الإثنين، 29 سبتمبر 2025

04:06 ص

جدل في سوق الحديد بعد فرض رسوم إغراق على البليت والصاج

البليت

البليت

في حلقة استثنائية من برنامجه "حضرة المواطن" على قناة الحدث اليوم، فتح الإعلامي سيد علي، ملف فرض رسوم إغراق بنسبة 16.2% على استيراد البليت والصاج، وهو القرار الذي أثار جدلًا واسعًا في سوق الحديد المصري خلال الأسابيع الأخيرة. 

واستضاف علي عددًا من المصنعين لمناقشة تداعيات القرار، من بينهم رئيس شركة المدينة للصلب، طارق عبدالعظيم، ومدير عام المصانع بمجموعة العلا للصلب، أيمن هيكل، ورئيس شعبة الأجهزة الكهربائية باتحاد الصناعات، حسن مبروك.

22 مصنعًا مهددًا بالإغلاق

انتقد رئيس شركة المدينة للصلب، طارق عبدالعظيم، القرار بشدة، مؤكدًا أنه أضر بالمنافسة العادلة في سوق حديد التسليح، حيث قصر إنتاج المواصفات العالمية المقاومة للزلازل B500DWR على مصنعين أو ثلاثة فقط، بدلًا من أكثر من 25 مصنعًا في مصر. 

وأضاف أن الرسوم أدت إلى شلل شبه كامل في 22 مصنع درفلة، ما يهدد بفقدان أكثر من 20 ألف وظيفة، ويكبد الموازنة العامة للدولة خسائر فادحة، باعتبارها أكبر مستخدم لحديد التسليح في المشروعات القومية.

وأوضح عبدالعظيم أن مصانع الدرفلة تواجه زيادة كبيرة في تكلفة المدخلات بسبب اعتمادها على استيراد البليت، الذي لا يتوافر محليًا بالمواصفات المطلوبة وبأسعار تنافسية، مشيرًا إلى أن الرسوم الحمائية قد ترفع أسعار الحديد بما يزيد على 5 آلاف جنيه للطن، ما يضاعف تكلفة البناء والتشييد.

هروب الاستثمارات

وحذر عبدالعظيم من أن القرار يهدد بيئة الاستثمار في مصر، إذ سيؤدي إلى عزوف المستثمرين الأجانب، وقد يعرض البلاد لخسائر بملايين الدولارات نتيجة نزاعات تجارية وقضايا دولية محتملة، مضيفًا أن الشركات المرتبطة بعقود طويلة الأجل، خاصة مع المشروعات القومية، ستتكبد خسائر جسيمة قد تجبرها على الخروج من السوق.

وأكد أن ارتفاع أسعار الحديد سينعكس مباشرة على معدلات التضخم، مع زيادة أسعار السلع المرتبطة بالبناء والتشييد، كما سيؤدي إلى فقدان المزيد من الوظائف المباشرة وغير المباشرة، وتراجع القوة الشرائية للمستهلكين في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة.

دعوة لمراجعة القرار

ووصف عبدالعظيم قرار فرض رسوم الإغراق بأنه "غير مدروس ويخدم أطماع شخصية"، مشيرًا إلى أن أحد كبار المصنعين قدم معلومات مغلوطة لوزارة الاستثمار للحصول على الموافقة، داعيًا إلى إعادة النظر في القرار ووضع آلية متوازنة تأخذ في الاعتبار مصالح جميع المصنعين، خاصة المصانع الصغيرة والمتوسطة، فالقطاع الصناعي يحتاج إلى دعم حقيقي يعزز قدرته التنافسية بدلًا من تكريس الاحتكار.

وانتقد رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية باتحاد الصناعات المصرية، حسن مبروك، قرار فرض رسوم إغراق على البليت بنسبة 16.2%، مؤكدًا أن القرار لا يخدم الصناعة الوطنية بأي شكل من الأشكال.

وأوضح أن القرار استند إلى دراسة أكاديمية غير مرتبطة بالواقع، وبتوصية من أحد المصنعين الكبار لتحقيق مصالح شخصية، بينما تجاهل تأثيراته السلبية على مختلف الصناعات التي تعتمد على البليت كخام أساسي.

وخلال مداخلة هاتفية، أشار مبروك إلى أن الأرقام التي بني عليها القرار "غير حقيقية"، وتم التلاعب بها بهدف السيطرة على السوق وإقصاء صغار المصنعين والمستثمرين، مضيفًا أن القرار ستكون له انعكاسات مباشرة على الأسعار في السوق المحلية، بما يزيد الأعباء على المواطنين، إلى جانب تهديد استمرار عدد كبير من المصانع.

