رحلة هروب انتهت بمأساة.. تفاصيل مقتل "فتاة أبو النمرس"

التعدي على فتاة - تعبيرية
مصطفى عبدالفضيل
ليست كل الجرائم تبدأ في الشوارع المظلمة أو الأزقة المهجورة، بعضها يُولد في قلب البيوت، حيث يُفترض أن تُزرع الرحمة وتُسقى المحبة.
في بيت بدا للناس عاديًا، اجتمعت أسرة كاملة حول قرار وحشي، قرار إنهاء حياة ابنتهم، بدمٍ بارد، ليصبح الأب قاتلًا لا سندًا، فقط لأنها أحبّت واختارت طريقًا لم يُرضِهم.
قُتلت على يد من كان يُفترض أن يحموها، ليصنعوا جريمة لا تكتفي بطعنات السكين، بل بتمزيق ما تبقّى من إنسانية، وإعادة تعريف الأسرة لتصبح يدًا تحمل الموت بدلًا من صدرٍ يحتضن الخوف والندم.
بداية نزيف الشرف الزائف
هكذا بدأت القصة.. لم تكن الضحية سوى فتاةٍ في عمر الزهور، سبعة عشر عامًا فقط، تحمل قلبًا صغيرًا يفتّش عن حنانٍ مفقود، بعد أن اختنقت من ضيق جدران البيت، بسبب خلافاتٍ عائلية وظلمٍ شعرت به داخل منزلها، فتركت بيت الأسرة هاربةً إلى مدينة الغردقة، تبحث هناك عن بداية جديدة، وعن حضنٍ يحتضنها، ظنّته سيمنحها الأمان لا يُحاسبها، وعن حياةٍ كتبتها لنفسها لا لغيرها.
أحبّت شابًا، وقررت أن تختار قدرها، لكن الشرف في عُرف أسرتها كان أضيق من قلبها، وأقسى من خوفها.
الرحلة التي ظنّتها خلاصًا لم تنتهِ بسلام. حين علمت الأسرة بما فعلته، لم يغفروا لها الهروب، ولا ما اكتشفوه بعد: علاقة غير شرعية مع شابٍ أحبّته. وهنا بدأت المأساة تتحرك في صمت، حتى حانت ساعة الدم.
استدراج الفتاة باسم الغفران
سافر الأب والأم إلى الغردقة، حاملين حقيبة مليئة بكلمات الغفران الكاذبة، وبأصواتٍ مبللة بالدموع المصطنعة، ووعودٍ بغفرانٍ زائف، أقنعا ابنتهم بالعودة معهما إلى البيت الذي هربت منه.
ربما ظنّت لوهلة أنهما غفرا لها، أو خُيّل لها أن صدر أمّها سيحميها، وأن عين أبيها قد رضيت، أو ربما لم يكن لها خيارٌ آخر.
عادت الفتاة تحمل حقيبة صغيرة وأملًا هشًّا بأن تعود ابنة محبوبة من جديد. لكنها لم تكن تعلم أن الرحلة عودة إلى الذبح، لا إلى الدفء. فما كان ينتظرها لم يكن حضنًا ولا حنانًا، بل كان مسرحًا لجريمةٍ كُتبت تفاصيلها سلفًا.
ليلة الدم في البدروم
ما إن دخلت البيت حتى استدرجوها إلى البدروم. هناك شدّوا وثاقها بالحبال، لتقف وحيدة في مواجهة ذروة غضبهم، دون رحمة.
الأب نفسه، الذي علّمها أول كلمة، رفع السكين ليكتب آخر كلمة في حياتها.
وبمعاونة الأم وشقيقها ونجل عمتها، ذبح ابنته، وفصل رأسها عن جسدها، لتتبدّل اللحظة التي كان يمكن أن تكون عناقًا بعد خصام، وتتحوّل إلى ذبحٍ بارد.
وتُسطر جريمة لم ترتعش فيها يد القاتل، ولا اهتز قلب الأم وهي تشهد الدم ينزف من فلذة كبدها.
خطة دفن الجريمة ليلًا
لم يكتفوا بالقتل، بل خططوا لإخفاء آثار الجريمة. وضعوا الجسد داخل جوالٍ بلاستيكي، لفّوه بملاءة سرير كانت يومًا ما تغطي جسدها البريء، ثم ألقوه بجانب مبنى مهجور.
أما الرأس، فبعدما فصلوه، ألقوه في أحد المصارف المجاورة للقرية، حتى لا يتعرف عليها أحد، كأنهم يُلقون بقايا خطيئة أرّقتهم.
كان الليل شاهدًا على خطواتهم الخافتة، وخيالاتهم تُلاحقهم في الأزقة، لم يكن في قلوبهم شيءٌ من الندم، فقط خوفٌ من انكشاف المستور. لكن الرائحة لا يُخفيها ليل، والدم لا يغسل العار.
بلاغ باكتشاف جوالٍ مفزِع
في صباحٍ ثقيل، تلقت الشرطة بلاغًا عن وجود جوالٍ مشبوه ومثير للريبة بجوار مبنى مهجور. انتقلت القوة الأمنية إلى المكان، فتحت الجوال بحذر، لتكتشف الجسد مفصول الرأس، ملفوفًا بإحكام في ملاءة. كانت الصدمة أكبر من مجرد جثة: فتاة في عمر الزهور، بلا رأس، بلا ملامح.
الأجهزة الأمنية بدأت التحقيقات فورًا، وفتحت دفتر الأسئلة: من هذه؟ ومن يمكن أن يفعل هذا بفتاةٍ صغيرة؟ ومن سلخ الرحمة عن قلبه ليذبحها؟ في تلك اللحظة، كانت القرية كلّها تحبس أنفاسها، والسر يُوشك أن يُفضح.
خيوط الدم تكشف القتلة
بخيوطٍ قليلة بدأت أجهزة الأمن تتبّع طريق الدم. التحريات التي قادها اللواء هاني شعراوي، مدير المباحث الجنائية بالجيزة، كشفت أن الفتاة تغيّبت عن أسرتها، وعاشت فترةً في الغردقة مع شابٍ أحبّته دون علم أهلها.
التحريات تعمّقت أكثر، حتى وصلت سريعًا إلى بيت الضحية، إلى الأب والأم وشقيقها ونجل عمتها. وبمواجهة المشتبه فيهم، بأسئلةٍ قليلة ونظراتٍ مذعورة، انهارت جدران الصمت، واعترفوا بالتفاصيل البشعة... تفاصيل قتلت كل معنى للأسرة والرحمة.
اعتراف قتلٍ بدون دموع
في أوراق التحقيق، بدا المشهد باردًا، فقد أقر المتهمون بجريمتهم كاملة. الأب قال إنه أراد غسل العار، والأم اعترفت بحضورها الجريمة، بينما شقيقها ونجل عمتها ساعدا في الذبح والتخلص من الجثمان.
أسئلة عالقة بلا إجابة
ذبحوا ابنتهم لأنها أحبّت، وقتلوا قلب الأمومة لأن الخوف من الناس كان أكبر من الخوف من الله. جريمة لا تُغتفر، خطّتها أيادٍ كان يُفترض أن تبني لا أن تهدم، في بيتٍ كان يُفترض أن يكون أمانًا، لا عزاء.
وهنا، عند آخر السطور، لا نملك إلا أن نسأل: أيّ أبٍ يُحوّل يديه إلى سكين؟ وأيّ أم ترى دم ابنتها ينزف ولا تصرخ؟ هل يغسل الدم العار؟ أم يكتب عارًا جديدًا في وجوههم لا يُمحى؟
أسئلة لا تُجيب عنها أوراق التحقيق، ولا اعترافات القتلة... أسئلة تبقى معلّقة في ذاكرة القرية، وفي ضمير كل من يقرأ تفاصيل جريمة، بطلها شرفٌ زائف.
قرار النيابة الحاسم الأخير
أمام النيابة، لم تجد القلوب القاسية كلماتٍ للدفاع. حُبس الأب والأم وشقيق المجني عليها ونجل عمتها أربعة أيام على ذمة التحقيقات، مع تكليف مصلحة الأدلة الجنائية بتحليل DNA، ومطابقة الرأس بالجسد، وتقرير الطب الشرعي لتحديد ظروف الوفاة وأداة الجريمة.
لم ينتهِ المشهد هنا، فما زالت النيابة تبحث في كل تفصيلة: كيف خطّطوا؟ من حرّض؟ ومن ضغط على يد الأب لتتحوّل إلى سكين بلا قلب؟

