"جاء من القمر".. الظاهرة رونالدو تجاوز حدود كرة القدم والمنطق

رونالدو
“رونالدو هو أصعب مهاجم واجهته في حياتي. كان من المستحيل إيقافه، أسوأ تجربة مررت بها كانت اللعب ضده” أليساندرو نيستا أسطورة إيطاليا عن الظاهرة رونالدو.
تأثير الظاهرة رونالدو على كرة القدم عكس المنطق، إذ تحدى أسلوب كرة القدم التقليدية، وستواجه اللعبة الحديثة بتحليلاتها وبيانات لاعبيها وخرائطها الحرارية، صعوبة في فهم ما فعله في كرة القدم، والسبب بسيط هو تجاوز رونالدو حدود اللعبة.
ما ميز “الظاهرة” هو قدرته على الجمع بين السرعة الفائقة وأناقة ومراوغات مذهلة كان هناك هدوء غريب في أسلوب لعبه، حتى وهو يركض متجاوزاً المدافعين الذين لم يكن لديهم أمل في مجاراة طريقة لعبه، كانت مراوغاته، تحفة فنية مبنية على فهمه لهندسة اللعبة.
كان بإمكان الظاهرة رؤية المساحات التي لا يراها الآخرون، والتلاعب بالكرة كما لو كان يرسم على أرض الملعب، لم تكن مراوغاته مجرد فيديوهات قصيرة على “يوتيوب”، بل كانت سلاحًا سحريًا في المباريات.
رونالدو عبث بمنطق كرة القدم، كانت مراوغته تخدع المدافعين، في لحظة واحدة، مجرد فقط غمضة عين ويختفي رونالدو متجاوزًا مراقبه كما لو كان تمثالًا.
كان يستقبل الكرة وظهره للمرمى، ويدور حول المدافع بلمسة خفيفة، وينطلق في المساحات المفتوحة كنمر يعرف فريسته.
في لحظات معدودة، كان قادرًا على قلب مجرى المباراة، كان رونالدو يفهم متى ينطلق ومتى ينتظر، متى يجذب المدافعين نحوه ومتى يندفع في المساحة التي يتركونها خلفهم، كان يلعب الشطرنج بينما يلعب الآخرون كرة القدم.
ويستعرض “تليجراف مصر” قصة البرازيلي رونالدو الذي يتم عامه الـ49 اليوم الاثنين الموافق 22 سبتمبر كالتالي:
جاء من القمر
ولد رونالدو لويس نازاريو دي ليما في 22 سبتمبر 1976 في إيتاغواي في ريو دي جانيرو، انفصل والديه عندما كان في الحادية عشرة من عمره، وترك رونالدو المدرسة بعد فترة وجيزة لمتابعة مسيرته في كرة القدم.
كان يلعب في شوارع بينتو ريبيرو، وتقول والدته: "كنت أجده دائمًا في الشارع يلعب الكرة مع الأصدقاء عندما كان من المفترض أن يكون في المدرسة، أعلم أنني خسرت معركتي.
انضم رونالدو إلى نادي تينيس، ثم انضم إلى فريق كرة الصالات “سوشيال راموس” في سن الثانية عشرة، حيث قاد دوري الشباب وسجل رقما استثنائيا بلغ 166 هدفًا في موسمه الأول، وفي إحدى المباريات سجل 11 من أهداف فريقه الـ 12.
وأشاد رونالدو بكرة الصالات لتطوير مهاراته، قائلاً: “ستظل كرة الصالات حبي الأول دائمًا”، ويقول مدربه أليريو كارفاليو: "ما يميز رونالدو هو سلوكه، كان كما لو أنه جاء من القمر، لم يكن هناك ما يزعجه، ولم يكن هناك ما يخيفه، ولم يكن هناك ما يثنيه عن طريقة لعبه".
اكتشفه اللاعب البرازيلي السابق جيرزينيو، الذي كان يدرب نادي ساو كريستوفاو، فلعب رونالدو لفريق شباب ساو كريستوفاو، ولعب لفريقي النادي تحت 17 عامًا وتحت 20 عامًا وهو في الخامسة عشرة من عمره فقط قبل أن ينضم لنادي كروزيرو.

