الأربعاء، 10 ديسمبر 2025

07:35 م

بالشوارع وخلف الشاشات، الفن والأدب في مواجهة العنف الإلكتروني ضد المرأة

جانب من الفعالية

جانب من الفعالية

في إطار حملة الـ16 يومًا من الأنشطة لمناهضة العنف ضد المرأة، عقدت لجنة الفنون والثقافة التابعة للمجلس القومي للمرأة ندوة بعنوان “العنف الإلكتروني ضد المرأة ومهارات النجاة – جروح بلا ندبات”،  حضور المستشارة أمل عمار، رئيسة المجلس، والدكتورة إيناس عبد الدايم، العضوة بالمجلس ومقررة اللجنة ووزيرة الثقافة السابقة، بالإضافة إلى الدكتور رضا حجازي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني السابق. 

كما حضر الفعالية عدد من عضوات وأعضاء اللجنة، إلى جانب مجموعة من الطالبات والطلاب من جامعات عين شمس وحلوان والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري.

جانب من الحضور

حملة لمناهضة العنف ضد المرأة

في كلمتها، أوضحت المستشارة أمل عمار أن هذه الحملة العالمية لا تقتصر على كونها نشاطًا توعويًا فقط، بل تأتي كفرصة سنوية لتجديد العهد بحماية كل امرأة وفتاة من أي نوع من أنواع العنف، خاصة العنف الإلكتروني الذي أصبح يشكل واحدًا من أبرز التحديات في العصر الحالي.

وأشارت إلى أن العنف الإلكتروني لا يقتصر فقط على الإساءات اللفظية أو التنمّر أو انتهاكات الخصوصية، بل يمتد تأثيره ليؤثر سلبًا على الحالة النفسية للمرأة، ويطال أسرتها وبيئتها الاجتماعية، مما يزعزع إحساسها بالأمان في العالم الرقمي.

كما أكدت أن الدولة، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تولي أهمية كبيرة لقضايا حماية وتمكين المرأة، بما في ذلك التصدي للعنف الإلكتروني. 

وأوضحت أن الفنون والثقافة ليست مجرد رفاهية، بل تمثل قوة ناعمة ذات تأثير عميق في تشكيل الوعي المجتمعي، والتصدي لخطابات الكراهية، والتحرش، والتنمر الرقمي، ويتجلى ذلك من خلال تأثيرها الواسع الذي يمتد عبر السينما والمسرح والموسيقى والأدب والفنون البصرية.

الفنانة سلوى محمد علي

وعبرت المستشارة أمل عمار عن فرحتها الكبيرة بالمشاركة مع نخبة بارزة من المبدعات والرموز الثقافية، مشددة على أن حضورهن يمثل رسالة دعم قوية تسهم في تعزيز دور الثقافة والفن في حماية الفتيات وزيادة وعي المجتمع حول مخاطر الفضاء الإلكتروني.

وشددت على ضرورة تأسيس شراكات متكاملة تضم المؤسسات الثقافية والفنية، والجامعات، ووسائل الإعلام، ومنصات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى الأسرة والمدرسة، للتصدي لهذا الشكل من العنف.

تكريم الفنانة صفاء الطوخي

واختتمت المستشارة حديثها بالتعبير عن الامتنان لكل فنانة ومثقفة ومبدعة أسهمت في تحويل فنها إلى صوت يعبر عن المرأة، وجعلت من ثقافتها وسيلة للدعم والحماية، مؤكدة، باسم المجلس القومي للمرأة، التزامها المستمر بمواصلة السعي لحماية نساء مصر وفتياتها، سواء على أرض الواقع أو في العالم الرقمي، لضمان تمتع كل امرأة بالأمان والكرامة والاحترام.