تأثير سلبي على الاستثمار

وحذر مبروك من أن القرار سيؤدي إلى عزوف المستثمرين الأجانب عن ضخ استثمارات جديدة في السوق المصري، خاصة بعد أن دخلوا السوق بناءً على وعود وتوجهات داعمة للصناعة، ثم فوجئوا بقرار مفاجئ يرفع التكلفة الإنتاجية، مؤكدًا أن حتى العلامات التجارية الكبيرة لن تسلم من تداعيات القرار، مما قد يعجل بخروج بعض المستثمرين من مصر.

وطالب رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية، رئيس الوزراء بالتدخل العاجل لوقف القرار، مؤكدًا أن الدولة يجب أن تسعى لخفض تكلفة الإنتاج لتعزيز تنافسية الصناعة محليًا وخارجيًا، وليس فرض رسوم تزيد الأعباء على القطاع.

وأشار مبروك إلى أن الغرف الصناعية على أتم الاستعداد لتقديم دراسات عملية مبنية على بيانات السوق الفعلية، بما يساعد على صياغة سياسات أكثر توازنًا وعدالة، بدلًا من الاعتماد على دراسات أكاديمية بعيدة عن واقع المصانع والمستثمرين.

يهدد المنافسة العادلة

وحذر مدير عام مصانع مجموعة العلا للصلب، أيمن هيكل، من أن قرار فرض رسوم وقاية على خام البليت يخلق حالة من التناقض والتخبط داخل السوق المصري، مشيرًا إلى أن هذه الرسوم تهدد المنافسة العادلة وتفتح الباب أمام الاحتكار في سوق حديد التسليح.

وأوضح هيكل أن صناعة الحديد والصلب في مصر تعد من الصناعات الثقيلة التاريخية، وتضم نحو 7 مصانع متكاملة وما يقرب من 25 مصنع درفلة، مؤكدًا أن الوزارة نفسها أقرت بوجود عجز في المعروض المحلي من خام البليت، مضيفًا أن بناءً على دراسات وزارة الصناعة، صدرت مؤخرًا ثماني رخص جديدة لإنتاج البليت بطاقة إجمالية تبلغ 3.7 مليون طن لمعالجة هذا النقص.

وتساءل هيكل مستنكرًا: "إذا كان لدينا عجز في البليت، فلماذا نفرض رسوم وقاية على المنتج المستورد؟"، مشددًا على أن استمرار المصانع يتطلب إما السماح لها باستيراد حصصها من البليت بدون رسوم، أو التزام المصانع المحلية المنتجة للبليت بتوفير الكميات المطلوبة بالسعر العادل.

سيد علي: نصبح أحيانًا عدو أنفسنا

من جانبه، قال الإعلامي سيد علي، إن فرض الرسوم على واردات خامات البليت والصاج يمثل عبئًا إضافيًا على المصانع، خاصة في ظل ارتفاع أسعار المواد الخام عالميًا، مشيرًا إلى أن هذا القرار قد يدفع المصانع إلى رفع أسعار منتجاتها لتعويض التكلفة، وهو ما سينعكس مباشرة على المستهلك النهائي.

وذكر أن خامات البليت والصاج تدخل في صناعات أساسية مثل الأجهزة المنزلية، السيارات، والمواد الإنشائية، وبالتالي فإن أي زيادة في تكلفتها تضغط على سلسلة الإنتاج بأكملها، مضيفًا أن ضعف القدرة التنافسية للمصانع المصرية قد يؤدي إلى تراجع الصادرات وانخفاض العوائد الاقتصادية، بما يخلق حالة من الركود الجزئي في قطاعات صناعية حيوية.

وتطرق إلى تأثير القرار على معدلات التوظيف، موضحًا أن زيادة تكاليف الإنتاج قد تجبر بعض الشركات على تقليص العمالة أو وقف التوسعات، وهو ما يهدد بفقدان فرص عمل جديدة وزيادة البطالة، خصوصًا في القطاعات المرتبطة بالبناء والصناعات الهندسية.

وأكد “علي”، أن أي سياسة اقتصادية يجب أن تراعي التوازن بين حماية الصناعة المحلية وتوفير بيئة مستقرة للمستهلك، محذرًا من أن القرارات غير المدروسة قد تتحول إلى عبء اقتصادي على المواطنين بدلًا من أن تكون محفزًا للنمو.

واقترح التفكير في بدائل عملية قبل اللجوء إلى فرض رسوم وقائية، مثل تقديم دعم تمويلي للمصانع أو حوافز لتقليل الاعتماد على الواردات، بما يضمن استمرار الإنتاج المحلي بأسعار تنافسية، داعيًا إلى فتح حوار مباشر مع المصنعين وأطراف القطاع الصناعي قبل اتخاذ قرارات مصيرية، فالتوازن بين حماية الصناعة، وتحفيز النمو، وضمان حقوق المستهلكين، هو مفتاح استقرار الاقتصاد الوطني.

search