الجمعة، 26 سبتمبر 2025

08:57 ص

"الكلاب الضالة" بين الإهمال وذعر المواطنين.. متى يتوقف نزيف الضحايا؟

الكلاب الضالة _ صورة تعبيرية

الكلاب الضالة _ صورة تعبيرية

لم تعد الكلاب الضالة في الشوارع مجرد مشهد عابر أو أمر اعتيادي يمكن التغاضي عنه، بل تحولت إلى قضية تؤرق المواطنين وتهدد أمنهم الصحي والنفسي، بعد أن تصاعدت أعداد الإصابات بالعقر إلى مئات الآلاف خلال عام واحد فقط.

أزمة الكلاب الضالة

وفي ظل غياب خطة قومية واضحة، تتباين المقترحات ما بين الاستعانة بشركات خاصة لمواجهة الأزمة، أو تصدير الكلاب إلى الخارج، أو حتى إنشاء لجان محلية متخصصة، ليبقى السؤال الملح: متى تتحرك الإدارة المحلية بجدية لوقف نزيف الضحايا؟

وأعرب أستاذ الإدارة الحكومية والبلدية، الدكتور حمدي عرفة، استيائه البالغ من سوء إدارة الأغلبية العظمى من قيادات الإدارة المحلية، بدايةً من بعض المحافظين مروراً بعدد من السكرتيرين العموم، وصولاً إلى بعض مديري الزراعة والري والطب البيطري ومديري المستشفيات والوحدات الصحية، فيما يتعلق بملف الكلاب الضالة المنتشرة بالشوارع، مشددا على ضرورة الرقابة الصارمة على هؤلاء المسؤولين مع الإطاحة إداريًا بالمقصرين منهم.

مسؤولية التعامل مع أزمة الكلاب الضالة

وأضاف عرفة، أن هيئة الخدمات البيطرية لا تستطيع بمفردها التعامل مع ظاهرة انتشار الكلاب في جميع المحافظات، وأن المسؤولية الكاملة تقع على عاتق مديريات الطب البيطري بالتعاون المباشر مع المحافظين، وذلك طبقًا لقانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979.

التعاقد مع شركات خاصة

واقترح خبير الإدارة المحلية، التعاقد مع شركات خاصة لتولي مهمة التعامل مع ورعاية الكلاب الضالة، في حال عجز المحافظين إداريًا عن إدارة هذا الملف، مع إلزام كل محافظ بتشكيل لجنة محلية تضم ممثلين عن مديريات الصحة، والطب البيطري، والزراعة، وإدارات النظافة بدواوين المحافظات، إضافةً إلى رؤساء الأحياء والمراكز والمدن والوحدات المحلية القروية، وبالتنسيق مع جمعيات الرفق بالحيوان لمكافحة أزمة الكلاب الضالة، خاصةً مع غياب وجود خطة قومية واضحة مدعومة بجدول زمني من قبل المحافظين لمواجهة الأزمة.

وأشار إلى أن الجهات الحكومية لا تتعامل إلا مع الكلاب العقورة فقط، وغالبًا ما يكون التحرك كرد فعل بعد تلقي شكاوى لأهالي، رغم أن الإحصاءات الرسمية الصادرة عن هيئة الخدمات البيطرية التابعة لوزارة الزراعة تؤكد أن عدد من تعرضوا للعقر من الكلاب الضالة خلال العام الماضي بلغ 430 ألف حالة، وكانت محافظات البحيرة، القاهرة، الشرقية، والجيزة هي الأعلى في معدلات الإصابات، بينما جاءت محافظات شمال سيناء، الوادي الجديد، البحر الأحمر، ومطروح الأقل تسجيلًا.

مصدر للأمراض

وأكد عرفة أن انتشار الكلاب الضالة أصبح مصدرًا مباشرًا للأمراض والأوبئة التي تهدد حياة المواطنين، حيث ينتهي الأمر في العديد من الحالات إلى الوفاة، موضحًا أن مصر باتت تتصدر قائمة الدول الأكثر معاناة من هذه الظاهرة مقارنة بغيرها.

وأوضح عرفة أن هناك نوعين من الكلاب الضالة في الشوارع، الأول كلاب وُلدت وتربت في الشوارع منذ البداية، والأخرى كانت مملوكة لأشخاص لكنها هربت أو تُركت.

وأشار إلى العلامات التي تدل على خطورة الكلب، مثل: الهياج المستمر، كثرة النباح والحركة، رفض شرب الماء مع إفراز اللعاب بغزارة، الضعف والهزال مع عدم القدرة على الحركة، ونبّه المواطنين بعدم الاقتراب من أي كلب تظهر عليه هذه العلامات.