صعود الأسطورة
بدأ الظاهرة رونالدو مسيرته الاحترافية مع كروزيرو، إذ لفت الأنظار سريعًا بصغر سنه وأدائه الاستثنائي، بعدما رفضت أندية كبيرة مثل بوتافوجو وسانتوس وفلامنجو التعاقد معه، قبل أن يساعده الأسطورة جيرزينيو على الانضمام إلى كروزيرو مقابل 50 ألف يورو، وسجل 4 أهداف في ظهوره الأول مع فريق الشباب.
بعد ثلاثة أشهر، خاض رونالدو أول مباراة احترافية مع الفريق الأول في مايو 1993، وسجل أول أهدافه في مباراة ودية بالبرتغال، قبل أن ينهي عامه الأول بتسجيل 20 هدفًا في 21 مباراة ويصبح أصغر هداف في تاريخ سوبركوبا ليبرتادوريس، كما ساهم في الفوز بكأس البرازيل 1993 ودوري ميناس جيرايس 1994.
انتقل رونالدو إلى أيندهوفن الهولندي بعد كأس العالم 1994، بفضل نصيحة زميله روماريو،و سجل هدفه الأول بعد عشر دقائق من ظهوره الأول.
وأنهى موسمه الأول بتسجيل 30 هدفًا في الدوري، بما في ذلك سبع ثنائيات وهاتريك ضد أوتريخت، وأثار إعجاب النقاد بأدائه المذهل ومهاراته الاستثنائية.
رغم إصابة الركبة في موسمه الثاني، سجل 19 هدفًا في 21 مباراة، بينها أربعة أهداف في كأس الاتحاد الأوروبي، ليصبح هداف الدوري الهولندي 1995، ويقود الفريق للفوز بكأس هولندا 1996، محققًا 54 هدفًا في 58 مباراة خلال موسمين.
اللاعب الأعظم
انضم رونالدو إلى برشلونة في يوليو 1996 مقابل مبلغ قياسي عالمي بلغ 19.5 مليون دولار، بعقد امتد لـ8 سنوات ولعب كمهاجم صريح تحت قيادة المدرب بوبي روبسون.
خلال موسم 1996–97، سجل 47 هدفًا في 49 مباراة بجميع المسابقات، وقاد الفريق للفوز بكأس الكؤوس الأوروبية والسوبر الإسباني، وفاز بلقب هداف الدوري الإسباني ليصبح آخر لاعب يسجل أكثر من 30 هدفًا في موسم بالدوري حتى موسم 2008-2009.
ووصفه المدرب بوبي روبسون في حديث لـ The New York Times قائلاً: "لا أعتقد أنني رأيت لاعبًا في سن العشرين يمتلك كل هذا القدر من المهارات". كما احتفت مجلة World Soccer به على غلافها بعنوان "الأعظم على الإطلاق؟".
فيما وصفه جوزيه مورينيو، الذي عمل مترجمًا في برشلونة آنذاك، بأنه "أفضل لاعب رأيته في حياتي" وقال لاحقًا أنه أفضل لاعب بعد مارادونا.

وكان من أبرز لحظاته هدفه الأسطوري ضد كومبوستيلا في 11 أكتوبر 1996، إذ راوغ عدة لاعبين بدءًا من منتصف الملعب قبل أن يسجل هدفًا رائعًا، وتم عرض الهدف لاحقًا في إعلان لشركة “نايك”.
في نهاية 1996، أصبح أصغر لاعب يفوز بجائزة أفضل لاعب في العالم من الفيفا.
أعلى من هتافات الجماهير
بعد موسم واحد فقط مع برشلونة، انتقل رونالدو إلى إنتر ميلان صيف 1997 مقابل رقم قياسي عالمي حينها بلغ 27 مليون دولار، ليصبح ثاني لاعب بعد مارادونا يكسر رقمًا قياسيًا عالميًا مرتين في الانتقالات.
وقع اللاعب البرازيلي عقدًا مدته 5 سنوات، وبدأ مسيرته مع النادي الإيطالي بتأقلم سريع مع أسلوب الدوري الإيطالي، مسجلاً 25 هدفًا في الموسم الأول وفاز بلقب أفضل لاعب في الدوري، قبل أن يحصل على الكرة الذهبية وجائزة أفضل لاعب في العالم من الفيفا للمرة الثانية.

