ذهب وشهادات وعقارات.. إلى أين تتجه بوصلة الاستثمار في وقت الأزمات؟

تخيم على آفاق الاقتصاد المصري والعالمي ككل حالة من عدم اليقين مع دخول الصراع الإسرائيلي الإيراني يومه السابع بلا مؤشرات على انحساره قريبًا، ما يثير تساؤلات حول الخيار الأفضل للاستثمار والادخار. 

وقال الخبير المصرفي أستاذ التمويل والاستثمار الدكتور فهد جاهين، إن كل وعاء ادخاري يتمتع بمميزات وعيوب تجعله مفضلًا لشريحة من المستثمرين فيما لا يناسب آخرين، لذا يُنصح دائمًا بتنويع محفظة الاستثمار قدر الإمكان. 

الذهب ملاذ آمن

وأضاف الدكتور فهد جاهين، في تصريح لـ"تليجراف مصر"، أنه لا خلاف على أن الذهب هو الملاذ الأكثر آمنا في أوقات الأزمات والصراعات كما نشهد حاليا، لذا نرى أسعاره ترتفع وتستهدف مستويات قياسية. 

وتابع: “الذهب أيضًا مخزن للقيمة ويعد أفضل وعاء للتحوط ضد التضخم وحماية قيمة الثروات”، مؤكدا أن الاستثمار في الذهب هو الخيار الأنسب لحماية رؤوس الأموال على المدى البعيد. 

وارتفعت أسعار الذهب عالميا منذ بداية العام بأكثر من 40% لتتداول الأوقية أمس عند مستويات 3368 دولارا، وعلى خطى السعر العالمي واصل الذهب في مصر تحطيم الأرقام القياسية منذ مطلع العام الحالي ليصل سعر الجرام عيار 21 بنهاية تعاملات أمس إلى مستوى الـ4800 جنيه مرتفعا بقرابة 29% على أساس سنوي منذ مطلع يناير الماضي، وسط توقعات بأن يستهدف مستوى الـ5 آلاف جنيه قريبًا. 

ببساطة لو أنك قمت باستثمار 100 ألف جنيه مطلع يناير الماضي في الذهب وقمت بالبيع في الوقت الحالي فإنك ستحقق ربحًا بقرابة 29 ألف جنيه وهذا أعلى من عائد شهادات الـ27% التي توقفت البنوك عن إصدارها في أبريل الماضي عقب قيام البنك المركزي المصري بخفض الفائدة لأول مرة منذ نوفمبر 2020.

الشهادات والدولار 

وأكد جاهين أن شهادات البنوك رغم خفض الفائدة لا تزال وعاء ادخاريًا ملائمًا لشريحة من العملاء لا تستطيع تحمل مخاطر الاستثمار، على سبيل المثال في وعاء مثل الأسهم، كما أن بعض العملاء كأصحاب المعاشات بحاجة إلى العائد الدوري الذي تقدمه الشهادات. 

وأوضح أن أهم ما يميز الشهادات البنكية أنها أفضل الأوعية الادخارية التي تحقق عائدًا خاليًا من المخاطر.

وحاليًا يتراوح العائد على الشهادات البنكية بالجنيه بين 18% و24.5%، وبالتالي لو أنك استثمرت 100 ألف جنيه في أعلى فئة من هذه الشهادات فستحقق عائدًا بقرابة 24 ألف جنيه وإن حالفك الحظ بشراء شهادة الـ27% قبل 27 أبريل الماضي فستحصل بنهاية السنة على عائد بـ27 ألف جنيه. 

من جهة أخرى أشار جاهين إلى أن أحد الملاذات الآمنة عالميا في أوقات الأزمات وعدم الاستقرار هو الدولار الأمريكي باعتباره عملة الاحتياطيات العالمية الأولى، لذا نجد دولا تستثمر في سندات الخزانة الأمريكية، لكن من جهة اخرى الدولار شأنه شأن أي عملة قيمته تتأثر سلبا بالتضخم. 

خلال يناير وفبراير الماضيين ارتفعت مدخرات العملاء الأفراد بالعملات الأجنبية في البنوك إلى 35.8 مليار دولار من 35 مليار دولار بنهاية العام الماضي، إذ عززت البنوك منذ 2023 طرحها للشهادات الدولارية كوعاء ادخاري للتحوط ضد تقلبات العملة المحلية، وسط إقبال شريحة واسعة من العملاء على هذه الفئة من الشهادات التي تشكل استثمارا آمنا في الدولار الذي يتمتع باستقرار نسبي.

في الوقت الراهن يتداول سعر صرف الدولار أعلى 50 جنيها، وتشير التوقعات إلى استقراره عند هذا المستوى خلال الفترة المقبلة، وإذا كنت من العاملين في الخارج فلديك فرصة لادخار أموالك بالدولار للتحوط ضد التضخم وتراجع القوة الشرائية للجنيه. 

علاقة المصريين بالعقارات  

على صعيد آخر، أكد الدكتور فهد جاهين أن العقارات هي أحد الأصول الآمنة التي تتمتع بثقة مرتفعة لدى المصريين إذ ينظر لها كوعاء استثماري للمستقبل وكمخزن لقيمة الثروات بعيدا عن تقلبات العملة وآثار التضخم. 

ومن العوامل التي تشجع على الاستثمار في العقارات الارتفاع المستمر في أسعارها لاسيما في الفترة الأخيرة، إلا أن العيب الأساسي للعقارات كوعاء استثماري هو صعوبة البيع في بعض الحالات أو على أقل تقدير الحاجة إلى وقت لإتمام عملية البيع والحصول على السيولة المطلوبة (العائد)، وفقا لجاهين. 

خلال الربع الأول من العام الحالي ارتفعت أسعار العقارات السكنية في مصر بقرابة 89% على أساس سنوي، وفقا لتقرير حديث أصدرته شركة "جيه إل إل" للاستشارات العقارية. 

الاستثمار في البورصة

على صعيد الاستثمار في الأسهم، فهو خيار يحمل مخاطرة أكبر مقارنة بالذهب وشهادات البنوك، ويتطلب قدرا من الثقافة المالية. 

وبنظرة بسيطة سنجد أن البورصة المصرية لم ترتفع منذ بداية العام بأكثر من 5% وسط تراجع معنويات المستثمرين بفعل التوترات الجيوسياسية، حتى أن الأسهم القيادية في السوق لم تسجل صعودا لافتا إذ ارتفع سهم البنك التجاري الدولي بقرابة 2% على أساس سنوي فقط، وفقا لإغلاق جلسة 18 يونيو الحالي. 

فيما يعد سهم مجموعة طلعت مصطفى منخفضا حاليا بنحو 1.7% منذ بداية العام، كما تراجع سهم الشرقية للدخان بنحو 1.6%، وسط توقعات بأن تواصل الأسهم المصرية الأداء المتقلب لحين استقرار الأوضاع الإقليمية.