الإثنين، 04 أغسطس 2025

10:08 م

فقر ومعاناة بالطفولة.. "شحاتة" يصنع حلمه ويقود أنجح بزنس بالشرق الأوسط

شحاتة السيد

شحاتة السيد

قصة نجاح مريرة عاشها شحاتة السيد، الذي حصد جائزة تحدي الابتكار من جوجل، على إطلاقه مشروع دليل المصادر المفتوحة للصحفيين العرب، بعد أن حيى طفولة بالغة في المعاناة حتى وصل إلى أن أصبح صاحب إحدى أنجح الشركات في الشرق الأوسط.

“من طفل لم يعش طفولته وشاهد على أيام ذل واستعباد إلى رجل أعمال ناجح رايح شركته.. أنا حقيقي فخور بقصتي”.. عبارة تبرز المعنى الحقيقي للألم الذي امتزج بالصمود والقوة والمثابرة التي خرجت من أكتاف طفل هزيل لم يرى حوله سوى الفقر المدقع وضيق الحال والمعاناة، وفجأة أصبح مطالب بتحمل مسؤولية أبويه و3 شقيقات وهو فقط يبلغ من العمر 6 سنوات.

ظروف قاسية في النواورة

جاء شحاتة السيد من قرية النواورة، آخر قرية بأسيوط، في ظروف قاسية على المنطقة بكاملها، إذ أغرقت السيول الشديدة مساكن الأهالي بشكل مؤسف.

هذه السيول جعلت الكثير من أهالي النواورة مشردين بعد الخراب الجامح الذي اجتاح القرية، ما استدعى من قبل الدولة بناء مخيمات من الوحدة الصحية وغيرها من الخدمات الاجتماعية.

في هذه الظروف، أُصيب شحاتة بمرض خطير، حينها ذاق والديه الأمرّين، مرارة تدهور صحة رضيعهم بين أيديهم وصعوبة إنقاذه بسبب الصراع مع المواصلات التي تقلهم إلى المستشفيات في ظل ظروف القرية التي كانت تكافح من أجل الوصول للخدمات الصحية، إلى أن خضع لعملية جراحية أنقذت حياته، ليبدأ مأساة وهو للتو تعلم المشي.

تحمل المسؤولية

وجد شحاتة البالغ من العمر فقط 6 سنوات نفسه مطالبًا بتحمل مسؤولية أكبر من جسده النحيل، فكبر والده ولم يقدر على العمل ثانية، فأصبح مضطرًا للعمل والإنفاق على والديه وشقيقاته الثلاث، بجانب مدرسته التي حرص على الذهاب إليها رغم كل الصعاب التي يمر بها.

لم يعش شحاتة طفولته مثل الصغار من حوله، فكان يهرب من مدرسته بسبب ملابسه البالية التي عرّضته للتنمر من زملائه، ويذهب على ورشة الحدادة، يعمل بها لأيام طويلة حتى يحصل في النهاية على جنيه واحد.

وكان يذهب إلى ورشة عجل وورشة سيارات، وغيرها من المهن التي تلقى بها الضرب والإهانة من أصحابها، ليتحصل على وريقات لم تكف حتى مصروف أسبوع للبيت الذي تعلق أفراده في رقبته.

مصنع بلاط

كبُر شحاتة، ووصل عمره لـ8 سنوات، السن الذي يفترض أن يلهو صاحبه بشوارع أسيوط مع أصدقاء في نفس العمر ويذهب معهم إلى المدرسة، وبدلًا من أن تمسك يده الصغيرة لعبة أو حلوى، مسكت الأسمنت الأبيض في أحد مصانع البلاط بالمنطقة، وبدلًا من أن تتسخ ببواقي الشيكولاته نزفت دمًا بسبب جروح المهنة الشاقة.

كبر العمل معه، وأصبح شحاتة يحمل التراب وبقايا المباني وغيرها من الأشياء التي كان يحملها للأشخاص على كتفه، الذي يحتفظ بآثار ذلك الحمل حتى يومنا هذا، إلى أن سافر إلى القاهرة وهي المرة الأولى التي يخرج فيها من أسيوط وبدأ شق طريقه هناك.

المنتصر الذي أصبح صاحب شركة

اليوم، شحاتة يتحدث عن نفسه مع “بي بي سي” بفخر واعتزاز، إذ يعيش شعور المنتصر الذي تغلب على كل عقبات حياته ويتجه حاليًا نحو شركته التي استطاعت أن تحقق نجاحًا باهرًا في أفريقيا والشرق الأوسط، فأصبح الولد الأجير عند أصحاب الورش، صحفي كبير حقق طفرة في حياته من أسوأ حال إلى أفضل حال.

درس شحاتة الإعلام وتخصص في الصحافة وعزز دراسته، وأدرك أن دور الصحفي الحقيقي لا ينتهى عند الوصول إلى المعلومة بل يبدأ، ووجد عمله يعتمد على أدوات مفتوحة المصدر، فبدلًا من اكتفائه بأن يصبح خبيرًا بها، قرر أن يكون مُصنّعًا لتلك الأدوات، وهو ما جعله يطلق مشروع دليل المصادر المفتوحة للصحفيين العرب عام 2019.

تحدي الابتكار

استطاع شحاتة أن يحصد جائزة تحدي الابتكار من جوجل بمشروعه الذي يراه صغيرًا، لكنه الأنجح على مستوى الشرق الأوسط وأفريقيا وتركيا بعد منافسة مع 425 شركة أخرى، كما أصبح يلقي محاضرات الذكاء الاصطناعي فيما يزيد عن 13 جامعة، فضلًا عن إدارته لمشروع ميتا للصحافة بالشرق الأوسط.

يختتم شحاتة حديثه قائلًا: “كل ما افتكر الطفل الذي لم يعش طفولته وأيام الذل والاستعباد.. لبزنس مان معروف بفضل الله ثم والدتي مببقاش مصدق.. قصة كفاح ونضال ومذاكرة مستمرة، أنا فخور حقيقي بقصتي”.

search