الأربعاء، 27 أغسطس 2025

12:03 ص

في اليوم العالمي للكلاب.. كيف تسببت براقش في هلاك أهلها؟

صورة لكلب

صورة لكلب

مصطفى عبدالفضيل

A .A

منذ قرون والعرب يرددون المثل الشعبي: “على نفسها جنت براقش”، لكن من تكون "براقش"؟ وهل كانت حقًا سببًا في هلاك قومها كما تقول بعض الروايات؟

الكتب التراثية لم تجمع على قصة واحدة، بل قدّمت ثلاث حكايات مختلفة، وتعددت أيضًا صيغ المثل المتداولة بين الناس، وفقًا لصحيفة “سبق”.

صيغ المثل واختلاف الروايات

ذكرت المعاجم أن “براقش” بكسر القاف، هي كلبة أصبحت رمزًا للشؤم بعد أن تسببت في مصيبة قومها، فجاء المثل: “على أهلها جنت براقش”، والاسم مأخوذ من "البرقشة" أي التزين بالألوان المتعددة.

ويشير المؤرخ الإماراتي جمال بن حويرب إلى أن المثل ورد بعدة صيغ؛ أشهرها: "على نفسها تجني براقش"، وهناك صيغة أخرى: "على أهلها جنت براقش"، وهي أقل شهرة لكنها متداولة، فيما جاءت رواية ثالثة: "على أهلها دلت براقش"، وقد رجحها الجاحظ وغيره باعتبارها الأقرب إلى الصحة.

وفي اليوم العالمي للكلاب وموعده 26 أغسطس من كل عام، نستعرض الحكايات الثلاث عن براقش.

الحكاية الأولى.. الكلبة التي قادت قومها إلى الهلاك

تقول الرواية الأولى إن "براقش" كانت كلبة تحرس قرية صغيرة، تنبح كلما اقترب الأعداء لتنبه أهلها، وفي إحدى المرات هاجم الأعداء القرية، فبادرت براقش بالنباح لتحذير أهلها، فاختبأوا في مغارة قريبة بعدما أيقنوا أن العدو أقوى منهم.

وبالفعل بحث المهاجمون عنهم ولم يعثروا عليهم، ولما هموا بالرحيل، لم تتمالك براقش نفسها فنبحت فرحًا بسلامة أهلها، فدلت الأعداء على مخبئهم، عندها اقتحموا المغارة وقتلوا كثيرًا من أهل القرية، ثم قتلوها هي أيضًا، وقد قيل في ذلك شعرًا على لسان حمزة بن بيض: لم تكن عن جناية لحقتني، لا يساري ولا يميني رمتني، بل جناها أخ علي كريم، وعلى أهلها براقش تجني".

الحكاية الثانية.. براقش زوجة الملك

أما في كتاب "مجمع الأمثال" للميداني، فنُقلت رواية أخرى مفادها أن "براقش" لم تكن كلبة بل امرأة زوجة ملك. وحين خرج الملك في سفره، تركها مسؤولة عن الحكم، وكان من عادة قومها أن يشعلوا النار والدخان إذا تعرضوا لخطر، فيهبّ الجنود لنجدتهم.

وذات ليلة أشعلت جواريها النار عبثًا فجاء الجنود، وحذرها الناصحون من أن تكرر ذلك بلا سبب، وإلا فلن يستجيبوا مرة أخرى، ومع ذلك أمرتهم ببناء سور جديد قرب دارها، وعندما عاد الملك وسأل عن البناء وعرف السبب، قال مقولته الشهيرة: "على أهلها جنت براقش".

ورويت أيضًا نسخة أخرى من الحكاية تقول إن "براقش" كانت ابنة ملك قديم، شجعها وزراؤها على بناء معلمين مشهورين باسم “براقش ومعين”، لكن أباها الملك اعتبر ذلك رغبة منها في تخليد اسمها دون اسمه، فأمر بهدم البناءين، فصار المثل على لسان العرب.

الحكاية الثالثة.. امرأة لقمان بن عاد

وتذهب رواية ثالثة إلى أن "براقش" كانت زوجة لقمان بن عاد (غير لقمان الحكيم المذكور في القرآن الكريم)، فقد كان قومها لا يأكلون لحوم الإبل، وحين نزل لقمان عندهم نحروا له جزورًا، فأخذت براقش قطعة منه وأطعمته، فأعجبه الطعم وسألها عنه.

أخبرته أنه لحم جزور، وأن لحوم الإبل كلها بهذا الطيب، ثم دعته أن يتوسع في الأكل منها هو وقومه، وبما أنها كانت أكثر أهلها امتلاكًا للإبل، فقد أقبل لقمان وأهله على ذبح إبلها وإبل قومها، فخسرتها جميعًا، ومن هنا قيل: "على أهلها تجني براقش".

المعنى والدلالة

يرى الباحث أحمد جاسر عبدالله في كتابه "مجمع الأمثال للميداني - دراسة لغوية دلالية" أن جميع هذه الروايات تلتقي عند معنى واحد: أن الإنسان قد يفعل فعلًا يعود عليه بالضرر.

ويحمل المثل دلالتين؛ الأولى أن الفعل الحسن قد ينقلب على صاحبه بالشر إذا كان في غير موضعه، والثانية أن من يرتكب فعلًا سيئًا فسيذوق مرارته.

وقد اشتهر بين الناس أن المثل يقال لمن جنى السوء فجنى على نفسه، لكنه يظل في جوهره دعوة للتفكر قبل الإقدام على أي عمل.

search