الخميس، 10 يوليو 2025

01:14 ص

نسرين رمزي
A A

السوشيال ميديا.. المتهم البريء أحيانًا

سطور من “فيسبوك” أو صورة قد تكشف ما سكت عنه الإعلام، أو ما مرّ عليه مرور الكرام.

كثيرًا ما تُوَجَّه أصابع الاتهام إلى وسائل التواصل الاجتماعي، فيُصوَّر الأمر وكأنها مصدر للفوضى، ومنصة لبث الشائعات، وأداة تهدد الخصوصية. لكن الحقيقة أن هذه المنصات الرقمية لم تكن يومًا سوى مرآة لما يدور في الواقع – تكشف ما خفي، وتُسلّط الضوء على ما يحاول البعض التعتيم عليه.

فهي، مؤخرًا، من كشفت واقعة سرقة الإعلامية مها الصغير للوحات الفنانة الدنماركية ليز، بعد أن تداول المستخدمون الصور والأدلة على نطاق واسع، مما فتح بابًا للنقاش والمساءلة.

وهي كذلك من فضحت أبعاد حريق سنترال رمسيس المركزي، بعد نقل مشاهد الحريق لحظة بلحظة، كاشفةً حجم الأثر الذي أصاب قلب القاهرة بالشلل، من تعطّل خدمات الشحن والصرافات الآلية، إلى توقف الإنترنت وانقطاع خدمات الاتصالات. والحسنة الوحيدة لهذا الحادث، إن لم يُعاقَب المقصِّرون، أن ننتبه إلى أن شريان الاتصال بالبلد يحتاج إلى اهتمام وحماية أكبر من هذا.

لم تعد وسائل التواصل الاجتماعي ترفًا أو مجرد مساحة للتسلية، بل تحولت إلى ضرورة، بل إلى آلية رقابة شعبية، ساهمت - في كثير من الأحيان- في كشف جرائم لم تكن لتُكتشف لولاها، أو في إثارة قضايا كانت ستُطوى في الظلام.

وبصعودها إلى سطح الرأي العام، أصبحت السوشيال ميديا سلاحًا ذا حدين. فمن جهة، هي منصة لكشف الفساد والتجاوزات، تُسقط أقنعة، وتفتح ملفات مغلقة، وتدفع الرأي العام للضغط على المسؤولين لاتخاذ مواقف حاسمة. لكنها، في المقابل، قد تتحول أحيانًا إلى محكمة شعبية تُصدر أحكامًا متسرعة، وتُعلّق المشانق دون دليل أو تحقق.

ولا يمكن - في خضم هذا الجدل- أن نتجاهل وجود مواهب حقيقية وفاعلة بين رواد هذه المنصات، أثبتوا قدرتهم على صناعة محتوى هادف ومؤثر، لدرجة أن برامج التلفزيون نفسها باتت تستعين بهم كمُعِدّين أو ضيوف دائمين، وهو ما يؤكد أنهم ليسوا ظاهرة سطحية كما يظن البعض.

لكن هذا لا يعني أن كل من اعتلى موجة الترند يحمل قيمة أو رسالة، كما لا يمكن أيضًا نفي القيمة عن الجميع. فالحقيقة - كما هي دائمًا- تقع في المنتصف.

فالسوشيال ميديا ليست عدوًّا ولا صديقًا، بل هي أداة. واستخدام الأداة لا يُدان ولا يُشاد به إلا بناءً على يد من يُمسك بها.

search