع إجمالي صادرات قطر من الغاز الطبيعي المسال خلال الربع الأول من 2025، إلى 21.85 مليون طن، مقارنة بنحو 20.83 مليون طن خلال الربع نفسه من عام 2024.

ويقدر الإنتاج الحالي بنحو 4.2 مليار قدم مكعب يوميًا، بينما يبلغ الاستهلاك المحلي نحو 6.2 مليار قدم مكعب يوميًا، ويرتفع هذا الطلب إلى 7 مليارات قدم مكعب يوميًا خلال أشهر الصيف، مع تصاعد احتياجات الكهرباء لتشغيل أجهزة التبريد.

search