الأربعاء، 17 سبتمبر 2025

04:36 م

الخيامية.. فن مصري أصيل يواجه تحديات البقاء

حي الخيامية بالقاهرة

حي الخيامية بالقاهرة

في قلب القاهرة القديمة، وتحديدًا بحي الخيامية المجاور لباب زويلة، تتناثر الألوان الزاهية وتُزين المحال بقطع يدوية تحمل بصمة الصبر والإتقان.

هناك حيث يسكن التراث وتنبض الحرفية، جال "تليجراف مصر" بين الحرفيين للتعرف على أسرار هذه الصنعة العريقة، وبداياتها، ورؤيتهم لمستقبلها بين الاندثار أو الاستمرار.

حب الصنعة منذ الطفولة

يقول محمد كمال (55 عامًا)، في حديثه لـ"تليجراف مصر"، أحد أقدم صانعي الخيامية: "بدأت تعلم الصنعة على يد والدي منذ أن كان عمري خمس سنوات، وكان شقيقي يعمل بها أيضًا، فأحببتها وطلبت من والدي أن أتعلمها بجانب دراستي. ومنذ ذلك الوقت وأنا أطور نفسي لأرضي أذواق الزبائن كافة".

أما عم حسين الرفاعي (في الخمسينيات من عمره)، فيروي أنه أحب الصنعة من أقاربه وبدأ ممارستها في سن الخامسة عشرة. 

ويضيف: "يومنا يبدأ من التاسعة صباحًا حتى العاشرة مساءً، وأحيانًا نعمل يوم الأحد رغم أنه إجازتنا الأسبوعية، لكثرة المسئوليات".

ما هي الخيامية؟

الخيّامية فن مصري قديم مشتق من كلمة "خيام"، يتمثل في صناعة الأقمشة المزخرفة التي تُستخدم في السرادقات والأفراح. وارتبطت الحرفة تاريخيًا بصناعة كسوة الكعبة المشرفة التي كانت تُرسل من مصر إلى الحجاز في موكب عظيم عُرف باسم "المحمل".

ويُعد شارع الخيامية، الممتد إلى شارع المعز بالقرب من منطقة "تحت الربع"، أحد أبرز أسواق القاهرة القديمة، تميّز بسقفه المغطى الذي يحمي المارة ويُضفي عليه خصوصية فريدة.

لا أسعار ثابتة

حول أسعار القطع، يؤكد عم حسين: "لا يوجد سعر محدد، فالمصريون لهم أسعار مختلفة عن الأجانب. تتراوح الأسعار بين 70 و200 جنيه أو أكثر، حسب حجم القطعة ودقة تفاصيلها".

ويضيف محمد كمال: "أصغر قطعة تستغرق يومًا واحدًا، بينما الكبيرة قد تحتاج من يومين إلى ثلاثة أيام أو أكثر، وهذا عمل مُرهق جدًا للعين واليد".

تراجع إقبال السياح.. والمصريون يعوضون

يرى محمد كمال أن الإقبال من السياح ضعيف في الفترة الأخيرة، قائلاً: "المصريون عوضونا عن قلة شراء الأجانب، خاصة في موسم رمضان، حيث يزداد الطلب على المشغولات الخيامية".

واتفق معه عم حسين، مشيرًا إلى أن الأجانب غالبًا يكتفون بالمشاهدة دون شراء.

بين الاستمرار والاندثار

يعتقد عم حسين أن الحرفة ستستمر بتوارثها بين الأجيال رغم صعوبتها، بينما يرى محمد كمال أن غياب صبر الشباب على الإبرة والخيط يجعل مستقبلها مهددًا بالاندثار.

زبائن يعشقون التراث

تقول سحر السيد (في الأربعينيات): "أحب زيارة الحي كل فترة بسبب عشقي للألوان الزاهية والتراث، وأتي من الشرقية خصيصًا لشراء بعض القطع".

أما فاتن محمد، طالبة جامعية، فأكدت: "أعشق هذا الفن اليدوي، وأشعر براحة نفسية عند دخولي شارع الخيامية".

مطالب الحرفيين

ويؤكد محمد كمال أن ما تحتاجه الحرفة هو جعل الشارع منطقة سياحية أساسية مثل الحسين، قائلاً: "الخيامية لا تقل أهمية عن أي موقع تراثي آخر، ويجب أن تُدرج على خريطة السياحة ليستمر هذا الفن للأجيال القادمة".

search