كما تناول عرفة دور الكلاب في دول العالم المتقدم، حيث تُستخدم للحراسة، الصيد، جر العربات، وأحيانًا في الحروب لحمل الرسائل أو الحراسة، أو مساعدة المكفوفين والصم، إضافة إلى استخدامها في الكشف عن المخدرات، المفرقعات، الديناميت، وحتى النمل الفارسي، فضلًا عن البحث عن المفقودين في الزلازل والحرائق.

وتابع أن مصر سجلت العام الماضي 430 ألف حالة "عقر" من الكلاب الضالة، وأن محافظات البحيرة والقاهرة والشرقية والجيزة الأكثر تسجيلات للحالات العقر، وشمال سيناء والوادي الجديد والبحر الأحمر ومطروح  وجنوبها ومطروح الأقل.

أمراض السعار

وأشار إلى أن مرض السعار الناتج عن عقر الكلاب قد يؤدي إلى الوفاة لتأثيره المباشر على الجهاز العصبي، وأن الشوارع المصرية تكاد لا تخلو من الكلاب التي تضاعفت أعدادها بشكل ملحوظ، مع متوسط عمر يصل إلى 8 سنوات.

ولفت عرفة إلى غياب مراكز السموم في نطاق الوحدات المحلية القروية حيث لا يوجد بهذه الوحدات أقسام متخصصة للتعامل مع حالات عقر الكلاب، إضافة إلى نقص سيارات الإسعاف في الوحدات الصحية الريفية، لافتا أن عدد مراكز السموم في الجمهورية لا يتجاوز 20 مركزًا.

وشدد على أن المسؤولية الكاملة تقع على المحافظين طبقًا لقانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979، منتقدًا عدم المتابعة الميدانية في القرى والعزب نتيجة ضعف الموازنات وغياب التفكير خارج الصندوق، وهو ما أدى إلى تفاقم أزمات مثل هجمات الكلاب الضالة والثعابين والزواحف. 

وفي واقعة أثارت جدلًا واسعًا، أصيبت سيدة بإصابات متفرقة إثر تعرضها لهجوم من كلب يملكه عصام الحضري، حارس مرمى منتخب مصر السابق، وذلك على أحد شواطئ مدينة العلمين بمحافظة مطروح.

وحررت الضحية محضرًا رسميًا ضد الحضري، متهمةً إياه بالإهمال الذي تسبب في إصابتها بعقر في اليد وأجزاء متفرقة من جسدها، وذلك وفقًا للمحضر رقم 3540 لسنة 2025 جنح العلمين.

تصدير الكلاب الضالة

وكانت عضو مجلس النواب آيات الحداد، تقدمت في وقت سابق بمقترح برغبة موجّهًا إلى رئيس الوزراء، ووزير التنمية المحلية، يقضي بتصدير الكلاب الضالة إلى دول مثل الصين وكوريا مقابل الحصول على الدولار.

الحداد حذرت من تفاقم ظاهرة انتشار الكلاب الضالة التي تسبب رعبًا خاصة للأطفال، وأن بعض الأهالي يلجؤون إلى قتل الكلاب بطرق مؤلمة. 

واعتبرت عضو مجبس النواب أن التصدير يحقق فائدة مزدوجة: حماية المواطنين من الهجمات، والحصول على عملة صعبة، إلى جانب حماية الكلاب من التعذيب.

حيازة الحيوانات الخطرة

وفي وقت سابق تقدم النائب محمود عصام موسى، بطلب إحاطة إلى الحكومة ممثلة في رئيس مجلس الوزراء ووزيري الزراعة والتنمية المحلية بشأن استمرار أزمة الكلاب الضالة، مشيرًا إلى أنها قد تعرض الأطفال للعقر.

وأكد النائب، أن صدور اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم حيازة الحيوانات الخطرة والكلاب الصادر بالقانون رقم 29 لسنة 2023، لم ينجح بعد في حل الأزمة، نظرًا لغياب خطة حكومية واضحة للتنفيذ.

وتنص اللائحة التنفيذية على إلزام المخاطبين بأحكام القانون بتوفيق أوضاعهم خلال مدة لا تتجاوز سنة من تاريخ العمل بها، كما تنظم ضوابط ترخيص الكلاب الخطرة، إلا أن النواب شددوا على أن الأزمة الميدانية لا تزال قائمة، وأن تحرك وزارة الزراعة وقطاع الطب البيطري غير كافٍ.

search