السبت، 18 أكتوبر 2025

10:08 م

بعد واقعة "أمك"، ما سبب اختيار بودابست لقمة ترامب وبوتين؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره الأمريكي دونالد ترامب

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره الأمريكي دونالد ترامب

بعد رد ساخر من متحدثة البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على سؤال صحفي حول القمة المرتقبة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، تنامت التساؤلات حول الأسباب الحقيقية لاختيار العاصمة المجرية بودابست كموقع لهذا اللقاء المنتظر.

وخلال تفاعل عبر إحدى منصات الاتصال الرسمية الخاصة بالبيت الأبيض، وجه مراسل موقع "هاف بوست" سؤالًا عن سبب اختيار بودابست لاستضافة القمة بين الرئيسين الأمريكي والروسي، لترد المتحدثة بعد دقائق بتعليق غير متوقع قالت فيه: "أمك هي من فعلت".

كما رد مدير الاتصالات في البيت الأبيض، ستيفن تشيونج، على استفسار الصحفي بالكلمة نفسها: "أمك".

الرد غير المعتاد من مسؤولين رسميين في البيت الأبيض أثار ردود فعل واسعة في وسائل الإعلام، لكنه فتح أيضًا باب التساؤل عن الدوافع وراء اختيار المجر تحديدًا لاستضافة هذا اللقاء الحساس.

سبب اختيار بودابست للقمة بين ترامب وبوتين

تكتسب بودابست رمزية خاصة في التاريخ المرتبط بأوكرانيا، إذ شهدت المدينة قبل نحو ثلاثين عامًا توقيع واحدة من أهم الاتفاقيات الأمنية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة.

في 5 ديسمبر 1994، اجتمع قادة الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا وأوكرانيا في العاصمة المجرية ووقعوا على "مذكرة بودابست"، التي قدمت ضمانات أمنية لكييف مقابل تخليها عن ترسانتها النووية الضخمة، والتي كانت ثالث أكبر ترسانة نووية في العالم.

موافقة أوكرانيا على التخلي عن الأسلحة النووية بموجب مذكرة بودابست

وساعد الدبلوماسي الأمريكي ستيفن بايفر، الذي شغل لاحقًا منصب سفير واشنطن لدى كييف، في التفاوض على المذكرة التي تعهدت فيها الدول الموقعة باحترام سيادة أوكرانيا واستقلالها وحدودها، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها ضدها، وفقًا لشبكة "فويس أوف أميركا".

غير أن هذه الضمانات تعرضت لانتقادات حادة بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، ثم شنها غزوًا شاملًا لأوكرانيا عام 2022.

ضم روسيا شبه جزيرة القرم

في فبراير 2014، سيطرت القوات الروسية على مواقع ومطارات استراتيجية داخل شبه جزيرة القرم الأوكرانية، في خطوة تم اعتبارها انتهاكًا لمذكرة بودابست التي كانت تضمن احترام سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، وفي البداية، نفت موسكو وجود قواتها هناك، لكن لاحقًا اعترفت بتورطها، مدعية أنها تتحرك في إطار اتفاقيات مع أوكرانيا، وفي مارس 2014، أعلنت روسيا رسميًا ضم القرم إلى أراضيها.

وأثار هذا الإجراء غضب أوكرانيا والدول الغربية، حيث رأت فيه انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي ولمذكرة بودابست.

وردًا على ذلك، قدمت الولايات المتحدة وبريطانيا مساعدات مالية وعسكرية لأوكرانيا، وفرضتا عقوبات اقتصادية على روسيا، بينما أدانت دول كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان الخطوة الروسية ووصفتها بأنها اعتداء على سيادة أوكرانيا، كما أرسل البرلمان الأوكراني رسالة رسمية إلى الدول الموقعة على المذكرة، طالب فيها بتحمل مسؤولياتها وضمان أمن أوكرانيا بعد هذا الانتهاك.

غزو روسيا لأوكرانيا عام 2022

في 19 فبراير 2022، وخلال مؤتمر ميونيخ للأمن، قال الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي إن بلاده حاولت منذ عام 2014 ثلاث مرات عقد مشاورات مع الدول الضامنة لمذكرة بودابست، وهي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، دون جدوى، مشيرًا إلى أن أوكرانيا ستسعى للمحاولة الرابعة، وأن فشلها مرة أخرى سيثبت أن المذكرة لم تعد فعّالة وأن اتفاق عام 1994 بات موضع شك.

واستخدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذه التصريحات لتبرير مزاعمه بأن أوكرانيا قد تسعى لتطوير أسلحة نووية، وهي مزاعم شكك فيها العديد من المراقبين، وبعد أسابيع من ذلك، انتهكت روسيا المذكرة مجددًا بشن غزو شامل لأوكرانيا في عام 2022، وهو ما وصفه الباحث ألدو زاميت بوردا في مجلة The Conversation بأنه "انتهاك أكثر خطورة يدفن فعليًا الضمانات التي نصت عليها مذكرة بودابست".

"نصب تذكاري لقصر النظر في صنع القرار الأمني"

وفي الذكرى الثلاثين لتوقيع المذكرة العام الماضي، أصدرت وزارة الخارجية الأوكرانية بيانًا وصفت فيه الاتفاق بأنه "نصب تذكاري لقصر النظر في صنع القرار الأمني".

وأكد وزير الخارجية الأوكراني، أندري سيبيا، من بروكسل أن الوثيقة فشلت في حماية أمن بلاده، مشيرًا إلى ضرورة التعلم من تلك التجربة خلال النقاشات الجارية حول مستقبل السلام في أوكرانيا.

قمة ترامب وبوتين المرتقبة في المجر

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن مؤخرًا عن احتمال عقد قمة جديدة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في بودابست، وفقًا لما نقلته “رويترز”.

المجر تضمن دخول بوتين وخروجه بسلام

وأكد وزير الخارجية المجري بيتر سيارتو، أن بلاده ستضمن دخول بوتين وخروجه من أراضيها للمشاركة في القمة، التي يجري التحضير لعقدها خلال الأسبوعين المقبلين.

وأوضح سيارتو أن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان أجرى محادثات هاتفية مع ترامب يوم الخميس ومع بوتين يوم الجمعة، مضيفًا أن "الاستعدادات تسير على قدم وساق".

يواجه بوتين مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية، التي تعمل المجر على الانسحاب منها، وتنفي موسكو ادعاءات المحكمة، وتصف مذكرة التوقيف بأنها دليل على عداء الغرب لروسيا.

تصريح خاص لعبور الأجواء الأوروبية

وقال إيان بيتشينيك، مدير الاتصالات في موقع "Flightradar24" لتتبع الرحلات الجوية، إن بوتين سيظل بحاجة إلى تصريح خاص لعبور الأجواء الأوروبية المحظورة على الطائرات الروسية منذ عام 2022، مرجحًا أن القرار سيتخذ إما على مستوى الاتحاد الأوروبي أو عبر استثناء وطني من المجر.

وأوضح بيتشينيك أن أقصر المسارات الجوية تمر فوق بولندا وسلوفاكيا، بينما يمكن لبوتين أن يسلك طريقًا أطول عبر البحر الأسود ورومانيا للوصول إلى بودابست.

اقرأ أيضًا:

رئيس وزراء بريطانيا يقترح اتفاق سلام أوكراني على غرار خطة ترامب في غزة

متحدثة البيت الأبيض ردًا علي أحد الصحفيين: “أمك هي من اختارت بودابست”

search