الجمعة، 17 أكتوبر 2025

03:20 م

يوسف وهبي، عميد المسرح الذي جلس على "كرسي الاعتراف" في مذكراته

 يوسف وهبي

يوسف وهبي

يُعد الفنان القدير يوسف وهبي، واحدًا من أبرز رموز الفن المصري والعربي، وأحد الأعمدة الأساسية التي قامت عليها نهضة المسرح والسينما في القرن العشرين، فقد ترك بصمة لا تُمحى في تاريخ الإبداع العربي، من خلال أعماله التي جمعت بين التمثيل والإخراج والتأليف، مقدّمًا رؤية فنية سبقت عصرها.

ذكرى رحيل يوسف وهبي

وتحل اليوم 17 أكتوبر، ذكرى رحيل يوسف وهبي الـ43، حيث وافته المنية عام 1982، بعد مسيرة فنية لعقود طويلة قدّم خلالها إسهامات ضخمة في تطوير الدراما المصرية ووضع أسس المسرح الحديث، ليظل اسمه علامة بارزة في سجل رواد الفن العربي.

يوسف وهبي

نشأة يوسف وهبي وبدايات شغفه بالفن

وُلد الفنان الراحل يوسف وهبي في 14 يوليو عام 1898 بمدينة الفيوم لأسرة ميسورة الحال، وكان والده من أعيان المحافظة، يأمل أن يسير ابنه على خطاه في مجال الزراعة.

تلقى يوسف تعليمه الأول في كُتّاب العسيلي، ثم التحق بـالمدرسة السعيدية قبل أن ينتقل إلى المدرسة الزراعية، إلا أن شغفه بالفن بدأ في سن مبكرة، عندما شاهد عرضًا مسرحيًا لفرقة الفنان اللبناني سليم القرداحي أثناء وجوده في مدينة سوهاج، فكانت تلك اللحظة نقطة التحول الكبرى في حياته، إذ سحره عالم المسرح بما يحمله من إبداع وتمثيل حي، ليقرر من وقتها أن الفن هو طريقه في الحياة.

ومن هنا بدأ يوسف وهبي رحلة البحث عن ذاته الفنية، واضعًا أمامه حلمًا واحدًا، هو أن يصبح من رواد المسرح والسينما المصرية، وهو ما تحقق لاحقًا بجدارة.

البدايات الفنية ليوسف وهبي

بدأ يوسف وهبي مشواره الفني بخطوات بسيطة لكنها مليئة بالشغف، إذ كان يُلقي المونولوجات ويؤدي التمثيليات القصيرة في النادي الأهلي، وأثناء دراسته بالمدرسة، كما جرّب لفترة وجيزة العمل كمصارع تحت إشراف البطل المعروف عبد الحليم المصري، وهو ما أكسبه قوة بدنية وثقة على خشبة المسرح ساعدتاه لاحقًا في أداء أدواره التمثيلية بتمكن وحيوية.

رحلة يوسف وهبي إلى إيطاليا وتكوينه الفني

لم يكتفِ وهبي بتجاربه المحلية، بل دفعه طموحه الفني الكبير إلى السفر نحو إيطاليا بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، سعيًا وراء تطوير موهبته وصقلها بالدراسة الأكاديمية، هناك تتلمذ على يد الممثل الإيطالي الشهير كيانتوني، الذي أثر في تكوينه الفني ومنحه أساسًا تمثيليًا راسخًا جعله من أكثر الممثلين إتقانًا لأدواتهم على الساحة العربية عند عودته.

الانطلاقة والتألق بعد العودة إلى مصر

بعد عودته إلى مصر، بدأ وهبي مرحلة جديدة من مسيرته، حيث عمل في فرقة حسن فايق قبل أن يؤسس فرقة "رمسيس" المسرحية، التي كانت بمثابة نقطة تحول في تاريخ المسرح المصري.

كما أسس شركة "رمسيس للإنتاج السينمائي"، التي قدمت مجموعة من الأفلام الهامة وساهمت في تطوير صناعة السينما في مصر.

مسرحية "كرسي الاعتراف" و"أولاد الفقراء"

لم يكتفِ يوسف وهبي بالتمثيل فقط، بل برع أيضًا في التأليف والإخراج المسرحي، مقدمًا أعمالًا تناولت قضايا اجتماعية وإنسانية بجرأة غير معتادة آنذاك، مثل مسرحية "كرسي الاعتراف" و"أولاد الفقراء".