على الرغم من البداية القوية، عانى رونالدو من إصابات متكررة في الركبة ابتداءً من نوفمبر 1999، شهد العالم برعب لحظة انهيار رونالدو خلال مباراة ضد ليتشي بعد تمزق ركبته بشكل مروع، إذ بدا صوت تمزق الأربطة أقوى من أي صيحات للجماهير، وغاب عن جزء كبير من موسم 2000-2001.
وأدت هذه الإصابات إلى غيابه عن معظم المباريات في موسمين متتاليين، لكنه عاد ليقود منتخب البرازيل للفوز بكأس العالم 2002، ويتوج مرة ثالثة بجائزة أفضل لاعب في العالم من الفيفا، قبل انتقاله إلى ريال مدريد.
خلال فترة وجوده مع إنتر ميلان، سجل رونالدو 59 هدفًا في 99 مباراة، وكان أداؤه قبل الإصابات المبكرة سببًا لوصفه بـ"Il Fenomeno" من قبل الصحافة الإيطالية.
جالاكتيكوس
انتقل رونالدو لريال مدريد مقابل 46 مليون يورو، وكان جزءًا من حقبة جالاكتيكوس مع نجوم كبار مثل زيدان وفيجو وروبرتو كارلوس وبيكهام.
سجل هدفين في ظهوره الأول، وأنهى موسمه الأول بـ23 هدفًا وفاز بالدوري الإسباني 2003، كما فاز بكأس العالم للأندية 2002 وكأس السوبر الإسباني 2003.
في دوري أبطال أوروبا، سجل هاتريك ضد مانشستر يونايتد في أولدترافورد، وحصل على تصفيق جماهيري حار من جماهير الفريقين.
الموسم التالي، على الرغم من إصاباته، سجل أسرع أهداف النادي بعد 15 ثانية ضد أتلتيكو مدريد، وساعد ريال على الفوز على برشلونة في كامب نو لأول مرة منذ 20 عامًا، وأنهى الموسم هدافًا للدوري بـ25 هدفًا.
عانى من إصابات ومشكلات بسبب الوزن، كما تأثر بوصول فان نيستلروي وتولي فابيو كابيلو تدريب الفريق.
سجل رونالدو أكثر من 100 هدف في 4 مواسم ونصف، وأصبح خامس لاعب أجنبي يحقق هذا الرقم في تاريخ النادي.

هناك في ميلانو
انتقل رونالدو إلى ميلان مقابل 8.05 مليون يورو بعد موسم ناجح مع ريال مدريد، وارتدى القميص رقم 99. سجل في ظهوره الأول أمام سيينا هدفين وصنع هدفًا ثالثًا. أصبح من اللاعبين القلائل الذين سجلوا لكل من إنتر وميلان في ديربي ميلانو. لعب موسمين قصيرين بسبب الإصابات ومشكلات الوزن، وفي فبراير 2008، تعرض لإصابة خطيرة في الركبة أنهت موسمه، وغادر النادي بعد انتهاء عقده.

بعد التعافي من الإصابة، انضم لكورينثيانز رغم كونه مشجعًا لفلامينجو، ساعد الفريق على الفوز بكأس باوليستا 2009 مع تسجيل 10 أهداف، وحقق كأس البرازيل 2009، كما لعب في بطولة الدوري البرازيلي وسجل 12 هدفًا.
في فبراير 2011 أعلن رونالدو اعتزاله بعد 18 عامًا في كرة القدم، بسبب مشاكل الإصابات ومرض قصور الغدة الدرقية الذي اكتشفه عام 2007، وصف رحيله بأنه قرار صعب، مؤكّدًا أن جسده لم يعد قادرًا على مواصلة اللعب.
الرقص مع البرازيل
رونالدو ظهر دوليًا لأول مرة في مارس 1994 ضد الأرجنتين، وسجل أول هدف له في مايو 1994 ضد أيسلندا. شارك في كأس العالم 1994 بعمر 17 ولم يلعب، وفاز البرازيل باللقب.
وفاز بالميدالية البرونزية في أولمبياد أتلانتا 1996، وكأس أمريكا الجنوبية 1997 و1999، وكان هداف 1999 وأفضل لاعب 1997. كما فاز بكأس القارات 1997 وسجل هاتريك في النهائي ضد أستراليا.
في مونديال 1998، سجل رونالدو 4 أهداف وصنع 3، لكنه تعرض للمرض قبل النهائي ضد فرنسا ولعب متأثرًا، وخسرت البرازيل 3–0 في النهائي، رغم ذلك حصل على الكرة الذهبية كأفضل لاعب في البطولة.

