الخميس، 25 سبتمبر 2025

09:05 م

لولي ومرجان بـ33 حباية.. “سبحة الحسين” تغزو العالم

حرفة صناعة السبح

حرفة صناعة السبح

في حيز ضيق داخل أحد المحلات التي تعدى عمرها عشرات السنوات وتحت ضوء خافت، يعمل أحد الصناع بكل اتقان بين الأحجار والأخشاب لتحويلها لقطع فنية فريدة من السبح، لتخرج على أعلى جودة وحب من صانعها إلى زبونها.

وتجولت “تليجراف مصر ”بين جنبات مسجد الحسين بمنطقة القاهرة القديمة، حيث تكثر عدد من الحرف اليدوية، للتعرف أكثر على أسرار حرفة صناعة السبح، وحكايات عن أصولها.

إرث الأجداد

تحدث شمس الدين، صانع السبح عن بدايته في المهنة، قائلا: "تلك المهنة يتوارثها الأجيال أب عن جد، ونحن هنا في المنطقة معظمنا يعمل في حرف يدوية مثل تطعيم خزف ونقش على الفضة وطبعا السبح.. الشخص لما يكبر في وسط الحرف اليدوية، بالتأكيد سيحب حرفة أو يكون هاو لها ويبدأ يشتغل فيها".

نقص المواد الخام

وأوضح شمس الدين لـ"تليجراف مصر"، أن الخامات التي كانت تستخدم في صناعة السبح في السابق هي “المستكة الألمانية”، ولكن تم وقفها بعد الحرب العالمية الثانية، وبسبب نقص المادة الخام ابتكر الحرفيون طريقة للتغلب على هذا الأمور، وهو تحويل أحد أجزاء الألعاب الصينية إلى مادة خام لتصنيع السبحة منها.

مراحل التصنيع

ولفت شمس الدين، إلى أن تصنيع السبح يمر بعدة مراحل، أولها ترشيح المادة الخام، وتحديد المقاس ودرجات الألوان، وأيضا كثافة وحجم الخامة، ثم تأتي الخطوة التالية، وهي عمل طقم المسابح ثم الصنفرة، ويتم فيها إعادة تشكيل الخرز بحيث يكون موحد وشكل واحد، وتأتي المرحلة الأخيرة وهي التلميع، مبينا أن أصعب مرحلة هي الشحن للخارج، والقدرة للوصول إلى عدد كبير من الزبائن حول العالم.

مكونات السبحة

ويكشف "شمس الدين"، مكونات السبح، مشيرًا إلى أن السبحة مكونة من كبوس، وتوجد في أعلى السبحة، ثم "التمليكه" وهي توقيع الورشة، و"الزواقه" و"لعبة" و"الشاهد" أو" المأذنة"، ثم الخرز  تكون ما بين 33 حبة أو 99 حبة.

المصري يهزم الصيني

وحول المقارنة فيما بين السبح الصينية ونظيرتها المصرية، أكد "شمس الدين"، أن السبح المصرية تتكون من خامات طبيعية وغير مقلدة أبدا، على عكس السبح الصينية.

وأشار إلى أن السبح المصرية هي أعلى جودة مقارنة بالصينية، وكذلك الخامة والشغل الحرفي في السبحة، فضلا عن معرفة أصول الصنعة التي تضيف لها روح ثانية بعكس المنتج الصيني.

وقال شمس الدين، إنه يتم تصدير جميع أنواع السبح المصرية المصنعة من مختلف الخامات إلى دول الخليج، موضحًا أن أعلى الخامات تذهب إلى دولة الكويت الشقيقة، وأخرى إلى العراق وكذلك السعودية، ولكل زبون ذوقه في الخامات، ولكن الأكثر طلبًا هو الكوك واليسر وعظم الجمل، وخاصة السعودية في موسم الحج والعمرة.

أغلى سبحة

"أغلى سبحة تكون من الخامة الكهرمان، ثم يأتي من بعدها سبحة اليسر لأنها خامة يتم استخراجها من أعماق البحر الأحمر، وأشهر نوع يتم شرائه من قبل الناس هو الكوك، وتتراوح أسعاره ما بين 150 جنيها إلى 500 جنيها فأكثر "، وذلك بحسب ما ذكره بائع السبح "علي محمود".

ولفت علي محمود، إلى أن الحرفيين أصبحوا يعملون في عدد من الخامات أهمها “الكوك” و"الزيتون" و"الابانوس" و"الكهرمان" وكذلك الأحجار، مضيفا أن الخامات يتم تصنيعها في مصر بأياد مصرية، وهناك أيضا خامات يتم استيرادها من الخارج، ولكن تُصنع في مصر.

وأوضح محمود، أن تصميم السبحة يكون مختلف على حسب الخامة التي يتم استخدامها، مضيفا أن فخامة اليسر لصعوبتها تحتاج إلى وقت كبير للتصميم عليها، ولا يستطيع أي حرفي أن يعمل فيها، على عكس “الكوك” الذي يكون أسهل بكثير في التصميم من خلال نقش الكلمات والأذكار عليه.

العطور وطلب الزبائن

وتابع: "هناك خامات طبيعية يتم صناعة السبح منها مثل الخشب الذي يُصدر رائحة عطر كالعود والقرفة والزنجبيل، وهناك أخشاب يتم وضع العطور عليها من قبل صانع السبح، ومع ذلك يرجع الأمر إلى ذوق وطلب الزبائن"، مضيفا أن السبح المعطرة تكون أغلى بكثير عن غيرها، لأن الخامة "تتعب" الحرفي ولا يمكن لأي صنايعي في الحرفة أن يعمل بها.

"السبحة حياتنا"

وخلال حديثنا مع صانع الحرفة علي محمود، دخلت سيدة تدعى ليندا محمود، المحل لتشتري سبحة لها ولصديقتها وابنتها، وعند سؤالها، قالت: "بالنسبة ليا السبحة هي حياتي، أنا لو مضغوطة أو مشغولة في الحياة، بلاقي السبحة تجذبني إليها لأداوم على أذكاري من خلالها، معربة عن ارتباطها الشديد وحبها للمسابح خاصة التي تباع بجوار مسجد الحسين.  

أوقات انتعاش البيع

وأشار علي محمود، إلى أن تجارة السبح تنتشع في مواعيد معينة مثل مولد سيدنا الحسين، والحج والعمرة وشهر رمضان المبارك والمولد النبوي الشريف، مقارنة بغيرها من الأيام الأخرى فيكثر فيها الشراء.

search