الإثنين، 03 نوفمبر 2025

12:17 ص

الافتتاح الكبير.. وخطة العمل المنتظرة

انتهى حفل الافتتاح، لكن لم ينتهِ بعد العمل الحقيقي المنتظر، فالدولة المصرية لم تبخل يومًا في تحويل الأحلام إلى واقع، رغم ما واجهته من صعوبات اقتصادية وتحديات أمنية وإقليمية جسيمة.

فبينما كانت تقتلع جذور الإرهاب من سيناء ومن داخلها، كانت في الوقت نفسه تبني وتطوّر، وتُعظّم من قدرات جيشها، وتسابق الزمن لإنشاء أكبر شبكة طرق في تاريخها تربط كل أرجاء الوطن ببعضها البعض.

وخلال احتفالية السلام في ذكرى انتصارات أكتوبر، قال الرئيس جملة عميقة المعنى: "إحنا ربطنا سيناء... للي مش واخد باله".

وربما لا يدرك كثيرون أن هناك اليوم ستة أنفاق عملاقة أسفل قناة السويس، تربط شبه جزيرة سيناء بالدلتا، لتفتح طريق التنمية الحقيقي نحو الشرق.

"وللي مش واخد باله" أيضًا، فإننا نُذكّر بأن الدولة المصرية واجهت منذ أحداث يناير أحد أعنف الهجمات على كيانها ومؤسساتها، في وقت كانت تسعى فيه لإعادة تسليح جيشها وبناء مشروعات قومية كبرى بمليارات الجنيهات، رغم الانهيار الاقتصادي آنذاك.

لم تتوقف مصر، ولم تركع، رغم الإرهاب في الداخل وسيناء، ورغم مواقف دول إقليمية أعلنت عداءها صراحة. فباءت كل محاولات إسقاطها بالفشل.

واليوم، وبعد أن عبرت مصر تلك المراحل الحرجة، تمضي بثبات نحو المستقبل، تصنع السلام بيد، وتبني بالأخرى. باتت تلعب على المكشوف، تُعلن عن معاناتها الاقتصادية بصراحة، لكنها تثبت في الوقت ذاته أنها لم تكن يومًا تفتقد البصيرة أو الذكاء الاستراتيجي.

لقد شكرت الدولة المصرية من وقفوا بجانبها من الأشقاء العرب بالاسم، وأعلنت وفاءها وامتنانها، لكنها أكدت في الوقت ذاته أنها دولة ذات سيادة وكرامة، تمضي في طريقها وفق حسابات مستقلة ومصالح وطنية خالصة، حتى وإن تعارضت مع مصالح قوى إقليمية أخرى.

الالتفاف حول الدولة المصرية الآن فرض عين، فعبور هذه المرحلة الدقيقة هو مفتاح الخروج من عنق الزجاجة. لقد تجاوزنا الأصعب من قبل، وسنتجاوزه من جديد بالعمل والإيمان والإرادة.

إن استثمار ما تحقق على الأرض يحتاج اليوم إلى خطة عمل واضحة ومحددة الأهداف، تُركّز على تحقيق الاكتفاء الذاتي وزيادة الدخل وخلق فرص العمل، بما يخفف الأعباء عن المواطن المصري.

إن افتتاح المتحف المصري الكبير يمكن أن يكون نموذجًا يُحتذى به لانطلاق نهضة حقيقية، فهو مشروع سياحي عالمي فريد من نوعه، يجب أن نُحسن استغلال الزخم الذي ولّده هذا الحدث التاريخي، وأن نبدأ فورًا في تنفيذ خطة تضمن تعظيم عوائده الاقتصادية والثقافية.

فالسؤال الأهم الآن: ماذا بعد الافتتاح؟

إنه سؤال لا تُجيب عليه الشعارات، بل الأفعال، بخطة عمل طموحة تقاس بنتائجها ومردودها على حياة المصريين.

search