السبت، 13 سبتمبر 2025

11:26 م

24 عاما على هجمات 11 سبتمبر.. لماذا لم يُحاكم العقل المدبر بعد؟

هجمات 11 سبتمبر

هجمات 11 سبتمبر

تحيي الولايات المتحدة، اليوم الخميس، الذكرى الرابعة والعشرين لأحداث 11 سبتمبر 2001، التي تُعد واحدة من أكثر الهجمات الدموية في التاريخ الحديث، والتي غيّرت مسار السياسة والأمن في العالم بأسره.

رغم من مرور أكثر من عقدين على هجمات 11 سبتمبر لكنها لا تزال حاضرة بقوة في الذاكرة العالمية، ليس فقط بسبب الأعداد الهائلة للضحايا، ولكن أيضًا لما تلاها من تداعيات قلبت موازين السياسة العالمية. 

هجمات 11 سبتمبر

في صباح الثلاثاء 11 سبتمبر 2001، سيطر 19 خاطفًا على أربع طائرات ركاب مدنية كانت تحلق فوق الساحل الشرقي للولايات المتحدة، اُستخدمت كسلاح مدمّر لتنفيذ هجمات منسقة ومباشرة ضد أهداف استراتيجية في قلب أمريكا، كان أبرزها برجا مركز التجارة العالمي في نيويورك ومبنى البنتاجون، بينما تحطمت الطائرة الرابعة في ولاية بنسلفانيا بعد مقاومة بطولية من الركاب.

تفاصيل الهجمات الأربعة

بدأت الكارثة حين اصطدمت الطائرة الأولى بالبرج الشمالي من مركز التجارة العالمي في الساعة 8:46 صباحًا، وبعد 17 دقيقة فقط، وفي مشهد صادم نقله العالم مباشرة عبر شاشات التلفزيون، صدمت الطائرة الثانية البرج الجنوبي، مما أكد أن الأمر ليس حادثًا عرضيًا بل هجومًا إرهابيًا منظمًا.

اشتعلت النيران في البرجين، واحتُجز المئات في الطوابق العليا، وسرعان ما غطى الدخان الكثيف سماء نيويورك، وخلال أقل من ساعتين، انهار البرجان الشاهقان المكونان من 110 طوابق، وتحولا إلى ركام وسط سحب هائلة من الغبار والرماد والدمار.

في الوقت نفسه، صدمت الطائرة الثالثة الواجهة الغربية لمبنى البنتاغون، مقر وزارة الدفاع الأميركية، ما أدى إلى مقتل عشرات الموظفين والعسكريين، إضافة إلى جميع ركاب الطائرة.

أما الطائرة الرابعة، والتي يُعتقد أنها كانت موجهة نحو مبنى الكابيتول (الكونغرس الأميركي) في واشنطن، فقد تحطمت في حقل بولاية بنسلفانيا، بعد أن تصدى لها الركاب ببسالة، مانعين كارثة أخرى كانت ستضرب قلب السياسة الأميركية.

خسائر أحداث 11 سبتمبر

أسفرت الهجمات عن مقتل 2977 شخصًا، لا يشمل هذا العدد الخاطفين الـ19، كانت الغالبية العظمى من القتلى في مدينة نيويورك، نتيجة لانهيار برجي مركز التجارة العالمي.

وفيما يلي توزع الضحايا:

جميع الركاب وأفراد الطاقم على متن الطائرات الأربع، وعددهم 246 شخصًا، قُتلوا بالكامل.

في برجي التوأم، قُتل 2606 أشخاص، إما في لحظة الهجوم أو بسبب الإصابات التي تعرضوا لها لاحقًا.

في مبنى البنتاغون، لقي 125 شخصًا مصرعهم، إلى جانب الضحايا على متن الطائرة.

وكان من بين الضحايا مواطنون من 77 دولة مختلفة، ما يعكس الطابع العالمي للمأساة.

كان هناك ما يقرب من 17,400 شخص داخل برجي مركز التجارة العالمي وقت وقوع الهجمات، ورغم شدة الدمار، تمكن الآلاف من الفرار، لكن لم ينجُ أحد من فوق منطقة الاصطدام في البرج الشمالي، في حين تمكن 18 شخصًا فقط من الهروب من الطوابق العلوية في البرج الجنوبي.

