قاهر بطل العالم.. عندما أصبح الشاطر حسن كبير "المعلمين"

أحب حسن شحاتة الكرة فأحبته، وأعطته من الشهرة والمجد ما يحلم به كل لاعب أو مدرب.

حسن شحاتة الذي أجاد كلاعب في أغلب مراكز الملعب ببراعة استثنائية، حتى حراسة المرمى إذ لعب كحارس ضد الجزائر في بطولة البحر الأبيض المتوسط، عقب إصابة إكرامي، كما أنه أفضل مدرب في تاريخ مصر بالاشتراك مع الراحل محمود الجوهري.

كيف يمكن أن ننسى إنجازات "المعلم" الخالدة؟ فقد قاد المنتخب المصري للتتويج بكأس الأمم الأفريقية ثلاث مرات متتالية، إنجازٌ غير مسبوق في تاريخ البطولة.

ولم يقتصر تأثيره الاستثنائي على القارة السمراء، ليقدم الفراعنة أمام منتخبات عالمية بحجم البرازيل وإيطاليا في كأس القارات، ليُقدم جيلاً من العظماء لا يزال محفوراً في ذاكرة الجماهير.

واحتفل الاتحاد المصري لكرة القدم بعيد ميلاد النجم التاريخي حسن شحاتة الذي تم 78 عاما قبل أيام قليلة، وما هذا الاحتفال إلا تأكيد على مكانة هذا الرجل الاستثنائية في قلوب المصريين وعشاق الكرة، فهو ليس مجرد لاعب ومدرب، بل أيقونة حقيقية!

ويستعرض "تليجراف مصر" مسيرة حسن شحاتة اللاعب والمدرب الأسطوري في تاريخ الكرة المصرية والعربية والأفريقية كالتالي:

الأمن يرفضه وزاموا يحتضنه

وُلد حسن شحاتة في الـ19 من يونيو عام 1949 في أسرة بسيطة في مدينة كفر الدوار، وتربى المعلم بين تسعة من الأشقاء.

أقرأ أيضا - كيف قهر "المعلم" حسن شحاتة القطبين قبل صناعة المجد مع الفراعنة؟

بدأ الشاطر حسن مثل كل طفل صغير بلعب كرة القدم في شوارع كفر الدوار، وعندما وصل إلى سن العاشرة كان طالبًا في المرحلة الابتدائية، وانضم لنادي غزل كفر الدوار رفقة شقيقه الأكبر محمد.

ووقتها كان والده معترضًا تمامًا على فكرة لعب كرة القدم، لأنها ستشجعه على إهمال دراسته، فاضطر حسن شحاتة للعب دون علم والده.

وذات مرة كان يشارك بصفة أساسية مع منتخب بحري، فشاهده حلمي زامورا، رئيس نادي الزمالك آنذاك، فطلب منه الحضور إلى القاهرة للانضمام إلى ناشئي النادي في صيف عام 1966، وكان عمره آنذاك لم يصل إلى 19 عامًا.

 ومن دون تفكير اتجه في اليوم التالي إلى القاهرة لأداء الاختبارات في القلعة البيضاء، لكن الأمن رفض أن يسمح له بالدخول، فجلس بجوار الباب ليجده حمادة الشرقاوي، ليسأله عن سبب جلوسه.

 فحكى له الموقف، فقام بإدخاله وطلب منه ارتداء الملابس الرياضية لكي ينزل إلى الملعب، وبالفعل شارك في أول تقسيمة، وأُعجب به حلمي زامورا، وسجل 3 أهداف، وبالفعل وقّع عقد انضمام للنادي عام 1966.

انضم المعلم مباشرة إلى صفوف الفريق الأول، ليكون وسط الكبار، فعاصر 3 أجيال تاريخية بالنادي أمثال حمادة إمام ونبيل نصير وعمر النور وسمير محمد علي من جيل العمالقة، وجيل الوسط، حلمي طولان وفاروق جعفر وعادل المأمور وأحمد رفعت، ثم الجيل الأخير الذي لعب فيه نصر إبراهيم وسعيد الجداوي.

سنوات المجد مع كاظمة

لم يلعب المعلم سوى موسم واحد في نادي الزمالك، حتى انضم إلى منتخب مصر، وفي عام 67 تم إيقاف النشاط الرياضي الكروي لظروف النكسة، لكن المعلم فوجئ بوفد من نادي كاظمة الكويتي يتحدثون معه للتعاقد معه على سبيل الإعارة.

وبالفعل حقق المعلم إنجازًا تاريخيًا مع نادي كاظمة الكويتي، بالصعود من الدرجة الثالثة إلى الدرجة الثانية ثم إلى الدرجة الأولى في ثلاثة مواسم متتالية.