جانب من الحضور

الندوة التي أدارتها مها شهبة - عضو لجنة الثقافة والفنون بالمجلس - تضمنت جلسات نقاش وورش عمل تفاعلية.. بدأت بمقدمة تعريفية جاء فيها: ”هناك جروحٌ لا تُرى… لا تترك ندبةً على الجلد، لكن يبقي أثرها في الروح وتغيّر إيقاع الحياة من الداخل.
ضغطةُ زر قد تشوه سمعةً، وتفتح على فتاةٍ باب محكمةٍ بلا قضاة. أو حتى تنهي حياة… لهذا نحن هنا. كل عشر دقائق تُقتَل امرأةٌ على يد شريكٍ أو فردٍ من الأسرة على مستوى العالم.. هذه هي خلفية المشهد للعنف ضد المرأة عموما. 

 ثم جاءت الشاشات، فأضافت طبقةً من عنف غير مرئي ..تُضاعِف نفسه وتُقاوم المحو .. صار الأذى أسرعَ من الاعتذار وأبطأَ من النسيان. 

في استطلاع أممي أخير شمل 31 بلدًا، قالت 58٪ من الفتيات إنهنّ تعرّضن لتحرّشٍ إلكتروني وكأن الطريق العام انتقل إلى الجيب الخلفي الذي يسكنه الهاتف المحمول. ونحن هنا اليوم لا نحصي الجراح؛ وإنما لسهم في صنع مسارات للنجاة".

مكافحة العنف الإلكتروني

ولأن الأدب والفن يملكان ما لا يملكه غيرهما؛ وهي القدرة على تحويل الجرح إلى معنى، والخوف إلى لغة مفهومة، 
شهدت الفعالية جلسة حوارية تناولت دور الأدب والسينما والدراما في مكافحة العنف الإلكتروني، أدارتها الدكتورة جهاد محمود عواض أستاذ الأدب المقارن والنقد الأدبى الحديث المساعد بكلية الألسن جامعة عين شمس ، وعضوة اللجنة . 

وشاركت فيها الدكتورة ميرفت أبو عوف، عميدة كلية الفنون البصرية و الإبداع بجامعة إسلسكا، والفنانة وفاء الحكيم، والدكتورة ثناء هاشم الأستاذة بالمعهد العالي للسينما والروائية والكاتبة المصرية الأستاذة هالة البدرى التى تناولت دور الأدب فى توثيق ومقاومة العنف ضد المرأة بين الأدب المصرى والأدب العربي.

جانب من الحضور

وتناولت الدكتورة جهاد محمود عواض فى كلمتها عرضا متمثلا فى مقارنة بين كاتبة مصرية وكاتبة صربية وتناولهما للعنف ضد المرأة مؤكدة أن ثقافة العنف لا تقتصر على ثقافة بعينها وإنما منتشرة فى كل الثقافات حتى الثقافة الصربية وفرقت بيت مصطلح " المجتمع“ و”الدولة".

التعليم والذكاء الاصطناعي

أكدت الدكتورة ميرفت أبو عوف ضرورة إدماج الوعي الأكاديمي بمخاطر الذكاء الاصطناعي - والذي قذ يوظف في العنف الإليكتروني - في التعليم منذ المراحل المبكرة، مشيرة إلى أن التكنولوجيا الحديثة تنطوي على مخاطر حقيقية تستدعي استعدادًا أكاديميًا وإعلاميًا وأسريًا متكاملًا لمواكبة سرعة التطور التقني.

جانب من الحضور

الدراما ودورها المجتمعي

وتناولـت الفنانة وفاء الحكيم في كلمتها الدور المحوري للدراما باعتبارها فنًا مرئيًا يعكس الواقع ويؤثر فيه، مشيرة إلى أن المجتمع يشهد حالة من الازدواجية الثقافية رغم ما تحققه الدولة من تقدم وإنجازات.
وأكدت أن تعزيز ثقافة احترام الاختلاف ضرورة لحماية فئات ذوي الهمم من العنف والتنمر، داعية إلى إعادة المجتمع إلى قيم تقبّل التنوع والاختلاف.

الفن عبر التاريخ

واستعرضت الدكتورة ثناء هاشم تأثير الفن عبر التاريخ، موضحة أن الفن يؤثر على المجتمع بالتراكم، وأن السينما المصرية شهدت ريادة نسائية منذ بداياتها. وأكدت أن التحديات الحالية تتطلب أعمالًا فنية تُصنع بحب وإيمان بدور الفن الوطني، خاصة في ظل قوة العادات والتقاليد.

