السبت، 12 يوليو 2025

01:11 ص

"لله درك يا ابن عباس".. نص خطبة الجمعة اليوم

خطبة الجمعة

خطبة الجمعة

روان عبدالباقي

A .A

حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم بعنوان: "لله درك يا ابن عباس".

وقال الوزارة إن الهدف من الخطبة توعية الجمهور بخطورة التعامل مع الفكر الضال، وبيان حكمة الصحابي الجليل عبد الله بن عباس، حبر الأمة وترجمان القرآن، في تعامله الراقي مع الخوارج.

كما تهدف خطبة الجمعة إلى التأكيد على مواجهة الفكر المتطرف بالعلم الراسخ، والفهم العميق، والحوار الهادئ، والبيان الشافي، بعيدًا عن الغلظة والشدة.

وفي الخطبة الثانية، تتناول الوزارة أهمية يقظة الضمير في إصلاح الفرد والمجتمع.

نص خطبة الجمعة

وإليكم نص خطبة الجمعة:

الحمد لله رب العالمين، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شاء ربنا من شيء بعد، هدَى أهل طاعته إلى صراطه المستقيم، وعلم عدد أنفاس مخلوقاته بعلمه القديم.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا وتاج رؤوسنا وقرة أعيننا محمدًا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فإننا نقف اليوم وقفة تأمل عند حادثة عظيمة ومناظرة فريدة سطّرها التاريخ الإسلامي بمداد من نور، إنها مناظرة الصحابي الجليل عبد الله بن عباس، حبر الأمة وترجمان القرآن، مع الخوارج.
هذه الحادثة لم تكن مجرد سجال عقلي، بل كانت رحمة من الله، ونموذجًا يُحتذى به في التعامل مع الفكر المنحرف، ووسيلة لانتشال الأمة من هوة الخلاف. فقد خرج الخوارج عن جماعة المسلمين، وشقوا عصا الطاعة، وكفروا الناس بالمآل، واستحلوا الدماء، ظنًا منهم أنهم على الحق المبين.
لقد عميت بصائرهم عن فهم مقاصد الشريعة، وتحجرت قلوبهم عن سماع صوت الحكمة، ففهموا الظواهر وغفلوا عن الجواهر، وركزوا على الحرف وتركوا روح النص.

يشاء الله أن يقيم سيدنا عبد الله بن عباس في ذلك الزمن نموذجًا ملهمًا في مواجهة هذا الفكر، فقام يناقشهم بالحجة، ويفند شبهاتهم، ويبين انحراف فهمهم لمسائل الحاكمية، والتكفير، واستحلال الدماء.
ضرب ابن عباس مثلًا للعالم الشجاع الذي لا يترك الساحة للفكر المتشدد ليعيث فيها فسادًا. أوضح لهم أن التطرف عدوان على جمال الشريعة، وأن العنف والغلظة لا تمت إلى هدي الإسلام بصلة، وإنما هو غلو مردود، يُواجه بالعلم، والحوار، والبيان.

أيها الناس، هذه رسالة إلى أصحاب الفكر المنحرف:
هل تدركون حقًا ما حكم الله؟
هل في قتل الأبرياء وترويع الآمنين وتدمير الأوطان تظهر رحمة الإسلام؟
ألم يقل الله تعالى: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".

أيها الإخوة، لقد امتد هذا الإشكال إلى واقعنا المعاصر، وقامت تيارات متطرفة تُكفّر المسلمين وتبث العنف والتشدد. فنحن أمام منهجين:
منهج فكري مستقيم مستنير، يقابله منهج سقيم متشنج، غاضب مندفع، يفتقر إلى الفقه والبصيرة.
ويظهر عبر موجات مختلفة كل بضع سنوات، لكنه يحمل دائمًا ذات الفكرة المغلوطة، ويكرر الأخطاء نفسها في فهم الوحي.

وقد أثمرت مناظرة ابن عباس ثمارًا عظيمة، حيث رجع عن الغلو نحو ألفين أو ألفين وخمسمئة رجل، في عدد هائل لذلك الزمان.
وهذا يدل على قوة الحجة، وصفاء المنهج، وتوفيق الله لمن قام بواجب البيان، فكيف واجه ابن عباس التطرف في زمانه؟
واجهه بالعلم والفهم والحوار لا بالعنف. لم يلجأ إلى الشدة إلا بعد استنفاد كل وسائل البيان والإقناع.

فلله درك يا ابن عباس.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

أيها المؤمنون، إن الضمير جوهر روحاني يحكم سلوك الإنسان، وبه يهديه الله إلى الخير والصلاح.
ولهذا حرص الإسلام على تربية المسلم على يقظة الضمير، ومراقبة الله في السر والعلن.
وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا في حديث جبريل حين قال:
"فما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".

أيها المسلمون، إن يقظة الضمير ضمان لسعادة الأفراد والمجتمعات، وإذا غاب الضمير، حل الفساد.
مهما تطورت القوانين والأنظمة، فإنها لا تغني عن وازع داخلي يردع الإنسان عن الظلم والخيانة.

علّموا أبناءكم أن الضمير هو حارس الأخلاق، وهو ما يمنع الموظف من الرشوة، والمعلم من التقصير، والطبيب من الإهمال، والتاجر من الغش، والمسؤول من الظلم.

search