الخميس، 13 نوفمبر 2025

10:30 ص

"صوت العقل في المنطقة"، واشنطن بوست: مصر تستعيد نفوذها في الشرق الأوسط

لقاء الرئيس السيسي مع ترامب في قمة شرم الشيخ الشهر الماضي

لقاء الرئيس السيسي مع ترامب في قمة شرم الشيخ الشهر الماضي

أكدت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، إن مصر لعبت دورًا محوريًا في تأمين هدنة في غزة، وتعمل على ضمان استمرارها، مؤكدة أن هذه الأزمة منحت مصر فرصة لإعادة تأكيد دورها في الدبلوماسية بالشرق الأوسط، فضلا عن قيامها بأدوار أخرى في السودان ولبنان.

مصر تستعيد دورها بالشرق الأوسط 

وذكرت الصحيفة الأمريكية، في تقريرها السبت، إن مصر الآن تعيش لحظة دبلوماسية مهمة، بعد سنوات من تراجع نجمها، فمن خلال استضافتها للمفاوضات الشهر الماضي في منتجع شرم الشيخ، والتي أسفرت في نهاية المطاف عن وقف إطلاق النار في حرب غزة، أكدت مصر أنها لا تزال تتمتع بنفوذ كبير في الشرق الأوسط.

وقال محللون ومسؤولون حاليون وسابقون إن قرب مصر الجغرافي من إسرائيل وغزة، وعلاقاتها المتينة على مدى عقود مع أطراف رئيسية على جانبي الصراع، واختراقها الاستخباراتي لقطاع غزة، جعلها عنصرًا أساسيًا في السعي لتحقيق سلام دائم.

وعندما بدا أن وقف إطلاق النار الناشئ في خطر، توجه رئيس المخابرات حسن رشاد، الذي قاد فريق التفاوض المصري، بزيارة نادرة إلى إسرائيل للقاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

فيما قالت منى يعقوبيان، مديرة برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، إن قمة شرم الشيخ كانت "نصرًا كبيرًا لمصر".

بينما صرح وزير الخارجية الأسبق، نبيل فهمي، الذي كتب تاريخ الدبلوماسية المصرية، إن مصر كانت من الخمسينيات وحتى السبعينيات الزعيم بلا منازع للعالم العربي، وكانت القاهرة عاصمته الثقافية والسياسية.

ومن جانبه، أكد المسؤول السابق في المخابرات المصرية، محمد إبراهيم الدويري: "لدينا علاقات قوية مع السلطة الفلسطينية وإسرائيل وجميع الفصائل الفلسطينية، بالإضافة إلى الولايات المتحدة والدول الأوروبية، لا يوجد بلد آخر يتمتع بهذه العلاقات".

ويشدد المحللون على أن المشاكل الاقتصادية المستمرة منذ فترة طويلة في مصر، أعاقت نفوذ البلاد الإقليمي.

وقد ساعد القلق من أن الصراع في غزة وتداعياته الاقتصادية قد يؤدي إلى زعزعة استقرار مصر، في تأمين مليارات الدولارات من القروض والاستثمارات من المؤسسات المالية الدولية ودول الخليج والاتحاد الأوروبي.

وذكرت “واشنطن بوست” إنه على غرار أسلافه، يُصرّ الرئيس عبدالفتاح السيسي على أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل، هو الحل الوحيد الممكن للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وقد قاوم اقتراح ترامب في فبراير بتحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" بإدارة أمريكية، مع تهجير الفلسطينيين من القطاع.

وبدلاً من ذلك، حشدت مصر الدعم العربي لخطة بديلة لغزة، وأقنعت المسؤولين الأمريكيين في نهاية المطاف بمزاياها.

ووفقًا للصحيفة الأمريكية، تُشبه خطة السلام، المكونة من عشرين نقطة، والتي أعلنها ترامب الشهر الماضي، الخطة المصرية في بعض جوانبها الرئيسية، بما في ذلك دعوتها إلى تشكيل لجنة من التكنوقراط الفلسطينيين لإدارة غزة مؤقتًا، وتدريب قوات شرطة فلسطينية من قِبل مصر والأردن، ونشر قوة دولية لتحقيق الاستقرار في القطاع، إلا أن الخطة المصرية لم تتضمن اقتراح ترامب بتشكيل "مجلس سلام" يرأسه للإشراف على إدارة القطاع.

