الكلمة مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها
في كل مرة يتحدث فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي عن قيمة الكلمة ومسؤوليتها، لا يتحدث من موقع السلطة فقط، بل من عمق التجربة الإنسانية التي تعرف أن الحروب قد تبدأ بكلمة، وأن السلام قد يولد من كلمة أيضًا.
في الندوة التثقيفية التي نظمتها القوات المسلحة احتفالًا بانتصارات أكتوبر، كرر الرئيس دعوته لأن نحترم الكلمة، وأن ندرك حجم تأثيرها في الوجدان والعقول، لأنها ليست مجرد صوتٍ عابر، بل رسالة تصنع واقعًا وتحدد مصيرًا.
الكلمة... تلك التي تبدو بسيطة في نطقها، لكنها كائن حيّ، يسري في الأرواح ويترك أثرًا لا يُمحى. بها نُبني الثقة أو نهدمها، نُشعل الأمل أو نطفئه، نُربي أجيالًا على الصدق أو نغرس فيهم الخوف والتشكيك.
لقد صدق من قال إن “الكلمة الطيبة صدقة”، فهي تُعيد للإنسان توازنه في زمنٍ صعب، تُداوي الجراح الخفية التي لا تراها العيون، وتزرع في القلوب قدرةً على النهوض من جديد. كم من كلمة صادقة أنقذت إنسانًا من اليأس، وكم من كلمة قاسية دفعت آخر إلى الانكسار!
الرئيس حين يؤكد في كل لقاء أن الكلمة أمانة ومسؤولية، يضع يده على جذر أزمتنا المعاصرة: إساءة استخدام الكلمة في زمن الفوضى الرقمية، وغياب الضمير عن كثير من المنابر التي تتاجر بالكلمة دون وعيٍ بعواقبها.
حين تكون صادقة، تبني الإنسان وتُرمم المجتمع وتدفع الوطن نحو الإصلاح والتماسك.
وحين تُستخدم في التزييف أو التحريض، تتحول إلى خنجرٍ يطعن الحقيقة ويُضعف الانتماء ويهدم ما تبنيه الأيادي المخلصة.
الكلمة ليست ملكًا لمن يقولها، بل هي عهدٌ مع من يسمعها. من هنا تأتي مسؤولية المفكرين والإعلاميين والمعلمين والآباء في أن يختاروا كلماتهم بوعيٍ يليق بمكانة الكلمة في بناء العقول والقلوب معًا.
فهي ترفع الروح المعنوية، تُحيي الأمل، وتُعيد للإنسان ثقته بنفسه.
وهي أيضًا قد تكون السمّ الذي يتسلل إلى النفس فيُضعفها، يُربكها، ويُطفئ نورها الداخلي.
كم من علاقة تهدمت بسبب كلمة، وكم من صلحٍ تمّ بكلمةٍ واحدة خرجت من قلبٍ نقيّ!
أما على مستوى المجتمع، فالكلمة الطيبة تصنع الالتحام والرحمة والتعاون، بينما الكلمة الخبيثة تزرع الفرقة والعداوة والانقسام. فالمجتمع الذي يتبادل أفراده الكلمات الطيبة مجتمعٌ يملك مناعة أخلاقية تحميه من الانهيار، أما حين تتحول الكلمات إلى سهامٍ تُطلق في وجه بعضنا البعض، فهنا تبدأ الأخلاق في التآكل، وتبدأ القيم في الانكسار.
لقد علمتنا التجارب أن الإعمار يبدأ من الكلمة، وأن الهدم يبدأ منها أيضًا.
فكلمة شكرٍ تبني جسرًا من المودة، وكلمة ظلمٍ قد تهدم أعوامًا من المحبة.
ولذلك قال الرئيس السيسي بوضوح: “الكلمة أمانة.. ومَن يتحدث دون وعي يُؤذي وطنه”.
إننا اليوم، ونحن نستعيد روح أكتوبر، أحوج ما نكون إلى كلمة تجمع لا تفرق، تبني لا تهدم، تصدق لا تُضلل.
لأن الكلمة الصادقة هي السلاح الأول في معركة الوعي، وهي حجر الأساس في بناء أمةٍ تعرف أن قوتها الحقيقية ليست فقط في سلاحها، بل في وعيها وكلمتها.
فلتكن كلماتنا امتدادًا لضميرٍ حيّ، يعلي شأن الحق والعدل والمحبة، وليكن احترام الكلمة ميثاقًا نلتزم به جميعًا... لأن الكلمة حين تُقال بصدقٍ، يمكن أن تُغير مصير وطن
الأكثر قراءة
-
"كنت فاكر إني مغطيها"، البلوجر محمد عبدالعاطي يكشف مفاجآت أمام جهات التحقيق (خاص)
-
حميدتي يهدد مصر، ماذا حدث في "الفاشر" وكيف سقطت في يد "الدعم السريع"؟
-
الطريق إلى النموذج المغربي (2-2)
-
استغاثة على ضفاف الموت، أهالي الغنايمة يعانون الأمرين للوصول إلى المدرسة والمسجد
-
"نصف الدين" في خطر، "شبكة العروسة" تحرم المقبلين على الزواج من فرحة الذهب
-
في اليوم العالمي للرسوم المتحركة، اعرف أنت مين من شخصيات الكارتون
-
منح تأشيرات مجانية للمصريين في المغرب لحضور مباريات كأس أمم أفريقيا
-
مشاهدة مباراة النصر والاتحاد في بطولة كأس خادم الحرمين الشريفين 2025
مقالات ذات صلة
"أتلف سيارة مهندس"، حجز دعوى الفنان أحمد صلاح حسني للنطق بالحكم
29 أكتوبر 2025 12:59 م
"كنا فاكرينهم متجوزين"، ماذا سمع جار المتهم بقضية سيدة الهرم وصغارها الثلاثة ليلة الجريمة؟
28 أكتوبر 2025 06:55 م
إحالة طعن مرتضى منصور لوقف قرار سحب أرض الزمالك إلى هيئة المفوضين
28 أكتوبر 2025 11:07 ص
"ابنته"، الداخلية تكشف حقيقة منشور محاولة خطف فتاة بأكتوبر
28 أكتوبر 2025 01:31 ص
أكثر الكلمات انتشاراً