السبت، 18 أكتوبر 2025

08:43 م

أبوبكر أبوالمجد

الجماعات لبعضها والشعوب لدولهم

فرق كبير بين تعاطفك إنسانيًا مع إنسان أو مجتمع بأكمله ومع قضيته، وتعاطفك مع فصيل أو حركة أو جماعة.. من الجهالة أن تحافظ للموتورين من قياديي هذه الجماعات والحركات التي ما صانت عرضًا ولا حررت أرضًا ولا حفظت دماء على حاضنة شعبية، فتمكنها مجددًا من كسب التعاطف، وموقف جديد يتاجرون، ويزايدون به على مجتمعهم، وأبناء جلدتهم، وربما على الأمة كلها.

وما أعنيه بالجهالة جهالة المساواة بين أمة وحركة أو جماعة، وأنه لا وجه للمقارنة بين الولاء لوطن والولاء لجماعة.. بين ضرورة تعظيم مفهوم الدولة الوطنية،قيمها ودعم قائدها وولي أمرها، واحترامها لدستورها وقوانينها مع إقرارنا بأن لكل قاعدة شواذها، وبين تعظيم لقطات أو قرارات أو مواجهات صغيرة متناثرة لعناصر جماعات وحركات والنفخ فيها لتبدو على غير حقيقتها، من حيث الأثر والتأثير.

فالولاء والتعظيم الأول على أقل تقدير يؤسس دولة قوية آمنة مستقرة، ومع الأمن والاستقرار يمكن إصلاح أي خلل، وتعديل كل اعوجاج، أما التعظيم الآخر فهو يصنع حالة خادعة لبطولات كاذبة تجهز في النهاية على حلم بناء الدولة ويحول بيننا وبين تعلم الدرس في فل.. سطين أو ليبيا أو السودان، أو العراق أو اليمن.    

وها نحن الآن قد أبصرنا الفارق بين قيادات لجماعة تقامر بشعب، وبين قادة دول تقدر المسؤولية وتفكر ألف ألف مرة قبل أن تغامر مغامرة تضر بمصالح شعوبها.

وها نحن قد أبصرنا أن الدول هي الأقدر على المناورة والضغط وهي التي تملك الشرعية الدولية شاء من شاء وأنكر من أنكر، وإن كل مسعى في هذا التوقيت لتعظيم فعل لحركة أو جماعة دون الدولة، فهو يسهم في استمرار حاضنة هذه الحركات وبالتالي يمكنها مرة أخرى من أن تكون حاجزًا أمام مسيرة أو خيار لقيادات تعي وتدرك أكثر من غيرها حجم الأخطار بما تملك من مؤسسات أمنية واستخباراتية، وعلاقات مع أجهزة أخرى دولية، فضلا عن المراكز البحثية والاستراتيجية المختصة.

لا بد من وضع نهاية لكل فكر يضر بصالح الدولة ومصالحها، ويضعف من قوتها ويدمرها من الداخل.. لا بد أن نقضي على كل أداة يمكن استخدامها في حروب الجيل الرابع.. لا بد من وضع نهاية لهذه الدائرة الخرقاء كي ننجو وتنجو بلادنا بإذن الله.

ختامًا.. أتفهم تحفظات وانزعاج وقلق الكثيرين منا على مستقبلهم، وحياتهم، وغضبهم من الفساد والمحسوبية وغياب العدالة أحيانًا؛ لكن هذا لا يعني مطلقًا أن نؤثر الحركة على الدولة، ولا الجماعة على الشعب، ولا المليشيا على الأمة. فلتكن الجماعات وعناصرها والمؤدلجين من محبيها لبعضهم، ولتكن الشعوب لدولهم.

search