الأكثر قراءة
-
كيفية مشاهدة "مملكة الحرير" الحلقة 6.. مواعيد العرض والقنوات الناقلة
-
بينهم طالب ثانوي.. إصابة 12 شخصًا في تصادم سيارتين بسوهاج
-
تفاصيل إصابة 4 أشخاص بطلقات نارية في مشاجرة بـ"الزيتون"
-
رسميا.. تنسيق الثانوية العامة 2025 محافظة سوهاج
-
رسميا.. تنسيق الثانوية العامة 2025 محافظة المنوفية
-
رسميًا.. تنسيق الثانوية التجارية والفندقية محافظة المنوفية 2025
-
تنسيق القبول بمدارس التعليم الصناعة بالمنوفية 2025-2026
-
عاقبه على سلوكياته.. قسوة قلب أب تُنهي حياة طفله في الفيوم

أخبار ذات صلة
عرض حياة المواطنين للخطر.. ضبط سائق نقل تسبب في تناثر حمولة بالطريق الدائري
06 يوليو 2025 11:54 م
ضبط الطفل صاحب واقعة قيادة السيارة بأكتوبر
06 يوليو 2025 11:35 م
حريق يلتهم شقة في عزبة النخل.. و"الحماية المدنية" تتدخل
06 يوليو 2025 11:32 م
إصابة 4 أشخاص في تصادم سيارتين غرب قنا
06 يوليو 2025 11:29 م
أكثر الكلمات انتشاراً