الأربعاء، 01 أكتوبر 2025

02:32 م

ماذا يعني الإغلاق الحكومي وتأثيره على الموظفين الفيدراليين في أمريكا؟

تعبيرية

تعبيرية

شهدت واشنطن اليوم أزمة سياسية غير مسبوقة، حيث استيقظت الولايات المتحدة صباح الأربعاء على إغلاق حكومي رسمي شامل، وهو الأول منذ سبع سنوات، بعد فشل الكونجرس الأمريكي في تمرير مشروع قانون تمويل الإدارات الفيدرالية قبل منتصف ليلة الثلاثاء، وهو الموعد الذي يمثل نهاية السنة المالية في البلاد، وذلك وفقًا لما نقلته شبكة "سي إن إن" العربية.

ماذا يعني الإغلاق الحكومي؟

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: ماذا يُقصد بالإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة؟ بحسب تقديرات مدير مكتب الموازنة في الكونجرس، فإن الإغلاق يعني توقف عدد من الوكالات والهيئات الفيدرالية عن العمل بشكل كامل أو جزئي نتيجة عجز السلطتين التنفيذية والتشريعية عن الاتفاق على قانون التمويل.

وأضاف مكتب الكونجرس أن الإغلاق يعني أيضًا توقف مئات الآلاف من موظفي الحكومة الفيدرالية عن العمل مؤقتًا، بتكلفة يومية تُقارب 400 مليون دولار، بالإضافة إلى أن هؤلاء الموظفين أصبحوا في إجازة مؤقتة بلا راتب، فيما تستمر فقط "الخدمات الأساسية" مثل الأمن القومي وحماية الحدود والرعاية الطبية الطارئة.

وأشار المكتب إلى أن الجيش سيتولى العمل خلال فترة الإغلاق، لكن أفراده لن يتقاضوا رواتبهم إلا بعد انتهاء الإغلاق.

أسباب إغلاق الحكومة

وفيما يتعلق بالأسباب التي أدت إلى تنفيذ قرار إغلاق الحكومة، بدأت الأزمة بعد فشل مجلس الشيوخ في تمرير مشروع القانون الجمهوري الذي كان يهدف إلى تمديد التمويل مؤقتًا. وعلى الرغم من تمريره في مجلس النواب، إلا أنه حصل على 55 صوتًا في الشيوخ مقابل 45 صوتًا ضده، بينما كان يحتاج إلى 60 صوتًا لاعتماده.

ووفقًا لتقرير صحيفة "فاينانشال تايمز"، يريد الجمهوريون تمديد مستويات الإنفاق الحالية لفترة قصيرة، معتبرين أن إدارة ترامب تقوم فعليًا بتقليص حجم الحكومة والإنفاق دون الحاجة لتشريعات جديدة، أما الديمقراطيون فيرفضون هذا النهج ويطالبون بإعادة دعم الرعاية الصحية وتوسيع الإعفاءات الضريبية لملايين الأمريكيين، إضافة إلى التراجع عن التخفيضات في برنامج "ميديكيد" والتمويل الصحي للأبحاث ومراكز مكافحة الأمراض.

وأشار التقرير إلى أن زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، جون ثون، اتهم الديمقراطيين بـ"عرقلة المشروع لأهداف حزبية"، بينما رد زعيم الأقلية الديمقراطية تشاك شومر قائلاً إن الجمهوريين "يميلون إلى الكذب"، وأن الرئيس ترامب يتجاهل أي اتفاقيات يتم التوصل إليها حول مستويات الإنفاق.

الجهات التي ستتأثر بالإغلاق في الولايات المتحدة

قرار الإغلاق سيؤثر على جهات حكومية عدة، ووفق تقديرات مكتب الموازنة في الكونجرس، قد يُجبر نحو 750 ألف موظف فيدرالي على التوقف عن العمل يوميًا بشكل مؤقت، بتكلفة مالية تصل إلى 400 مليون دولار يوميًا.

كما يتوقع أن يتأثر أكثر من 40% من العاملين في الإدارات الفيدرالية، أي نحو 800 ألف موظف معظمهم في وكالات غير أساسية.

وبعد الإغلاق الحكومي الشامل، توقع الخبراء أن تستمر أنشطة الجيش والأمن القومي والرقابة الجوية، لكن أفرادها قد لا يتقاضون رواتبهم إلا بعد انتهاء الإغلاق. وأشاروا إلى استمرار مدفوعات الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، لكن قد تتوقف خدمات التحقق من الاستحقاق.

كما توقع الخبراء تأثر خدمات أخرى مثل برامج المساعدة الغذائية، ورياض الأطفال الممولة فيدراليًا، والقروض الطلابية، والتفتيش على الأغذية، والأنشطة في المتنزهات الوطنية.

وأكد الخبراء أن مكتبة الكونغرس أعلنت استعدادها للإغلاق، وقد يتأثر أيضًا السفر الجوي إذا توقف بعض العاملين عن الحضور.

اختلاف رد فعل إدارة ترامب عن الإدارات السابقة

وعن رد فعل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على قرار الإغلاق، فهي تختلف عن الإدارات السابقة التي كانت ترى في الإغلاق الحكومي تهديدًا سياسيًا لصورتها أمام الناخبين، حيث تبدو إدارة ترامب أكثر ارتياحًا لفكرة استمرار الإغلاق لفترة طويلة، بل وهدد بعض المسؤولين باستخدامه كوسيلة لإعادة هيكلة الجهاز الحكومي وتحديد "العمال غير الأساسيين" تمهيدًا لتسريحهم نهائيًا.

ويرى مراقبون أن هذا الموقف يعكس استراتيجية ترامب المستمرة منذ تسعة أشهر في تقليص حجم الحكومة الوطنية وخفض النفقات، مستفيدًا من الأزمة لتسريع خططه.

تأثير الإغلاق على الاقتصاد

اقتصاديًا، يتوقف حجم الخسائر جراء القرار على مدة الإغلاق، إذ تشير تقديرات أولية إلى أن الاقتصاد الأمريكي قد يخسر ما بين 0.1 و0.2 نقطة مئوية من النمو لكل أسبوع يستمر فيه الإغلاق.

تأثر الإقتصاد بقرار الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة

ورغم أن جزءًا من الخسائر سيتم تعويضه بعد استئناف العمل، إلا أن هذه المرة قد تكون مختلفة إذا نفذت إدارة ترامب تهديدها بتسريح بعض العمال بدلًا من إعطائهم إجازة مؤقتة فقط.

قلق الأسواق المالية

كما يثير الإغلاق قلق الأسواق المالية لإحتمال تأجيل صدور تقارير اقتصادية رئيسية مثل تقرير الوظائف الشهري، في وقت يعاني فيه الاقتصاد أصلاً من ضغوط ناجمة عن سياسات جمركية، وخفض إنفاق حكومي، وتوترات في سوق العمل بفعل الهجرة والتكنولوجيا.

تاريخ الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة

يُذكر أن قرار الإغلاق الحكومي لن يكن الأول في الولايات المتحدة، ففي عام 1980 جرت نحو 15 عملية إغلاق حكومي متفاوتة المدة، وخلال ولاية ترامب الأولى عام 2018-2019 وقع قرار الإغلاق ثلاث مرات، واستمر 35 يومًا، وتعد الأطول في تاريخها، وجاء بسبب الخلاف حول تمويل جدار المكسيك.

وقدّر مكتب الموازنة حينذاك أن تلك الأزمة خفضت الإنتاج الاقتصادي بنحو 11 مليار دولار، منها 3 مليارات لم تُسترد حتى الآن.

search