مجانب من الندوة

تكريم رائدات الفن

جاءت فقرة التكريم لتحتفي برائدتين أسهمتا في تشكيل وتغيير وعي المجتمع بقضايا المرأة؛ الكاتبة الصحفية الكبيرة سناء البيسي صاحبة مشروع مهني متكامل، لا مجرد قلم لامع وريشة زاهية، والتي تنتمي إلى الجيل الذهبي، وهي مؤسسة مجلة “نِصف الدنيا” عام 1990 التي صنعت تحولا فارقا في مفهوم مجلة المرأة لتجعلها لكل الدنيا.. صحافة مجتمعية مؤثرة بمعيار لغوي رفيع وذائقة راقية.

وصاحبة الحضور المبدع في “الأهرام” بمقالات ترسم المجتمع بتفاصيله الدقيقة، وتكشف ما تحت السطح، فتُحدث تغييرًا عميقًا هادئًا. وكاتبة مسلسل “حكايات هو وهي” عام (1985)؛ العمل الذي أعاد تعريف الحوار بين “هو” و“هي” على الشاشة بجدية وأناقة، وفتح بابًا لنقد العلاقة بوعي فني وأخلاقي.. نحتاجه اليوم كثيرا، وفي إطار التكريم وصفتها المستشارة أمل عمار بأنها “ذاكرة الصحافة المصرية في بيت المرأة المصرية”.

 كما تم تكريم اسم الكاتبة الكبيرة الراحلة فتحية العسال، توثيقا لفضلٍ مهني، وتأكيدا على بوصلةٍ واضحة: أن تبقى الدراما وعدًا بالعدل، وأن تبقى النساء مرئياتٍ في النصّ وفي الحياة.. في قلب السرد .. لا على الهامش.

وتسلمت درع التكريم  من المستشارة أمل عمار، الفنانة صفاء الطوخي، ابنة الكاتبة الراحلة، تقديرًا لتجربة شخصية مهمة لامرأة خرجت من الحرمان من التعليم إلى صناعة المعنى، ومن بيت يُغلق الأبواب إلى مسرح يفتح المجتمع كله على ضوء الأسئلة، وتجربة درامية ثرية كسرت الصور النمطية وقدمت أعمالًا مؤثرة مثل مسلسل “هي والمستحيل”.

دائرة الحكي: كيف نفذنَ من الحائط الشفاف

اقتربت الفعالية من تجربة لا تُرى بسهولة: حواجز شفّافة لا تكتبها اللوائح، ترسمها الأعراف. تُحدِّد أين تقف المبدعة، وأيّ سقفٍ تراه حين ترفع رأسها. تسميات كثيرة ظهرت في النقد الحديث—من «السقف الزجاجي» إلى «الحائط الشفّاف»—لكن ما يهم هنا هو ما فعلته النساء حين اصطدمن به: بحثن عن شقٍّ رفيع للعبور، وسرن نحوه بإصرار، خطوةً خطوة، حتى اتّسع الممر.

تجربة دائرة الحكي بعنوان «كيف نفذن من الحائط الشفاف» شاركت فيها الدكتورة رشا عبد المنعم، والفنانة سلوى محمد علي، والمخرجة عبير لطفي، والمخرجة عبير علي مديرة مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة، والفنانة وفاء الحكيم.

استعرضت عدد من المبدعات خلال الدائرة تجاربهن وتحدياتهن ورؤيتهن لقضايا الفن والعنف ضد المرأة.
 

وأكدت الكاتبة رشا عبد المنعم أن مهرجان إيزيس يسلّط الضوء على منجزات المبدعات، مشددة على أن العنف ضد المرأة قضية معقدة ذات أسباب متداخلة، تتطلب تكاتف المجتمع المدني والدولة، إلى جانب تعزيز الوعي وإحياء روح الفن والجمال للارتقاء بالإنسان والابتعاد عن مظاهر القسوة.

وتحدثت المخرجة عبير علي عن تجربتها الفنية، مشيرة إلى تأسيسها فرقة مستقلة تهتم بإعادة قراءة التاريخ غير المدوّن، وتغيير الصورة الذهنية للتاريخ الاجتماعي عبر الحكايات. 

