
عن هجرة القسوة وبداية الرحمة داخل كل بيت
كل عام، تقف الأرواح على عتبة مُحرّم، تنظر إلى الهجرة كقصة بعيدة، تمّت منذ قرون.. لكن الهجرة الحقيقية لا تنتهي، إنها تسكننا.
هي لحظة قرار: أن نترك ما يؤذينا، أن نخطو نحو ما يحيينا، أن نغادر ما يطفئنا، ونعود إلى ما يجعلنا نضيء.
أليس في داخل كل بيت، حاجة لهجرة كهذه؟
أليس في بعض القلوب، بيوتٌ خَرِبَت من القسوة، لا من الفقر؟
أليس بين الزوجين، من يحتاج أن يهاجر من سكونٍ كاذب إلى حوارٍ صادق؟
الهجرة لا تُقاس بخطوات القدم، بل بخفقات القلب...
أن تهاجر الزوجة من صبرٍ يُبكيها إلى كلمة تُنقذها..
أن يهاجر الزوج من صمتٍ يُطفئها إلى احتواءٍ يُحييها..
أن يهجر كلاهما "المسافة" بين الأجساد ويبحث عن "القرب" في القلوب..
وهل أجمل من أن ننوي مع بداية العام الجديد، أن نُحيي نية الحُب؟
أن نهجر العتاب الصامت، ونعود إلى الكلمة الطيبة؟
أن نُهاجر من الانفصال العاطفي الذي يَقتل الحب في صمت، إلى دفء يومي يَغرس الطمأنينة في قلوبنا وقلوب أبنائنا؟
فالهجرة ليست حدثًا، بل اختيار...
اختيار الرحمة بدلًا من القسوة..
اختيار الإصلاح بدلًا من الانتظار..
اختيار أن نبدأ من جديد، لا لأننا فشلنا، بل لأننا استحققنا حياة أنضج.
وفي هذا العام الهجري الجديد...
لنهجر الإساءة، لنهجر الصراخ، لنهجر التراكمات التي تُثقل العلاقة ولا تُظهرها.
ولنبدأ حكاية جديدة، نكتب فيها كل صباح نية صافية، ونعيد فيها بناء البيت لا بالجدران، بل بالكلمة واللمسة والاحتواء.
الهجرة ليست فقط بين مدينتين... بل بين قلبٍ ضاق، وقلبٍ وسِع.
ولأن الهجرة لا تُروى فقط في كتب التاريخ، بل تُعاش في كل بيت، لعل أعظم ما يمكن أن نحمله من هذه المناسبة هو مفهوم “التخلّي” و”التحوّل”.
أن يتخلى الزوج عن فكرة الهيمنة العاطفية، ويمنح شريكته الشعور بالأمان بدلًا من الخوف.
أن تتحول الزوجة من كتم الألم إلى التعبير الناضج..
فمن لم يهجر طباعه التي تؤذي، وإن مرّت الأعوام عليه، فما زال عالقًا في أول الطريق.
كل علاقة تنجو، هي هجرة ناجحة.
كل مرة نختار فيها أن نصمت عن جرح، ونشرح بدلًا من أن نُعاقب، ونلمس بدلًا من أن نؤذي. تلك هي هجرة قلبية نحو وجهة أرقى.
لنفرّ من جمود العلاقة، من التصرفات التي تُطفئ الآخر، من صمت لا يُفهم، ومن لوم لا يُصلح...
ونُهاجر إلى نية جديدة، تبني البيت من الداخل، لا تُجمّله فقط من الخارج.
في مطلع هذا العام الهجري فلنهاجر من العتاب الي الاحتضان. من الجفاف إلى الحنان. من تكرار الألم إلى نية الشفاء. فالهجرة لا تحتاج حقائب، بل قلوبا مستعدة لتبدأ من جديد..

الأكثر قراءة
-
ضبط 4 متهمين في واقعة الفيديو الفاضح على المحور
-
كواليس خطاب 7 سبتمبر.. "الري" طالبت المحافظات بإخلاء طرح النهر قبل شهر
-
بعد شهرين من زواجها.. عروس تنهي حياتها غرقًا بالفيوم وتترك رسالة وداع
-
نجوم الفن والإعلام في حفل زفاف ابن هاني رمزي (صور)
-
"تعالوا خذوا مستحقاتكم".. هل دبرت أكاديمية الضيافة كمينا للناجيات من أبو تلات؟
-
كسر بالأنف وعاهة بالعين.. مأساة الصغير ياسين مع مدمني بودر دمرا مستقبله
-
في 3 ساعات.. الداخلية تُسقط أخطر تشكيل إجرامي ببني سويف
-
ضبط 50 ألف عبوة مواد غذائية منتهية الصلاحية بالفيوم

مقالات ذات صلة
إلى متى ستظلين ساذجة عاطفيا؟
03 أكتوبر 2025 09:27 ص
لماذا يقع البعض في إدمان تصوير وتوثيق اللحظات الحميمية؟!
26 سبتمبر 2025 08:20 ص
الغريزة والعاطفة.. أيهما يقود قلب الرجل حقًا؟
19 سبتمبر 2025 08:36 ص
القوامة في زمن المرأة المستقلة.. هل أنتِ فعلا خدامة؟
12 سبتمبر 2025 08:20 ص
توقعات ما قبل الزواج… وماذا نفعل حين تصطدم بالواقع
05 سبتمبر 2025 08:48 ص
ماذا لو استعاد الرجل والمرأة روح النبي في بيت الزوجية؟
03 سبتمبر 2025 09:26 ص
المرأة المادية الباردة.. بريق بلا دفء
29 أغسطس 2025 08:33 ص
هل تحب المرأة “الشقط” والباد بوي؟
22 أغسطس 2025 09:00 ص
أكثر الكلمات انتشاراً