الخميس، 19 يونيو 2025

04:21 ص

مريض هزم عزلته.. "مارتن" ظل حبيس جسده 12 سنة وأيقظته 3 كلمات من أمه

مارتن

مارتن

في واحدة من أكثر التجارب الإنسانية ألمًا، وبسبب تشخيص طبي خاطئ، انقلبت حياة مراهق جنوب أفريقي رأسًا على عقب، ليصير معلقًا بين أذرع الحياة وأرجل الموت، بعدما قضى 12 عامًا في وحدة قاتمة محتجزًا في جسده.

محتجز في جسده لـ12 عامًا

كان مارتن مراهقًا في الثانية عشرة من عمره عندما شعر بالإعياء، ليتم تشخيصه خطأً بالانفلونزا، وكانت تلك هي قمة المنحدر، فبسبب تأخير التشخيص الصحيح، حدثت تدهور سريع في حالته الصحية، ليفقد في فترة قصيرة قدرته على التحدث والتواصل البصري والحركة.

واضمحلت حالة الشاب الصحية تمامًا، بعدما أعلن الأطباء إصابته بـ"غيبوبة إنباتية دائمة"، وفيها يفقد المريض وعيه بشكل كامل، فيصير جسدًا بلا روح، رغم استمرار أجهزته الحيوية في العمل.

واتضح للأطباء وقتذاك التشخيص الصحيح لمرض مارتن، الذي عانى من التهاب السحايا الكريبتوكوكسي، وهي عدوى فطرية خطيرة تصيب الأغشية المحيطة بالدماغ والحبل الشوكي والسل الدماغي، بحسب صحيفة “ذا ميرور”.

مارتن في مراهقته

ابنكم لن يفيق أبدًا

وبينما اشتد القلق والحزن في قلب والديه، كان رد الأطباء قاطعًا: "ابنكم لن يستيقظ أبدًا"، ورغم افتقارهما للأمل الطبي، فإنهما لم يفقدا رجاءهما في استيقاظ مارتن، وعكفا على الاعتناء به لسنوات طوال، يرانه يكبر وتخشن ملامحه يومًا بعد يوم، ولا يزال لا يحرك ساكنًا، لكنهما لم يكونا على دراية بالكابوس الذي عاشه مارتن في الظل.

مارتن

بمعجزة خفية عاد الوعي لجسد مارتن في سن الـ14، لكنه رغم ذلك لم يملك القدرة على التعبير. “أنا أسمعكم وأراكم وأفهم ما تقولون، لكنني محتجز في جسدي”، هكذا كان مارتن يردد في قرارة نفسه. وتلك الفترة العصيبة حكى عنها لاحقًا حيث قال: "كنت أشعر كأنني أحاول الاستيقاظ من حلم لا أستطيع الخروج منه".

12 عامًا من الأسر والعزلة

يستكمل مارتن حديثه عن تلك الفترة قائلًا: "في عيد مولدي الـ16 سمعت أحدهم يتحدث عن شعر ذقني، تساءلت حينها إن كان يجب عليّ حلقه، لكني كنت لا أزال أسير جسدي".

وبين بلوغ عامه الـ16 والـ19 استعاد مارتن وعيه بالكامل، لكنه أصبح قادرًا على تحريك عينيه فقط، واختصر فيها طريقة تعبيره عن مشاعره الحبيسة.

مارتن

حكى مارتن عن أكثر اللحظات فراغًا التي قضاها في عزلة: "كنت أشاهد حلقات كارتون بارني بشكل متكرر، حتى أصبح يصيبني بالسأم، فكنت أصرخ داخليًا.. أبي أنا هنا أنا هنا، ولم تكن تصدر مني أي حركة تُذكر، ما أشعرني بغضب مكتوم".

أتمنى أن تموت

أما أكثر اللحظات المؤلمة في رحلة مارتن، فكانت حينما سمع والدته تتمنى موته، وهمست في أذنه: “أتمنى أن تموت”!

بعد ذلك واجهها مارتن، بذلك الموقف، لتفسر له أنها كانت لحظة شعرت فيها باليأس العميق، حتى أصبحت ترى ابنها الحبيب مثل شبحٍ في سريره.

وبعد سنوات من الصمت، استشعرت إحدى معالجاته الفيزيائية تطورًا طفيفًا في حالته، لتطلب من الأسرة خضوعه للتقييم الإدراكي، وهنا كانت اللحظة التي عاد فيها مارتن للحياة.

مارتن وجوانا

بدأ مارتن بعد وقت قصير، تعلُّم استخدام جهاز للتواصل يعتمد على حركة عينيه، واستعاد صوته شيئًا فشيئًا، ليلتحق بالجامعة، فدرس علوم الحاسوب، وبدأ يعمل “مطوِّر مواقع”، وتزوج من أخصائية اجتماعية تُدعى جوانا، وأنجب منها طفلًا، قبل أن يدوّن قصته في كتاب مؤثر بعنوان "Ghost Boy" عام 2012، وثق فيه رحلة انتصاره على الصمت والعزلة واليأس.

search