بعد موجة الصعود القياسية.. هل يقترب الذهب من 5500 جنيه للجرام؟

شهدت أسعار الذهب العالمية هذا الأسبوع موجة صعود قوية دفعتها إلى مستويات قياسية تاريخية، مدعومة بقرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 0.25%، أمس الأربعاء.

انخفض الذهب الفوري بنسبة 0.6% إلى 3637.41 دولارًا للأونصة، بعد أن بلغ أعلى مستوى له على الإطلاق عند 3707.40 دولارًا، أمس الأربعاء، كما تراجعت عقود الذهب الأمريكية الآجلة لشهر ديسمبر بنسبة 1.2% لتسجل 3671.30 دولارًا للأونصة.

3 سيناريوهات محتملة

وفي هذا السياق، قال خبير المشغولات الذهبية، أمير رزق، إن بنك جولدمان ساكس وضع 3 سيناريوهات رئيسية لحركة أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة.

وحدد جولدمان ساكس مسارات محتملة عدة لتحرك أسعار المعدن النفيس، إذ يتوقع السيناريو الأساسي أن يرتفع سعر الأونصة إلى 4 آلاف دولار بحلول منتصف العام المقبل، وفي سيناريو آخر أكثر تفاؤلًا قد تصل الأسعار إلى 4500 دولار.

أما السيناريو الأسوأ، الذي يظل مطروحًا بقوة، فيشير إلى حدوث قفزة في أسعار الذهب بحيث تصل إلى 5 آلاف دولار للأونصة، حال تدفق 1% فقط من السوق الخاصة بسندات الخزانة الأمريكية إلى الذهب.

مستقبل سعر جرام الذهب عيار 21

وأوضح رزق لـ"تليجراف مصر"، أن وصول الأونصة إلى 4 آلاف دولار، وهو ما يعني أن سعر جرام الذهب عيار 21 في السوق المصرية قد يسجل حوالي 5430 جنيهًا، أما في حال تحقق السيناريو الثاني ببلوغ الأونصة 4500 دولار، فإن سعر الجرام قد يسجل حوالي 6100 جنيه، بينما السيناريو الثالث الأكثر تفاؤلًا بارتفاع الأونصة إلى 5 آلاف دولار، سيدفع الجرام لتجاوز مستوى 6500 جنيه.

ووفق بيانات شعبة الذهب والمجوهرات باتحاد الغرف التجارية، ارتفع سعر جرام الذهب عيار 21 – الأكثر تداولًا في مصر – بمقدار 20 جنيهًا ليسجل 4970 جنيهًا مقابل 4950 جنيهًا أمس، وسط توقعات بمزيد من التحركات الصعودية، قبل أن يتراجع اليوم بنحو 30 جنيهًا، بسبب ارتفاع الدولار عالميًا.

وأوضح خبير الذهب، أن السوق المحلية مرشحة لتطورات سريعة خلال الأسابيع المقبلة، حيث قد يشهد سعر عيار 21 ارتفاعًا إلى 5 آلاف جنيه للجرام بالفعل خلال تعاملات الأسبوع المقبل.

من جانبه، قال الباحث الاقتصادي وخبير أسواق المال، محمود جمال سعيد، إن أسعار الذهب تشهد ارتفاعًا متواصلًا مدعومًا بعوامل جوهرية عدة تجعل المعدن النفيس أكثر جاذبية للمستثمرين عالميًا.

وأوضح سعيد لـ"تليجراف مصر"، أن ضعف الاقتصاد الأمريكي وحالة التردد التي تحيط بقرارات الاحتياطي الفيدرالي بشأن استمرار خفض الفائدة، والتي تم تثبيتها بخفض جديد اليوم، تسهم في تعزيز مكانة الذهب كملاذ آمن في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي.

وأضاف سعيد أن هذا المناخ الاستثماري يدفع المستثمرون إلى الاتجاه بشكل أكبر نحو المعدن الأصفر لحماية رؤوس أموالهم، مشيرًا إلى أن البنوك المركزية الكبرى، وعلى رأسها الصين، تواصل تعزيز استثماراتها في الذهب لتقوية احتياطياتها الاستراتيجي.