كما شارك في تأسيس ستوديو النحاس، وأدار فرقة المسرح العربي (الفرقة المصرية للتمثيل والموسيقى لاحقًا)، ليؤكد مكانته كأحد الرواد الحقيقيين للفن المسرحي والسينمائي المصري الحديث.

تأسيس فرقة رمسيس المسرحية

وبدأ وهبي أولى خطواته الفنية من خشبة المسرح، حيث أسس في عام 1923 فرقة رمسيس المسرحية مع عدد من الممثلين منهم عزيز عيد، مختار عثمان، حسين رياض، أحمد علام، فتوح نشاطي، زينب صدقي، وأمينة رزق.

فرقة رمسيس

أول أعمال يوسف وهبي السينمائية

واستمر نشاط يوسف وهبي المسرحي، إلا أنه قرر طرق أبواب السينما في 1932 من خلال فيلم “أولاد الذوات”، الذي قدم خلاله دور البطولة وشاركته الفنانة أمينة رزق.

أول عمل رعب في تاريخ السينما 

وقدم بعدها الفنان يوسف وهبي عشرات الأعمال السينمائية المميزة، حيث كان مشواره زاخرًا بالروائع، لتقديمه العديد من الأعمال والأدوار المتفاوتة، حتى أنه كان صاحب أول فيلم رعب في تاريخ السينما المصرية وجسد من خلاله دور الشيطان.

قدم يوسف وهبي في فيلم “سفير جهنم” إنتاج عام 1945، والفيلم جاء من بطولته وتأليفه وإخراجه، وينتمي إلى نوعية أعمال الرعب، وعلى الرغم من فقر الإمكانيات في تلك الفترة، إلا أن الفيلم جاء بجودة جيدة، وحقق غرضه وهو الرعب.

أشهر أعمال يوسف وهبي

قدم يوسف وهبي العديد من الأفلام للسينما، ومن أشهر أعماله فيلم “أولاد الذوات” وفيلم “إشاعة حب"، وفيلم "رجل لا ينام”.

الجوائز والتكريمات

تم تكريم يوسف وهبي بالعديد من الجوائز والأوسمة على مدار حياته الفنية، إذ حصل على جائزة الدولة التقديرية في مصر، ووسام "الجراند أوف سيسيه" من ملك المغرب، كما نال الدكتوراه الفخرية من أكاديمية الفنون، تقديرًا لإسهاماته الكبيرة في مجال الفن.

الحياة الشخصية

تزوج يوسف وهبي ثلاث مرات وعلى الرغم من نجاحاته الكبيرة في مجال الفن، إلا أنه لم يرزق بأطفال، ولكنه عاش حياة مفعمة بالتقدير والإنجازات.

ماذا قال يوسف وهبي في مذكراته؟

ومن الأسرار المثيرة في حياة وهبي الشخصية، أنه كان مقامرًا شرهًا، ولم ينكر هذا الأمر، حيث اعترف بذلك في مذكراته، وقال : "أنا لا أدعي أنني كنت قديسًا أو راهبًا في محراب، أو متصوِّفًا، أو معصومًا من الخطأ والشهوات، لكنني - كغيري أيام الشباب والفتوة - كنت أستجيب أحيانًا للإغراء والجمال في شيء من النهم، لكنني لم أشرب الخمر ولم أتعاطَ المخدِّرات، ولم أرتكب موبقات سوى حبي السابق للقمار، الذي سلبني عشرات الألوف".

وكان يوسف وهبي حريصًا على ممارسة القمار في الصالات والكازينوهات، بالإضافة إلى الرهانات على سباقات الخيل التي كانت من هوايات الطبقة الغنية في هذه الفترة، الأمر الذي خسر بسببه وهبي الكثير من أمواله.

اقرأ أيضًا:

زهرة العلا.. الجميلة التي رفضها يوسف وهبي وساعدها زكي طليمات

ذكرى رحيل يوسف وهبي.. رائد المسرح المصري

أمنية لم تحققها أمينة رزق.. ما علاقة يوسف وهبي؟

search