وأد بالطريقة الحديثة.. ولادة البنت أقل في السعر عن الولد بالجزائر

أثار كشف طبيبة نساء جزائرية لممارسات تمييزية في بعض العيادات الخاصة في بلادها، جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي المحلية، بعد أن تحدثت عن فروقات في أسعار الولادة تُحتسب بناءً على جنس المولود، في ظاهرة أثارت صدمة ورفضًا شعبيًا واسعًا، وفقًا لموقع "العربية".

أول من كشف على الظاهرة

كانت الطبيبة المتخصصة في أمراض النساء، “س. حدادي” من ولاية عنابة شرق الجزائر، أول من كشف هذه الظاهرة، من خلال فيديو نشرته عبر مواقع التواصل، تحدثت فيه عن قدوم سيدة إلى عيادتها، قالت إنها اختارتها تحديدًا لأنها لا تميز بين الذكر والأنثى في تكلفة الولادة.

وبحسب حدادي، فإن "العديد من العيادات الخاصة في الجزائر تفرض أسعارًا أعلى عند ولادة الذكور، بفارق قد يصل أحيانًا إلى النصف مقارنة بولادة الإناث".

وأضافت أن هذا الأمر فاجأها بشدة، وقالت: "كنت أعتقد أن هذه الممارسات انتهت منذ سنوات، خاصة أنني ألاحظ أحيانًا أن بعض الأزواج يفرحون بالبنات أكثر من الذكور".

لا مبرر طبي للفروقات

عدد من الأطباء والخبراء في القطاع الصحي، سارعوا إلى التنديد بهذه الظاهرة، حيث قال الدكتور منصف بوربيعة، في فيديو انتشر على الإنترنت: "هذه الممارسات تغرس التمييز في الطفل منذ ولادته، إنه شكل جديد من الجاهلية، الفرق فقط أنهم كانوا يئدون البنات، أما اليوم فيقللون من قيمتهن حتى في الفاتورة الطبية".

وطالب بوربيعة السلطات الصحية بفتح تحقيق عاجل، ومعاقبة المتورطين.

من جانبه، أكد أخصائي الصحة العمومية، الدكتور محمد كواش، أنه لا يوجد أي فرق علمي أو طبي بين ولادة الذكر والأنثى، يبرر هذا التباين في الأسعار.

وقال في تصريح لـ"العربية": "سواء في المعدات الطبية، أو الطاقم المشرف، أو التدابير الوقائية، لا يوجد اختلاف على الإطلاق. هذه فروقات غير مبررة تهدف فقط إلى استغلال عاطفة الأهل، لا أكثر".

تفضيل الذكور .. عقلية قديمة ما تزال حاضرة

الباحث الاجتماعي عبدالحفيظ صندوقي، اعتبر أن هذه الظاهرة تعكس استمرار عقلية تفضيل الذكور على الإناث، مشيرًا إلى أن هذه الذهنية لا تزال منتشرة “ليس فقط في الجزائر، بل حتى في دول متقدمة، وإن كانت بدرجات متفاوتة”.

وقال لا يزال البعض يرى في الذكر امتدادًا للاسم العائلي وسندًا في المستقبل، ورغم أن النساء أثبتن جدارتهن في مختلف المجالات، تبقى هذه النظرة قائمة للأسف"، بحسب "العربية".

وأضاف أن بعض العيادات قد تستغل هذا التفضيل المجتمعي لفرض أسعار أعلى، خاصة في المناطق التي تفتقر لمرافق صحية حكومية ذات جودة.

دعوة لاحترام الضوابط المهنية

وأشار صندوقي إلى نقطة قانونية مهمة، مؤكدًا أن "بعض المصحات الخاصة وقعت عقودًا مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وهو ما يلزمها باحترام ضوابط مهنية ومعايير تسعير موحدة".

وأوضح أن النساء اللواتي يلدن في هذه المصحات يدفعن جزءًا من تكاليف الولادة عبر اشتراكاتهن أو اشتراكات أزواجهن في الضمان الاجتماعي، ما يعني أن أي تمييز سعري يعد انتهاكًا مباشرا لحقوقهن.