بعد غياب طويل بسبب إصابة خطيرة، قاد رونالدو البرازيل للفوز بكأس العالم للمرة الخامسة. حصل على الحذاء الذهبي كأفضل هداف بـ8 أهداف، وسجل هدفين في النهائي ضد ألمانيا ليعادل رقم بيليه بـ12 هدفًا تاريخيًا في كأس العالم، شكّل ثلاثيًا هجوميًا مع رونالدينيو وريفالدو، واختير ضمن فريق النجوم للبطولة.
في كأس العالم 2006، أصبح ثاني لاعب بعد كلينسمان يسجل 3 أهداف على الأقل في ثلاث بطولات متتالية. كسر رقم جيرد مولر التاريخي وسجل هدفه الخامس عشر في تاريخ كأس العالم. البرازيل خرجت من ربع النهائي أمام فرنسا، وحصل رونالدو على الحذاء البرونزي كثالث أفضل هداف.
تأثير رونالدو لم يكن في كرة القدم الواقعية، بل امتد إلى لعب "البلايستيشن" تحديدا Winning Eleven 3 أو ما يعرفها الجمهور المصري باسم “اليابانية”.
كان الظاهرة رونالدو يمتلك سرعة جنونية وقدرة مذهلة أمام المرمى في اللعبة، ومن ينسى ثنائية رونالدو وروبرو كارلوس في البرازيل أو منتخب العالم؟
لم يكن رونالدو مجرد لاعب كرة قدم، بل كان ظاهرة تجسدت في كل لمسة للكرة، وكل حركة على أرض الملعب، تجاوز حدود اللعبة وحدود المنطق، وجمع بين القوة البدنية والفن البديع، ليترك بصمة لا تُمحى في تاريخ كرة القدم.

الأكثر قراءة
-
أسوة بـ "الإجراءات الجنائية".. هل يعود قانون الإيجار القديم للبرلمان؟
-
30 سم في القلب.. حلاق ينهي حياة شاب بـ"مقص" في إمبابة
-
ضبط المتهم بتتبع فتاة وارتكاب أفعال خادشة للحياء بكفر الشيخ
-
هل تزوجت سهير رمزي من سيد متولي طمعا في الملايين؟.. إجابة عمرها 38 عامًا
-
موعد بدء صرف مرتبات سبتمبر 2025.. والأماكن المتاحة
-
صرخة على كوبري كربة عايد.. أرواح تسير فوق "شريان مبتور" (خاص)
-
ناصف ساويرس يخطط لاستثمار 50 مليار دولار في أمريكا
-
بعد صدور قانون الرياضة.. أول ناد ببورسعيد يعلن جمعية عمومية لتوفيق أوضاعه

أخبار ذات صلة
حفل الكرة الذهبية 2025.. ترتيب اللاعبين في المراكز من 11 إلى 20
22 سبتمبر 2025 09:48 م
افتتاح السجادة الحمراء.. استعدادا لحفل الكرة الذهبية 2025
22 سبتمبر 2025 09:46 م
طبيب الأهلي يكشف تفاصيل إصابات رباعي الفريق قبل مواجهة الحدود
22 سبتمبر 2025 09:19 م
الزمالك يعيد تشكيل المكتب التنفيذي بتكليف من مجلس الإدارة
22 سبتمبر 2025 09:18 م
نجم إنتر ميلان في المركز الـ20.. ترتيب الكرة الذهبية
22 سبتمبر 2025 09:09 م
يورتشيتش: بيراميدز أصبح عالميا.. ونثق في قدرتنا على تجاوز الأهلي
22 سبتمبر 2025 09:08 م
الزمالك يشيد بجهاز الكرة ويؤكد: حل أزمة أرض اكتوبر مطلع الشهر المقبل
22 سبتمبر 2025 08:53 م
موعد سفر بعثة الفراعنة للمغرب لمواجهة جيبوتي في تصفيات كأس العالم
22 سبتمبر 2025 08:29 م
أكثر الكلمات انتشاراً