السبت، 12 يوليو 2025

01:15 ص

صانع نهضة ماليزيا.. "مهاتير محمد" يحتفل بعيد ميلاده المئة

 رئيس الوزراء الماليزي الأسبق مهاتير محمد

رئيس الوزراء الماليزي الأسبق مهاتير محمد

نهى رجب

A .A

احتفل رئيس وزراء ماليزيا الأسبق، مهاتير محمد، أمس الخميس، ببلوغه مئة عام، ليُصبح بذلك أقدم سياسي في تاريخ البلاد الحديث، وأكثر من شغل منصب رئاسة الحكومة، بحسب ما نقلته شبكة "بي بي سي" البريطانية.

وفي بودكاست خاص بهذه المناسبة، وصف مهاتير بلوغه هذا العمر بـ"الأمر المرعب"، مستعرضًا محطات مفصلية من مسيرته الممتدة لعقود، والتي تزامنت مع تحولات كبرى في تاريخ ماليزيا.

عقود من القيادة والتحول الاقتصادي

يُعد مهاتير أحد أبرز الزعماء السياسيين في جنوب شرق آسيا، حيث تولى رئاسة الوزراء في فترتين: من 1981 إلى 2003، ثم عاد للمنصب عام 2018 عن عمر 92 عامًا، ليُصبح أكبر زعيم منتخب في العالم آنذاك، وقضى إجمالًا 24 عامًا في السلطة.

قاد مهاتير بلاده نحو تحوّل اقتصادي جذري، إذ نقل ماليزيا من دولة زراعية إلى قوة صناعية ناشئة تُعد من "نمور آسيا"، معززًا الاستثمار في التعليم والبحث العلمي، ومرسخًا شراكة قوية بين الدولة والقطاع الخاص.

صحة حديدية رغم أزمات القلب

ورغم تاريخه الطبي مع أمراض القلب، حيث خضع لعمليتين جراحيتين في الخمسينيات من عمره، لا يزال يتمتع بلياقة ذهنية واضحة. ويُعزى ذلك، وفقًا لما صرّح به في البودكاست، إلى امتناعه عن التدخين وتجنبه الإفراط في تناول الطعام.

تاريخ سياسي مثير للجدل

ورغم إنجازاته، لم يخلُ تاريخه السياسي من الجدل، إذ وُجهت إليه انتقادات بسبب ما وُصف بتقييد الحريات العامة، وتكريس المحسوبية لصالح عرقية الملايو ذات الأغلبية، على حساب الأقليات الصينية والهندية.

كما أثارت تصريحاته بشأن الغرب واليهود استياءً دوليًا، خاصة حين قال إن "اليهود يحكمون العالم بالوكالة". وردًا على الانتقادات، قال إن الهجوم عليه يُعد دليلًا على صحة كلامه. لكنه، في المقابل، لم يُخفِ تضامنه الدائم مع القضية الفلسطينية.

نشأة متواضعة وصعود سياسي

وُلد مهاتير في يوليو 1925 بمدينة ألور ستار بولاية قدح، وتفوق في دراسته ليحصل على منحة لدراسة الطب في كلية الملك إدوارد السابع (جامعة مالايا حاليًا في سنغافورة).

انضم إلى "المنظمة الوطنية الماليزية المتحدة – أمنو" وهو في سن 21 عامًا، وعمل طبيبًا لسبع سنوات، قبل أن يُنتخب عضوًا في البرلمان عام 1964. لكنه فقد مقعده عام 1969 بعد أن كتب خطابًا انتقاديًا لرئيس الوزراء آنذاك، وطُرد من الحزب.

ألّف لاحقًا كتاب "معضلة الملايو"، منتقدًا فيه ما اعتبره تهميشًا للمالاي، وهو ما أكسبه دعمًا بين القادة الشباب في الحزب، فعاد إليه، وتدرّج في المناصب حتى أصبح رئيسًا للوزراء عام 1981.

وفي عام 2016، انشق عن التحالف الحاكم بسبب فضائح فساد، لينضم إلى المعارضة، ويُحقق عام 2018 فوزًا مدويًا على حلفائه السابقين.

مهاتير في المشهد حتى اليوم

خسر مهاتير مقعده في البرلمان خلال انتخابات 2022، لكنه لا يزال حاضرًا في المشهد العام، مُعبرًا عن آرائه ومواقفه، ومثيرًا للجدل حول إرثه السياسي الذي يراه البعض إصلاحيًا، ويراه آخرون إقصائيًا.

ورغم بلوغه المئة، لا يزال مهاتير محمد رمزًا سياسيًا يُقسم الآراء بين مؤيد ومعارض، ويبقى أحد أكثر الزعماء تأثيرًا في تاريخ ماليزيا الحديث.

search