وبدأت الأسئلة تُثار عن ذلك اللاعب المصري الذي يقود كاظمة الكويتي. فسعى مسؤولو نادي العربي الكويتي للاستعانة به في دوري أبطال آسيا، وحصل خلالها على لقب أفضل لاعب.

قرر المعلم العودة إلى مصر، وذلك قبل اندلاع حرب أكتوبر المجيدة عام 1973 بـ 24 ساعة فقط.

وفي عام 1974، شارك حسن شحاتة في كأس أمم إفريقيا ليحصل الفراعنة على المركز الثالث.

وقدم مع القلعة البيضاء مسيرة رائعة طوال 10 مواسم لعبها في الدوري المصري، ونجح في تسجيل 77 هدفًا، ورغم تألقه مع الأبيض لم يحصل سوى على بطولة واحدة للدوري، و3 بطولات كأس مصر، ولكنه لم يتوج بأي لقب إفريقي.

وفاز شحاتة بلقب هداف الدوري في موسمي 1976–1977 و1979–1980، كما ساهم في تتويج الفارس الأبيض بـ4 ألقاب، لقب للدوري و3 ألقاب لكأس مصر، كما حقق لقب أفضل لاعب في مصر عام 1976، ودخل ضمن الثلاثي المرشح لجائزة الأفضل في قارة أفريقيا الممنوحة من قبل "فرانس فوتبول" عام 1974.

خدعة حلمي زامورا

اتخذ حسن شحاتة قرار الاعتزال أكثر من مرة، كانت المرة الأولى حين فشل المنتخب المصري في الوصول إلى كأس العالم 1978، ليقرر الرحيل عن الدوري المصري واللعب في الإمارات.

أما المرة الثانية كانت عام 1980، حين أصبح عمره 34 عامًا، وأحس أنه لن يقود الأبيض لأي بطولة جديدة، وبالفعل سافر إلى الإمارات لتدريب فريق 20 سنة بنادي الوصل.

وقرر شحاتة الاعتزال، حتى فوجئ باتصال هاتفي من رئيس النادي حلمي زامورا، ليُبلغه أن النادي يرغب في إقامة مهرجان اعتزال يليق به.

 وحين عاد إلى القاهرة، أقنعه زامورا بالاستمرار في اللعب، ليشارك مع الأبيض حتى عام 1983 ليعتزل في سن 37 عامًا، ويُعتبر شحاتة ثاني الهدافين التاريخيين للنادي الأبيض في كل البطولات برصيد 102 هدف.

هناك في المظاليم

بعد اعتزاله مباشرة، بدأ رحلته في عالم التدريب ليعمل مساعدا للمدرب اليوغوسلافي نينكوفيتش، ثم سافر إلى الإمارات لتولي تدريب نادي الخليج الإماراتي لفترة قصيرة.

في عام 1989، كانت تجربته الأولى كمدير فني في مصر بعدما تولى مسئولية نادي المريخ البورسعيدي، ثم سافر إلى سلطنة عُمان لتدريب نادي الشرطة، وعاد بعدها إلى مصر لتدريب الاتحاد السكندري مطلع التسعينيات لموسم واحد.

أما البداية الحقيقية، كانت في دوري المظاليم، حين تولى تدريب المنيا عام 1996 لينجح بالصعود بالفريق للممتاز، وتكرر الأمر بعدها مع ناديي الشرقية ومنتخب السويس.

بعد النجاح الكبير الذي حققه في دوري الدرجة الثانية، تولى قيادة منتخب الشباب عام 2001، مع جيل ضمّ عماد متعب، عمرو زكي، أحمد فتحي، حسني عبد ربه،، والراحل محمد عبد الوهاب.

فاز أحفاد الفراعنة تحت قيادة حسن شحاتة بكأس الأمم الأفريقية عام 2001، كما قدم أداءً رائعًا في كأس العالم للشباب بالإمارات، وخرج المنتخب من الدور ربع النهائي أمام الأرجنتين.

ورغم النجاح الرائع مع الفراعنة، عاد شحاتة مرة أخرى إلى المظاليم، عبر فريق المقاولون العرب ليصعد معهم للدوري الممتاز، أصبح بذلك أول مدرب في تاريخ الكرة المصرية يصعد 4 فرق إلى الدوري.

لكن النجاح الأبرز، حين قاد ذئاب الجبل إلى لقب كأس مصر على حساب الأهلي في مباراة شهيرة، ومن ثم التتويج بكأس السوبر المصري على حساب الزمالك في مفاجأة هزت الكرة المصرية.

