الأربعاء، 03 سبتمبر 2025

05:42 م

شيخ الأزهر: موقف مصر التاريخي صمام أمان لحماية القضية الفلسطينية

شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب

شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب

هنأ شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، الرئيس عبد الفتاح السيسي، وشعب مصر، والأمتين العربية والإسلامية، شعوبًا وحكامًا، بمناسبة حلول ذكرى مولد خير الناس وأكرمهم وأرحمهم وأعظمهم، سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى إخوانه من الأنبياء والمرسلين.

الثبات على الموقف الرافض لذوبان القضية الفلسطينية

وأكد الطيب، خلال كلمته اليوم في احتفالية ذكرى المولد النبوي الشريف، أن الأزهر الشريف يشد على يدي الرئيس ويدعو الله أن يقوي ظهره، ويوفقه فيما هو ماضٍ فيه من الثبات على الموقف الرافض لذوبان القضية الفلسطينية، وحماية حقوق الشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه، والرفض القاطع لمؤامرات التهجير، والتشبث بالموقف المصري التاريخي في حماية القضية الفلسطينية ومساندة الفلسطينيين.

وأكد الإمام الأكبر أن الأزهر ليس دعاة حروب أو صراعات، بل دعاة عدالة وإنصاف واحترام متبادل، موضحًا أن العدل والسلام اللذين يدعو إليهما هما العدل والسلام المشروطان بالإنصاف والاحترام وانتزاع الحقوق التي لا تقبل بيعًا ولا شراءً ولا مساومة. عدل وسلام لا يعرفان الذلة ولا الخنوع، ولا المساس بذرة من تراب الأوطان والمقدسات.. عدل وسلام تصنعهما قوة الإرادة والعلم والتعليم والتنمية الاقتصادية السليمة، والتحكم في الأسواق، والتسليح الذي يمكّن أصحابه من رد الصاع صاعين، ودفع أي يد تحاول المساس بالأرض والشعب.

وأشار إلى أن الاحتفال هذا العام هو احتفال بذكرى ضاربة في جذور الأزمان، مرور 1500 عام على مولده صلى الله عليه وسلم، لافتًا إلى أن هذه الذكرى لا تتكرر إلا على رأس كل مائة عام من عمر الزمان، قائلا: "لعلها بشرى لنا – معشر أبناء هذا الجيل – لتفريج الكرب عن المكروبين، وإزاحة الهم والغم عن البؤساء والمستضعفين، برحمتك يا أرحم الراحمين، وبالرحمة التي أرسلت بها رسولك إلى العالمين".

وبيّن شيخ الأزهر أن صفة الرحمة كانت من أخص خصائص صفاته صلى الله عليه وسلم، التي صدرت عنها كل أفعاله وأقواله وتصرفاته مع أهله وأصحابه وأصدقائه وأعدائه على امتداد عمره الشريف، موضحًا أنها الأنسب والأشبه بالدعوة العابرة لأقطار الدنيا والمتعالية فوق حدود الزمان والمكان، كما كانت بمثابة التأهيل الذي يشاكل الرسالة في عمومها وعالميتها، لتسع الناس بكل ما انطوت عليه أخلاق بني آدم وحظوظهم من الخير والشر، والبر والفجور، والعدل والظلم، والهدى والضلال، والطاعة والمعصية.

الإسلام وضع قواعد أخلاقية صارمة للحرب

وشدد على أن الإسلام وضع قواعد أخلاقية صارمة للحرب لم تعرفها البشرية من قبل، حيث جعل القتال مقتصرًا على دفع العدوان، وحرم الإسراف في القتل والتخريب، وشدد على حرمة قتل غير المقاتلين كالأطفال والنساء والشيوخ ورجال الدين، مشيرًا إلى أن الفقهاء المسلمين أسسوا "فقه السير" في وقت مبكر من تاريخ الإسلام، وهو ما يمكن اعتباره نواة للقانون الدولي.

وكان مما أجمع عليه فقهاء المسلمين في الحروب: حرمة الإسراف في القتل أو التخريب أو التدمير أو الإتلاف، وأن يكون القتال محصورًا في دائرة رد "الاعتداء" لا يتجاوزها إلى التشفي أو الإبادة أو الاستئساد الكاذب. واستدل بمقولة أديب العربية مصطفى صادق الرافعي: "إن المسلمين في معاركهم يحملون السلاح ويحملون معه الأخلاق، فمن وراء أسلحتهم أخلاقهم، وبذلك تكون أسلحتهم نفسها ذات أخلاق".

وأوضح شيخ الأزهر أن حديثه عن الحرب في الإسلام لا يقصد منه المقارنة بين حروب المسلمين وحروب عصرنا الحاضر، ودواعيها وبواعثها، وما تبثه الفضائيات من مشاهد شديدة القسوة في غزة أو أوكرانيا أو السودان الشقيق أو غيرها من الأقطار التي تُجر إلى حروب لا ناقة لها فيها ولا جمل، مبينًا أن المقارنة بين أمرين تقتضي اشتراكهما في وصف أولًا، قبل أن يُثبت رجحان أحدهما على الآخر، وهو ما لا يتوافر هنا.

وواصل أن الإسلام حرّم قتل أطفال العدو، وحمّل جنوده مسؤولية الحفاظ على حياتهم، بينما تحرض أنظمة أخرى على تجويع أطفال غزة، حتى إذا ما التصقت جلودهم بعظامهم استدرجهم دعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان إلى جحيم يصب على رؤوسهم، ليحوّل ما تبقى من أجسامهم النحيلة إلى تراب أو ما يشبه التراب.

search