الجمعة، 25 يوليو 2025

11:31 م

أكبر طالب ثانوية عامة: عدت للحلم بعد 20 عاما لأجعل ابني يفتخر بي

صوره محمد

صوره محمد

محمد حيزة

A .A

في قصة ملهمة تنسج خيوطها من الأمل والتحدي، يعود محمد الحوفي، أكبر طالب ثانوية عامة بالإسكندرية، إلى مقاعد الدراسة بعد أكثر من 20 عامًا من الانقطاع، حاملًا حلمًا مؤجلًا وإرادة لا تلين، ورغم ما واجهه من ظروف حياتية قاسية، وحرمان عائلي، وضغوط معيشية، أصر على أن العمر ليس عائقًا أمام تحقيق الطموح، وأن الحلم لا يسقط بالتقادم، بل يشتد لمعانه في قلب من يؤمن به.

يقول محمد الحوفي إن "العمر مجرد رقم"، وإن فوات الفرصة في بداية الحياة لا يعني نهاية الطريق، بل ربما تتحقق الأماني في وقت متأخر، طالما ظل الإنسان متمسكًا بأمله، مؤكدا أنه اعتاد دومًا أن يواجه المستحيل ويتحدى الظروف، مهما كانت قسوتها.

وكان الحوفي قد انقطع عن التعليم منذ عام 2002، بعد حصوله على دبلوم فني سياحة وفنادق تخصص مطبخ بالإسكندرية، بسبب ظروف الحياة والسفر، مما حال دون التحاقه بالجامعة، لكنه لم يستسلم، وظل طوال السنوات يثقف نفسه بالقراءة والاطلاع، حتى أتيحت له الفرصة مؤخرًا للعودة إلى التعليم من خلال نظام “المنازل”.

ويحكي الحوفي عن تجربته قائلًا: "بدأت التحضير للثانوية العامة قبل الامتحانات بشهر واحد فقط، وسط ضغوط الحياة والعمل كنت أذاكر من الكتب المستعملة التي كنت أشتريها من محطة مصر، وأستغل كل لحظة في المقهى للمذاكرة عبر الهاتف المحمول".

ورغم ظروفه الأسرية الصعبة، بعد انفصاله عن زوجته وحرمانه من رؤية ابنه "أمير" لعشر سنوات، ظل متمسكًا بالحلم وقال: "الكلمة التي جرحتني 'إنت مجرد سائق' كانت دافعًا لي أردت أن أجعل ابني يفتخر بي، رغم أنني لم أحضنه يومًا، هذه المعاناة كانت وقودي للاستمرار".

وبجانب الدراسة، وجد الحوفي في الشعر ملاذًا ومتنفسًا للتعبير عن آلامه ومعاناته، فبدأ يكتب وينشر، ولاقت كتاباته إعجاب عدد من الشعراء والنقاد الذين شجعوه على الاستمرار وأصدر ديوانه الأول "رسالة طير سلام" في معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 2025، حيث تناول فيه قضايا مجتمعية وإنسانية بلغة شعرية سلسة وجذابة.

أما عن حلمه المستقبلي، فيأمل الحوفي في دراسة الحقوق، والدفاع عن المظلومين، خاصة الرجال الذين يعانون من صعوبات قانونية في قضايا الأحوال الشخصية، ويطمح في المساهمة في تعديل بعض القوانين بما يحقق عدالة متوازنة للطرفين.

وفي رسالته الأخيرة، وجه نداءً لأولياء الأمور: "رجاءً، لا تضغطوا على أولادكم نفسيًا بسبب الثانوية العامة، ولا تجعلوا المال هو العائق أمام تعليمهم، فالإيمان والإصرار هما أساس النجاح الحقيقي".

search