الإثنين، 11 أغسطس 2025

10:21 م

في عيد ميلاد نجاة الصغيرة.. موقف طريف قادها لمسيرة مُلهمة

نجاة الصغيرة

نجاة الصغيرة

محمود حجاب

A .A

تُعد الفنانة نجاة الصغيرة واحدة من أهم الأصوات النسائية التي شكّلت وجدان المستمع العربي، وساهمت في بناء مجد الأغنية الطربية خلال العصر الذهبي للموسيقى، بصوتها العذب وأدائها المليء بالإحساس.

نجاة استطاعت أن تحجز لنفسها مكانة خاصة بين عمالقة الفن، مقدّمةً عشرات الأغنيات الخالدة التي تعاونت فيها مع كبار الشعراء والملحنين، وعلى رأسهم الموسيقار محمد عبد الوهاب والشاعر نزار قباني والملحن بليغ حمدي.

عيد ميلاد نجاة الصغيرة.. احتفاء بفن لا يُنسى

ويحتفل الوسط الفني اليوم، الإثنين 11 أغسطس، بعيد ميلاد نجاة الصغيرة، التي لا تزال تمثل رمزًا للفن الراقي والأصيل، ورغم ابتعادها عن الساحة الفنية منذ سنوات، فأعمالها لا تزال تعيش في ذاكرة الجمهور، تُرددها الأجيال وتُخلدها الحفلات، لتبقى نجاة واحدة من أرقى الأصوات في تاريخ الغناء العربي.

أحدث صورة لنجاة الصغيرة تصدم المتابعين... هكذا أصبح شكلها على مشارف  الثمانين | مجلة لها

المسيرة الفنية وبدايات مبكرة

ولدت نجاة الصغيرة في القاهرة داخل أسرة فنية عريقة، فوالدها هو الخطاط السوري الشهير محمد حسني البابا، وأختها غير الشقيقة هي النجمة الراحلة سعاد حسني، أيقونة السينما المصرية.

هل كانت العلاقة بينهما متوترة .. ماذا قالت السندريلا عن صوت شقيقتها نجاة؟ -  اليوم السابع

بدأت نجاة مشوارها الفني مبكرًا للغاية، حيث ظهرت للمرة الأولى على الشاشة وهي في الثامنة من عمرها من خلال فيلم “هدية”، لكن البداية الحقيقية لمسيرتها تعود إلى موقف طريف ومُلهم حين كانت في الخامسة من عمرها، إذ صعدت على كرسي من الخيزران في إحدى حفلات نادي الموسيقى الشرقي، وقامت بتقليد السيدة أم كلثوم وهي تمسك المنديل الشهير.

ورغم أن الحاضرين بدأوا بالضحك، فإن الأمور انقلبت فجأة إلى انبهار وتصفيق حاد عندما بدأت الطفلة نجاة تغني “غنّي يا كروان” بصوت يحمل نضجًا غير متوقع. لحظة فارقة أعلنت ميلاد موهبة استثنائية أصبح لها شأن كبير في عالم الغناء.

مسيرة زاخرة بالألحان الخالدة

نجحت نجاة الصغيرة في بناء أرشيف غنائي استثنائي من خلال تعاونها مع كبار ملحني العصر الذهبي للموسيقى العربية، أبرزهم: محمد عبد الوهاب، كمال الطويل، بليغ حمدي، ومحمد الموجي، ما أثمر عن أكثر من 200 أغنية أصبحت من علامات الطرب العربي. ومن أشهر أعمالها التي لا تزال حاضرة في وجدان الجمهور: "عيون القلب"، “كل دا كان ليه”.

لم يكن نجاح نجاة مقتصرًا على الألحان فقط، بل كانت من أوائل المطربات اللاتي غنين قصائد الشاعر نزار قباني، التي لحّنها لها الموسيقار محمد عبد الوهاب، ليجمع هذا الثلاثي بين الكلمة الرصينة واللحن الساحر والأداء العاطفي الرقيق.

امتازت نجاة بدقة الأداء والانضباط الفني، وكانت تختار أعمالها بعناية، حريصة على مزج الإحساس الصادق بالعاطفة النقية، ما جعلها مدرسة مستقلة في الغناء العربي، يحتذى بها حتى اليوم.

نجاة الصغيرة التي لم تعرف طعم الشوكولاتة.. وحصلت على حكم «أصغر مُطلَّقة»

شائعات الغيرة.. والحقيقة الغائبة عن علاقة نجاة وسعاد حسني

رغم أن كلًا من نجاة الصغيرة وسعاد حسني حجزتا مكانة خاصة في قلوب الجمهور العربي، إلا أن الغريب أنهما لم يجتمعا في أي عمل فني مشترك، وهو ما فتح الباب أمام شائعات كثيرة عن وجود غيرة أو خلاف بين الشقيقتين.

لكن نجاة وضعت حدًا لتلك الأقاويل، حين نفت وجود أي توتر بينهما، وذلك في حوار لمجلة "الموعد" عام 1968، موضحة أن مشروعًا سينمائيًا كان بالفعل قيد التحضير، وكان من المقرر أن تتقاسم فيه الشقيقتان البطولة، حيث تؤدي إحداهما دور المطربة التي تضحي من أجل أختها.

ورغم الحماس الذي رافق الفكرة، توقف المشروع فجأة ولم يُستكمل، دون إعلان رسمي عن سبب ذلك، ليظل هذا العمل أحد الفرص الضائعة التي كان من الممكن أن تجمع بين موهبتين نادرتين في تاريخ الفن العربي.

عزلة طويلة وعودة تُشبه الحلم

بعد رحلة فنية حافلة بالأعمال الخالدة، قررت نجاة الصغيرة اعتزال الأضواء عام 2002، في خطوة صادمة لمحبيها تركت فراغًا كبيرًا في ساحة الطرب العربي الأصيل. لسنوات، ظلّت بعيدة تمامًا عن الإعلام والمهرجانات، مما زاد من غموض شخصيتها وعمّق شوق الجمهور لها.

ولكن المفاجأة الكبرى جاءت في عام 2017، حين عادت نجاة بصوتها الدافئ في عمل جديد، أعاد للأذهان رقي المدرسة الكلاسيكية التي تمثّلها، ولم تقف العودة عند حدود الأغنية، بل تألقت في حفل استثنائي بالسعودية، حيث غنّت مقطعًا من أغنيتها الشهيرة "عيون القلب"، وسط استقبال حافل وترحيب واسع من الجمهور العربي الذي لا يزال يحتفظ لها بمكانة خاصة.

نجاة الصغيرة.. إرث لا يُنسى وصوت لا يُكرر

لم تكن نجاة الصغيرة مجرد مطربة عابرة في تاريخ الفن العربي، بل كانت حالة فنية استثنائية استطاعت أن تُعيد تعريف الأغنية العاطفية بأسلوبٍ خاص لا يُشبه أحدًا. بصوتها النقي وأدائها المنضبط، مزجت بين عمق الإحساس ودقة التعبير، لتُقدم أعمالًا ما زالت تُدرّس في معاهد الموسيقى وتُغنّى في المحافل حتى يومنا هذا.

أغانيها، من "كل دا كان ليه" إلى "عيون القلب"، ليست مجرد ألحان وكلمات، بل جزء من الوجدان العربي، وإرث فني خالد تجاوز حدود الزمن، لتبقى رمزًا من رموز الطرب الأصيل وصوتًا لا يُكرر.

ظهور نادر لنجاة الصغيرة في حفل Joy Awards | خبر | في الفن
search