وأكد أن السعر الحالي للذهب، البالغ نحو 3600 دولار للأونصة، لا يمثل حاجزًا أمام استمرار الصعود، متوقعًا أن يتجاوز الذهب مستوى 4 آلاف دولار بحلول مطلع عام 2026، رغم احتمالات حدوث عمليات جني أرباح مؤقتة بعد فترات الارتفاع.

توقعات أسعار الذهب

وعلى هامش مؤتمر الذهب الهندي، قالت رئيسة الأبحاث في شركة "أوجمونت"، رينيشا تشايناني لوكالة رويتز، إن مسار صعود الذهب على المدى الطويل لا يزال متماسكًا في ظل استمرار الطلب القوي، خاصة من البنوك المركزية وصناديق الاستثمار المتداولة، لكنها توقعت تصحيحًا مؤقتًا بنسبة تتراوح بين 5 و6% على المدى القصير قبل عودة الأسعار للارتفاع مجددًا.

وأكد المدير العام لشركة "ميتالز فوكس" للاستشارات، فيليب نيومان، أن أسعار الذهب لا تزال تتحرك في نطاق غير مستقر نسبيًا، مرجحًا ارتفاعها إلى نحو 3800 دولار للأونصة في نهاية العام، مع إمكانية تجاوز 4000 دولار في عام 2026. 

وقال نيومان إن الأسعار لم تستقر طويلًا في نطاق يتراوح بين 3400 و3500 دولار للأونصة، وإن الارتفاعات الأخيرة قد تعقبها فترة تصحيح تسمح بدخول مستثمرين جدد إلى السوق، وهو ما قد يدعم لاحقًا فرص وصول الأسعار إلى مستويات أعلى.

من جانبه رفع دويتشه بنك توقعاته لمتوسط أسعار الذهب للعام المقبل إلى 4 آلاف دولار للأونصة ارتفاعًا من تقديراته السابقة البالغة 3700 دولار للأونصة

وأرجع في مذكرة بحثية، هذا التعديل إلى أوضاع الصرف الأجنبي وأسعار الفائدة المواتية التي قد تدفع إلى مزيد من المكاسب، موضحًا جانبا كبيرًا من صعود الأسعار يعود إلى قوة الطلب الرسمي، والذي يتوقع أن يستمر بوتيرة متزايدة، كما رفع توقعاته لسعر الفضة في عام 2026 إلى متوسط 45 دولارًا للأونصة مقارنة بتقديرات سابقة عند 40 دولارًا للأونصة.

وأشار دويتشه بنك في تقريره إلى أن الطلب الرسمي على الذهب يظل عند مستويات غير مسبوقة متجاوزًا الضعف مقارنة بمتوسط العقد الممتد بين عامي 2011 و2021، مدفوعًا بشكل رئيسي من الصين، في حين تراجع المعروض من الذهب المعاد تدويره بنسبة 4% هذا العام، وهو ما يعزز الاتجاه الصعودي للأسعار.

استقلالية الفيدرالي

ورأى البنك أن حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي في الولايات المتحدة، بما في ذلك الضغوط المتزايدة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على السياسة النقدية، إضافة إلى المخاوف بشأن استقلالية الاحتياطي الفيدرالي، تجعل الذهب خيارًا أكثر جاذبية للمستثمرين كملاذ آمن.

في المقابل، حذر البنك من أن استمرار الأداء القوي لأسواق الأسهم والضعف الموسمي للذهب في الربع الأخير من العام قد يشكلان عوامل تحد من الصعود، كما أن تحسن الاقتصاد الأمريكي قد يدفع الفيدرالي للإبقاء على أسعار الفائدة مستقرة حتى عام 2026 وهو ما قد يكبح الزخم.

وفي السياق ذاته، رفع بنك "يو بي إس" توقعاته لسعر الذهب بمقدار 300 دولار ليصل إلى 3800 دولار للأونصة بحلول نهاية 2025، وبمقدار 200 دولار ليصل إلى 3900 دولار بحلول منتصف 2026.