وكان من بين الضحايا 441 من فرق الإنقاذ والطوارئ، معظمهم من رجال الإطفاء الذين هرعوا إلى مكان الكارثة، ليتحول العديد منهم إلى شهداء أثناء محاولاتهم إنقاذ العالقين.

من يقف خلف هجمات 11 سبتمبر؟

نفذ الهجمات 19 شخصًا، توزعوا على أربع فرق: ثلاث منها مكونة من خمسة أفراد، وواحدة مكونة من أربعة، وكان غالبيتهم سعوديي الجنسية (15 فردًا)، بالإضافة إلى اثنين من الإمارات العربية المتحدة، وواحد من مصر، وآخر من لبنان.

كان هؤلاء الخاطفون مرتبطين بتنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن، الذي أعلن لاحقًا مسؤوليته عن التخطيط والتنفيذ الكامل للعملية.

الرد الأميركي: غزو أفغانستان

بعد أقل من شهر على الهجمات، أعلن الرئيس الأميركي آنذاك جورج بوش بدء حملة عسكرية ضد أفغانستان في أكتوبر 2001، مستهدفًا معاقل تنظيم القاعدة وطالبان، التي كانت تأوي بن لادن وعناصر التنظيم.

لكن رغم هذا الهجوم السريع والدولي، لم يُعثر على أسامة بن لادن إلا بعد 10 سنوات، حيث تم قتله في باكستان عام 2011 خلال عملية نفذتها قوات "نافي سيل" الأميركية الخاصة.

العقل المدبر: خالد شيخ محمد “العدالة المؤجلة”

تم التعرف على خالد شيخ محمد باعتباره العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر، وهو كويتي الجنسية من أصل باكستاني، ودرس الهندسة في الولايات المتحدة، شارك سابقًا في الحرب بأفغانستان في ثمانينيات القرن العشرين، وكان مطلوبًا من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي منذ سنوات قبل الهجوم.

تم القبض عليه في عام 2003 في باكستان، ونُقل إلى سجون سرية تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) حيث خضع لاستجوابات قاسية، منها "الإيهام بالغرق"، قبل نقله إلى سجن غوانتانامو، حيث لا يزال محتجزًا حتى اليوم.

ورغم مرور أكثر من عقدين، لم تبدأ محاكمته رسميًا. ففي يناير 2025، كان من المتوقع أن يعترف هو واثنان من المتهمين الآخرين، وليد بن عطاش ومصطفى الهوساوي، بدورهم في الهجمات، مقابل إلغاء عقوبة الإعدام واستبدالها بالسجن المؤبد، لكن قبيل موعد الجلسة، أوقفت محكمة الاستئناف الفيدرالية الصفقة، بناءً على طلب الحكومة، خوفًا من تبعات قانونية وأمنية.

وفي يوليو، تم رفض الاتفاق رسميًا، ولا تزال القضية مفتوحة دون محاكمة واضحة في الأفق.

إرثا ثقيلا

ترك 11 سبتمبر إرثًا ثقيلًا من التغيرات السياسية والأمنية والاجتماعية:

أُنشئت إدارة أمن النقل (TSA) في الولايات المتحدة لتشديد إجراءات التفتيش في المطارات وعلى متن الطائرات.

تم إطلاق ما يُعرف بـ"الحرب على الإرهاب"، ما أدى إلى تدخلات عسكرية في دول مثل أفغانستان والعراق.

استغرق تنظيف موقع "جراوند زيرو" – موقع البرجين – أكثر من ثمانية أشهر.

أنشئ نصب تذكاري ومتحف لضحايا 11 سبتمبر في نفس الموقع، ليصبح وجهة للزوار من مختلف أنحاء العالم.

عانى آلاف الناجين ورجال الإنقاذ من أمراض تنفسية وسرطانات بسبب المواد السامة التي استنشقوها من الحطام، وهو ما أدى لاحقًا إلى سن قوانين لدعمهم طبيًا وماليًا.

القاعدة ما بعد 11 سبتمبر

رغم خسارتها الكبيرة عقب الهجوم، لا تزال القاعدة موجودة، وتتمتع بنفوذ في بعض المناطق، خصوصًا في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ولها وجود في أفغانستان، رغم انسحاب القوات الأميركية من البلاد عام 2022 بعد نحو 20 عامًا من القتال.

search