وأوضحت أن التضييق في المساحات الثقافية والتعليمية يُضاعف من التحديات أمام المبدعات، لافتة إلى محدودية القيادات النسائية في المؤسسات الثقافية عالميًا، ومؤكدة أن “الحرية لا تُمنح بل تُنتزع بالجدارة والتميز”، وأن الاستثمار في تدريب الشباب بالمحافظات كان أحد أنجح مشروعاتها.

الحوار الهادئ وبناء الثقة

وفي كلمتها، عبّرت المخرجة والممثلة عبير لطفي، مؤسسة ورئيسة مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة، عن انزعاجها من استمرار مناقشة قضايا العنف ضد المرأة حتى عام 2026، موضحة أن شغفها بالإخراج وتدريب الشباب كان دافعًا رئيسيًا في رحلتها الفنية، ومؤكدة أن فكرة المهرجان انطلقت من ضرورة وجود منصة مسرحية تُبرز إسهامات المرأة. 

وأشارت إلى أن التحدي المالي كان الأبرز في بداية عمل المهرجان، بالإضافة إلى تحديات جائحة كورونا، معربة عن تقديرها لدعم أسرتها وزوجها لمسيرتها.

كما تطرقت الكاتبة رشا عبد المنعم إلى تجربتها الشخصية داخل أسرتها، وسعيها لإقناع والدها بقدرتها على أن تصبح كاتبة مسرح، مؤكدة أن الحوار الهادئ وبناء الثقة كان لهما دور في تغيير الصورة الذهنية.

وحول إبداعات المرأة في المسرح، تحدّثت الفنانة سلوى محمد علي عن حضور المرأة الراسخ في المسرح المصري، مؤكدة أن هناك أعمالًا مسرحية عظيمة جسدت قضايا المرأة بعمق، وأن المرأة – مؤلفة ومخرجة وممثلة – أثبتت حضورًا قويًا، وأن طبيعة المرأة الثرية بالحساسية والجمال تجعلها أكثر قدرة على الإبداع، مشيرة إلى أن المسرح الأوروبي يرى أن المرأة المصرية على الخشبة أقوى من الرجل لاضطرارها إلى التعبير «بحيلة وذكاء» في مختلف أدوارها في الحياة، خصوصا كزوجة.

ورشة التعافي بالكتابة

ثم انتقلت الفعالية من الكلام إلى الفعل، حيث قدمت الكاتبة  الصحفية أمل فوزي ورشة  عن «التعافي بالكتابة التعبيرية»، كتابةٌ تُرتِّب الداخل وتمنح الجرح لغةً تمشي إلى الأمام، والتي أكدت أنها ليست رفاهية، بل ضرورة للتنفيس عن المشاعر وتعزيز التعافي النفسي، موضحة شروطها وأساليبها. وقدمت تدريبا عمليا للحاضرات من الفتيات والشباب على كيفية ممارستها للتعافي من الصدمات التي قد تنتج عن العنف.

وفي مداخلة لـ الدكتور اللواء محمد رضا الفقي – رئيس قسم الطب النفسي والأعصاب بالأكاديمية الطبية العسكرية – عبرعن سعادته بتواجده بالمجلس القومي للمرأة وتحدث عن التنمر والعنف الالكتروني ضد المرأة وتناول قضية التعافي بالكتابة بشكل منهجي وعلمي.

وفي الختام، وجّهت الفنانات المشاركات الشكر للدكتورة إيناس عبد الدايم لدعمها الثقافة المصرية ولدورها في "اختراق الحائط الشفاف" وتقديم نموذج لوزارة ثقافة منفتحة ومتحررة.

اقرأ أيضًا: 

"سنجل ماذر فاذر".. الكشف عن البرومو الرسمي قبل العرض في 21 ديسمبر الجاري

أبطال وصنّاع مسلسل "وننسى اللي كان" يحتفلون بعيد ميلاد كريم فهمي

يعرض حاليًا، أحمد عزمي يحتفي بانضمامه لمسلسل ميد تيرم

تابعونا على

search