مدرب مؤقت

في عام 2005، أقيل المدرب ماركو تارديلي من تدريب منتخب مصر بسبب سوء النتائج في تصفيات كأس العالم 2006، ليقرر عصام عبد المنعم رئيس اتحاد الكرة تولي حسن شحاتة المسئولية بشكل مؤقت.

وبعد نتائج رائعة في التصفيات، رغم عدم الصعود قرر سمير زاهر رئيس اتحاد الكرة الجديد، تمديد عقد حسن شحاتة ليتولى إدارة الفراعنة بكأس أمم أفريقيا 2006.

رغم الخسارة وديا قبل البطولة أمام تونس وجنوب أفريقيا، لكن المنتخب المصري حقق البطولة رغم أن الجميع أكد أن فوز الفراعنة جاء بسبب عاملي الأرض والجمهور، كما لم ينس البعض “خناقة” ميدو الشهيرة في مباراة السنغال بنصف النهائي.

شارك المعلم كذلك في البطولة العربية التي أُقيمت بمصر وفاز بها، وكانت استعدادًا مثاليًا لبطولة أفريقيا 2008، التي قدّم فيها المنتخب مستوى تاريخيًا، ويعتبره الكثير أفضل أداء لمنتخب مصر في بطولات أفريقيا، مما أخرس المنتقدين تمامًا.

 "كم أنت كبير يا شحاتة، كم أنت رائع يا مايسترو، ارفعوا أقلامكم، اصمتوا، كفى انتقادات، الرجل كتب التاريخ".

وفي عام 2009، لم يُوفّق الفراعنة بالتأهل لكأس العالم 2010، بسبب أحداث أم درمان الشهيرة، ليصعد المنتخب الجزائري الشقيق إلى المونديال، لكن عوض شحاتة عدم الصعود بالتتويج بكأس أمم أفريقيا للمرة الثالثة على التوالي، ليكون أول منتخب يفعلها في التاريخ.

خرجت بعض الأصوات تنادي بعمل تمثال له وسط القاهرة بعد الإنجاز التاريخي، خاصة أن منتخب مصر لم يخسر أي مباراة (19) تحت قيادة المعلم في بطولة أفريقيا سواء مع الفريق الأول أو الشباب.

ومن ينسى أيضا الأداء الإعجازي لمنتخب مصر أمام إيطاليا بطل العالم بعدما قهره الفراعنة بهدف “حمص"، بعد الخسارة بصعوبة أمام البرازيل "3-4" في كأس القارات 2009، ليثبت حسن شحاتة نفسه كواحد من أفضل المدربين عبر التاريخ.

لكن رغم هذه الإنجازات التاريخية، فإن تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2012 شهدت نهاية حقبة شحاتة مع المنتخب المصري بعدما فشل الفراعنة في التأهل إلى البطولة التي استضافتها غينيا الاستوائية والجابون، باحتلاله المركز الأخير في مجموعته، لتكون نهاية حزينة لرحلة تاريخية كتبت بأحرف من ذهب.

العودة إلى الأبيض

في عام 2012، عين حسن شحاتة مدربا لناديه الأول، الزمالك، وكاد أن يحقق لقب كأس مصر، لكن اللقب ضاع في اللحظات الأخيرة أمام إنبي، ومع ذلك، جددت الإدارة ثقتها فيه لاستعادة لقب الدوري الغائب منذ 7 سنوات، لكن إلغاء المسابقة بسبب أحداث بورسعيد حرمه من حلم تحقيق البطولة.

رفض الزمالك استكمال مباراة الإسماعيلي، وزار الأبيض الأهلي لتقديم واجب العزاء بنفسه.

بعد العودة لاستئناف النشاط، دخل المعلم في صدام مع شيكابالا، وقرر عدم ضمه لرحلة الفريق إلى أبيدجان بسبب غيابه عن التدريبات، ثم السماح له بالعودة بعد الالتزام.

رحل شحاتة عن الأبيض بعد المشكلة الشهيرة مع شيكابالا، رافضا الاستمرار حال بقاء اللاعب.

خاض حسن شحاتة عدة تجارب تدريبية بعد رحيله عن الزمالك، إذ درب العربي القطري والدفاع الجديدي المغربي، ثم عاد لبيته القديم المقاولون العرب، ومنه إلى بتروجت، ثم مستشارا لنادي ماورفيرك النمساوي حتى عام 2020، لتنتهي رحلته مع عالم التدريب.

وهكذا، كان المعلم حسن شحاتة أسطورة في الملاعب، وإمبراطورًا في عالم التدريب.

وفي الوقت الحالي، يشغل حسن شحاتة منصب عضو اللجنة الفنية في الاتحاد المصري لكرة القدم.