الأربعاء، 03 سبتمبر 2025

02:49 ص

تذكرة استثمار في هواء الغلابة.. اللوادر تكتب شهادة وفاة حديقة أم كلثوم

تمثال أم كلثوم وسط أرض الحديقة

تمثال أم كلثوم وسط أرض الحديقة

كرستينا سامي - شيماء عبدالعال - روان عبدالباقي

A .A

في حي المنيل العريق، وعلى ضفاف نهر النيل، يطل تمثال نصفي لكوكب الشرق أم كلثوم شاهدًا على سيرة ومسيرة “صوت مصر” الباقي في الوجدان من المحيط إلى الخليج، وقبل أيام انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور أثارت الكثير من التساؤلات.

حديقة أم كلثوم التي تحتضن ذكريات ملايين المصريين تاريخيًا، بدت مثل صحراء جرداء، بعد أن جرى تجريف أرضها تمامًا، فقد اختفت النباتات وأضحت الرمال سيدة المشهد، بدأ المواطنون يتساءلون: هل سيتم إزالة “حديقة السِت” التي تمثل متنفسًا للبسطاء والغلابة، أم أنها مجرد عملية تجميل للمكان في إطار خطة تطوير حدائق القاهرة؟

 لم تكن الإجابة عن هذا السؤال سهلة، فلا توجد أي خطة معلنة في هذا الإطار، لذا قررنا زيارة المكان لاستكشاف ما يجري على أرض الواقع، وما إذا كانت اللوادر التي يتحدث عنها الكثيرون قد أتمت عملها في كتابة شهادة وفاة الحديقة التي تعد واحدة من أشهر المساحات الخضراء في قلب القاهرة.

المشهد العام لحديقة أم كلثوم الآن

إزالة أم تطوير؟

وفقَا للبوابة الإلكترونية لمحافظة القاهرة فإن حديقة أم كلثوم مساحتها 18 ألف متر مربع وتقع في حي مصر القديمة بشارع عبدالعزيز آل سعود مطلة على كورنيش النيل وكانت رسوم دخولها تتراوح بين 10 و20 جنيهًا للفرد.

ووفق ما يجري تداوله على مواقع التواصل، فهناك شكوك تشير إلى إزالة حديقة أم كلثوم خصوصًا أن اللوادر تمارس عملها في أرض الحديقة منذ نحو شهرين، لكن لا تأكيدات بشأن الهدم والإزالة حتى الآن، وقد لا يتعدى الأمر كونه تطويرًا للحديقة التاريخية. 

على أرض الواقع، رصدنا بعض التفاصيل المهمة، أبرزها أن المكان لم يعد المكان كما هو، فالبوابات والأسوار الحديدية التي كانت تسيّج الحديقة اختفت، والمساحة الخضراء تحولت إلى أرض فضاء بها عدد من الأشجار المقطوعة.

وسط اللوادر التي تقوم بتسوية أرض الحديقة، يقف مهندسو المشروع، أحدهم قال لنا إن عملهم بالحديقة مستمر منذ شهرين لإنشاء منطقة سياحية على النيل تضم مطاعم وكافيهات.

وأضاف المهندس الذي فضل عدم نشر اسمه: “من المقرر استغلال الأرض في مشروعات تنموية سياحية تتناسب مع الموقع الجغرافي للحديقة التي كانت مهملة”.

فيما قال أحد العاملين بالموقع: “فيه حدائق كتير وفرتها الدولة منها الفسطاط”. 

المشهد العام لحديقة أم كلثوم الآن

على مقربة منه، يجلس عامل الأمن محمود عبدالرحمن الذي يعمل بالحديقة منذ أكثر من ثلاث سنوات، والذي قال لنا بصوت خافت: “الناس لسه بتيجي تقعد في الجنينة رغم أنها أصبحت أرض فضاء”.

رواية تحويل الحديقة إلى مشروع سياحي تكررت على لسان أحد سائقي اللوادر العاملة في حديقة أم كلثوم: "بدأنا في إزالة الأشجار من شهرين وهنا هيتعمل مشروع سياحي".

المشهد العام لحديقة أم كلثوم الآن

إنشاء مدينة طبية عالمية

تواصلنا مع محافظة القاهرة لمعرفة حقيقة ما يجري في حديقة أم كلثوم، لكن لم نتلق ردًا قاطعًا بشأن حقيقة استبدال الحديقة بمشروع سياحي.

لكن “تليجراف مصر” علمت من مصادر أخرى أن هناك خطة لإنشاء مدينة طبية عالمية في مكان حديقة أم كلثوم.

غياب التفاصيل

فيما قالت عضو مجلس النواب، مها عبدالناصر: “علمتُ بوجود خطة لتطوير طرح النهر من منطقة شبرا شمالًا إلى حلوان جنوبًا، غير أن غياب التفاصيل وعدم عرضها على الرأي العام أدى إلى إثارة الجدل مع بدء تنفيذ التطوير”.

وأوضحت عبدالناصر، أنها تقدمت قبل نحو عام بطلب إحاطة إلى مجلس النواب لمناقشة مشروع التطوير وأسباب اتخاذ قرار بإخلاء الحديقة.

المشهد العام لحديقة أم كلثوم الآن

ماذا يحدث في حديقة أم كلثوم؟

في أكتوبر 2024 تم إلغاء عقود حق الانتفاع لعدد من الجهات والمؤسسات الحكومية بكافة أراضي طرح النهر الممتدة من شبرا حتى منطقة حلوان وما عليها من منشآت، شملت: نادي قضاة مجلس الدولة ونادي مستشاري النيابة الإدارية، وكلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان، ونادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة، والمسرح العائم التابع لوزارة الثقافة، وحديقة أم كلثوم التي يتم إزالتها في الوقت الحالي.

وعارضت المؤسسات التي وقع عليها القرار في ذلك الوقت، إخلاء المقرات، ليدخل مجلس النواب على الخط بأسئلة برلمانية وطلبات إحاطة لم يتم الرد عليها حتى الآن.

وأصدر مجلس الوزراء، بيانًا في 22 أكتوبر 2024 أكد أنه تم عقد اجتماع برئاسة وزير الموارد المائية والري، وبحضور وزير السياحة والآثار، وعدد من الجهات الحكومية الأخرى وأجهزة المشروعات لمتابعة إجراءات التعامل مع أراضي طرح النهر في القطاع من شبرا حتى حلوان بالقاهرة الكبرى.

وتطرق الاجتماع، بحسب البيان، إلى مراعاة كافة المعايير الفنية التي تضمن الحفاظ على القطاع المائى للنهر وحماية جسوره بالتزامن مع الحفاظ على الاستثمارات القائمة على مجرى النهر بما يراعي الاشتراطات والقوانين المتبعة.

وخلال الاجتماع، جرى استعراض موقف المنظومة الإلكترونية للرقابة والحوكمة على أراضي طرح النهر وإنشاء أسلوب يحدد طريقة التعامل معها، حيث تم التأكيد على استمرار التنسيق بين وزارة الموارد المائية والري وكافة الوزارات والجهات المعنية للإسراع في دراسة الطلبات الخاصة بترخيص أعمال وأنشطة على نهر النيل واتخاذ القرارات بشأنها في أسرع وقت حفاظًا على الاستثمارات القائمة والمستقبلية.

search