وقال الباحث المقيم الأول في معهد دول الخليج العربية بواشنطن، حسين إبيش: "مصر تُحقق هدفها في غزة"، مضيفًا أنه إذا نجحت العملية التي بدأت في شرم الشيخ في إنهاء الحرب، "ستكون مصر قد برزت كدولة لا غنى عنها".

ووفقًا لمسؤولين ومحللين عرب حاليين وسابقين، فإن مصر تتمتع بعلاقة أكثر برودة مع حماس، إلا أنها استثمرت بكثافة في تطوير اختراق استخباراتي عميق داخل غزة، وأقامت حوارًا متواصلًا مع مقاتلي حماس ومسؤوليها هناك، 

وقال إيبش إن اتصالات مصر مع مقاتلي غزة بالغة الأهمية، لضمان ترجمة أي اتفاق على الورق إلى واقع ملموس، ففي الأيام الأولى لوقف إطلاق النار، على سبيل المثال، تمكنت القاهرة من إقناع مقاتلي حماس بالتوقف عن إعدام منافسيهم في غزة، وفقًا لخالد عكاشة، المستشار المصري الذي قدّم المشورة للوفدين الفلسطيني والمصري في محادثات شرم الشيخ.

وقال وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، إنه تحدث مع مسؤولين كبار من الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أوروبية وعربية وإسلامية في الأسابيع الأخيرة، لبحث كيفية تشكيل قوة استقرار دولية في غزة ومجلس السلام.

وأضاف عبدالعاطي: "يتوجب علينا أن نعمل على جميع القضايا على مسارات متوازية وفي آنٍ واحد. ليس لدينا رفاهية الانتظار".

وقال عبدالعاطي إن مصر تسعى جاهدةً لضمان أن تكون أي ترتيبات انتقالية في غزة مؤقتة، وأن تسمح في نهاية المطاف للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية بتولي زمام الأمور، كخطوة نحو إقامة الدولة الفلسطينية، ولتحقيق هذا الهدف، دعت مصر أيضًا إلى عقد محادثات بين الفصائل الفلسطينية في القاهرة.

ومن المتوقع أن تلعب مصر دورًا محوريًا في إعادة إعمار غزة، حيث قال عبدالعاطي إنه يعمل مع مسؤولين أمريكيين لتنظيم مؤتمر رفيع المستوى لإعادة الإعمار سيعقد في مصر في الأسابيع المقبلة.

أزمة السودان 

في غضون ذلك، تسعى مصر أيضًا إلى لعب دور في تهدئة صراعات إقليمية أخرى، وصرح المستشار الأمريكي الكبير للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، بأنها "لاعب أساسي للغاية" في السودان المجاور، حيث يسعى المسؤولون المصريون إلى التوسط لوقف إطلاق النار في حرب أهلية ضارية.

وقال بولس: "إنهم في وسط كل هذه الصراعات، ومن الواضح أننا نعمل معهم في كل هذا"، واصفا مصر بأنها "شريك جيد".

التهدئة في لبنان 

وتدخلت مصر مؤخرًا في جهود منع انهيار الهدنة الهشة بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، فأرسلت رشاد، رئيس المخابرات، إلى بيروت للقاء كبار المسؤولين الأسبوع الماضي.

وتُحافظ مصر على اتصالات سرية مع حزب الله، وفقًا لمسؤول مصري سابق مطلع على هذه الترتيبات، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة محادثات حساسة.

وقال المحلل السياسي والمتحدث السابق باسم الحكومة اللبنانية، منير ربيع: "ترغب مصر في الاضطلاع بدور أوسع وأكثر فعالية، في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة"، وأضاف أن مقترح القاهرة بشأن لبنان يعكس بالفعل الخبرة المكتسبة من غزة.

اقرأ أيضًا..

أستاذ علوم سياسية: تنسيق مصري مع روسيا وأوروبا حول غزة والسودان

تحت الأرض، فلسطينيون يعيشون في ظلام لا ينتهي داخل سجون إسرائيلية

search