الثلاثاء، 21 أكتوبر 2025

07:52 م

"البقيع الثاني بمصر"، رحلة إلى مدينة الـ 5 آلاف صحابي في البهنسا

بقيع مصر الثاني

بقيع مصر الثاني

مع إشراقة شمس يوم الجمعة، بدأت قرية "البهنسا" في محافظة المنيا باستقبال آلاف الزوار، هنا في قلب الصحراء، حيث يرقد الآلاف من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والتابعين، الذين استشهدوا أثناء الفتح الإسلامي لمصر.

"مدينة الصحابة" مقصد الزائرين

يطلق البعض على البهنسا لقب "بقيع مصر"، تيمنًا ببقيع المدينة المنورة الذي يضم رفات صحابة الرسول، وهذه التسمية ليست مجرد تشبيه، فالبهنسا تحظى بمكانة دينية وتاريخية فريدة، إذ تضم أضرحة ومقامات لـ70 صحابيًا من شهداء غزوة بدر، وقرابة 5 آلاف صحابي وتابعي ممن شهدوا فتح المحروسة.

البقيع الثاني بالمنيا 

فعلى تبة صغيرة مغطاة بالرمال السوداء والبنية، وبجوارها الجبانات، تتزين «البهنسا» بأضرحة ومقامات عدد من أولياء الله الصالحين، تجمعهم أرض واحدة، هذه البقعة المباركة في محافظة المنيا ليست مجرد قرية عادية، بل هي "مدينة الصحابة" التي يتردد صداها في كتب التاريخ الإسلامي، وشاهد على أمجاد الفتح، إنها أرض جمعت بين جنباتها الشهداء والصالحين، لتتحول إلى قبلة للزائرين من كل مكان، يطلبون البركة ويستلهمون من تاريخها العظيم.

أرض الصحابة حيث يرقد عشرة آلاف عين رأت النور النبوي

ووفقًا لما ذكره سلامة زهران، مدير الآثار الإسلامية والقبطية بالبهنسا، تكشف الروايات التاريخية التي أوردها مؤرخون كبار مثل الواقدي والمقريزي، قصة هذه الأرض المقدسة، فقد احتضنت أقدام 10 عين حظيت بشرف رؤية النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بين هؤلاء، يبرز 70 بدريًا ممن شاركوا في غزوة بدر الكبرى، بالإضافة إلى عدد من الأمراء والسادة الذين قادوا الفتح، كل هؤلاء يرقدون في أرض واحدة، ما يجعل المكان قبلة لأبناء الصعيد والزوار من مختلف الدول الإسلامية.

البهنسا.. أرض الـ5 آلاف صحابي 

أضرحة وقصص تاريخية

تتزين البهنسا بالعديد من القباب والأضرحة التي تحكي قصصًا من التاريخ الإسلامي، ومن أبرز هذه الأضرحة: قبة "زياد بن أبي سفيان"، وهو الأمير زياد بن الحارث بن أبي سفيان بن عبدالمطلب، وأبوه ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم، حمل راية فتح البهنسا من عمرو بن العاص، وبُنيَ له ضريح مكتوب على جدرانه "هذا مقام المجاهد ابن المجاهد في سبيل الله الأمير زياد، عام 992 هـ / 1583، وضريح الحسن صالح بن علي بن زين العابدين، وهو من أحفاد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب، قبة "أبو سمرة" وهي قبة ضخمة تحتها قصر يعود للعصر الفاطمي، اكتُشف به 200 دينار ذهبي.

البقيع الثاني بالبهنسا

كما تضم القرية أضرحة: محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق القرشي التيمي، وأبي عتيق، ومحمد بن عقبة بن نافع، والقعقاع بن عمرو التميمي، وﻤﻴﺴﺭﺓ ﺒﻥ ﻤﺴﺭﻭﻕ ﺍﻟﻌﺒسي، وﺯﻴﺩ ﺒﻥ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ، وﻤﺎﻟﻙ ﺍﻷﺸﻘﺭ الربيعي، وﻣﺤﻤد بن أبي ذر الغفاري، ومحمد بن عقبة بن نافع، والسيدة خولة بنت الأزور ﺷﻘﯿﻘﺔ اﻟﻔﺎرس العربي ﺿرار ﺑن الأزور، وإﺑﺎن ﺑن ﻋﺜﻤﺎن ﺑن ﻋﻔﺎن، وعبدالله بن المقداد بن الأسود، وعبدالرزاق الأنصاري، وأبو مسعود الثقفي، وكعب بن نائل السلمي، وهاشم بن نوفل القرشي، وعمارة بن عبدالدار الزُهري، وأبو كلثوم الخزاعي، وأبو سليمان الداراني، وأبو زياد اليربوعي، وصاغر بن فرقد، وعبدالله بن سعيد، وعبدالله بن حرملة، وعبدالله بن النعمان، وعبدالرحيم اللخمي، وأبو سلمة الثقفي، ومالك بن الحرث، وأبو سراقة الجهني، وأبو حذيفة اليماني، وابن أبي دجانة الأنصاري، وأبو العلاء الحضرمي".

إدمان روحي للبقيع الثاني لـ20 عامًا

قال محمود عبدالله أحد الزائرين للمكان: "حريص على المجيء إلى البهنسا كل يوم جمعة، ومنذ أكثر من 20 عامًا، أذهب أنا وأسرتي من الصباح الباكر ونبقى حتى قبل غروب الشمس".

ويضيف عبدالله، الذي تقطع عائلته مسافة 70 كيلومترًا للوصول إلى البهنسا: “هنا نشعر بحالة نفسية جيدة وراحة كبيرة، نشعر أننا في البقيع الثاني، خاصة لحبنا لآل البيت والصحابة، ولم أنقطع أسبوعًا واحدًا عن الزيارة”، مؤكدًا أن المسافات الطويلة لا يشعر بها المحب.

وتظل "البهنسا" شاهدة على حقبة تاريخية مجيدة، ومكانًا يجمع بين قدسية التاريخ وعمق الروحانية، حيث يتوافد عليه الزوار بحثًا عن السكينة والبركة، وتكريمًا لمن ضحوا بأرواحهم من أجل نشر الإسلام.

اقرأ أيضاً:  

"الدحرجة على الرمال في بهنسا".. خرافات لتزويج العانس وإنجاب العقيم

5 أعوام من العطش.. الفشل الكلوي يتفشى بين أهالي عزبة الصعايدة بالمنيا

مقام سيدي عبدالله التكروري بالبهنسا
مقام الأمير زياد بن الحارث بالبهنسا
ساحة علي الجمام بالبهنسا
search