عفوية عمر كمال.. الشهادة وأشياء أخرى لا تشترى!

لم أستطع تخطي لقاء عمر كمال في أحد البرامج، الشاب الإسماعلاوي الذي لم يسعفه حظه من استكمال تعليمه، موت ابوه المبكر جعله في مكانه  الكبير الذي تحمل المسؤوليه كرجل رغم سنه الصغير.
استطاع عمر كشف أوجه كثيره للمجتمع بشياكه، ببساطه و صدق و براعه حواريه، حول الهجوم علي نجاحه الي نقطه تصالح مع نفسه و اشكالياته المجتمعية بمنتهي الحجه و الإقناع، اتهمه البعض بانه يقلد محمد فؤاد. رغم ان الصوت لا يمكن التلاعب به.. وصوته فعلا يشبه له، فحول غناءه لاغاني المهرجانات.. مضمونه النجاح و الانتشار السريع  و بالفعل نجح و انتشر و زاد صيطه و لكن لم يقل اصله ولم يتنصل حقيقته و لم يتجمل خلف شهرته و أمواله الضخمه التي حققها من موهبه لا يمكن فيها المجامله أو الواسطه. 
وصل الي القاهره بعشر جنيهات..اشتغل بمطعم أجرته كانت بياته في المحل وله وجبتين ساندوتشين فول و طعميه، لم يعترض و لم يكن ناقما ولا حاقدا، لم يسرق ولا يتحرش ولا يزور او ينصب، لم يتسول او يفعل شيء يدينه قانونيا. كل ما فعله انه دخل مجال ( مزعج )  الفن... لا حياه بدون الفن ولا مجتمع راقي بدون فنانين، ورغم ان مصر ولاده بعمالقه الفن في كل المجاملات الا ان الفاتوره مكلفه و مؤلمه، مازال التراث الشعبي المصري المليء بالفن  مليء بالفكر المشوه والصوره الذهنيه البغيضه. عن هذا المجال .. يحاكم الموهوبين علي نجاحهم. ولا أعلم لماذا يتم المقارنه في التحقق و الحقوق بينهم و بين مجالات اخري، 
عمر الذي لم يكمل تعليمه تحدث بهدوء الاساتذه وهو يقول انا لست مهما و يمكن الاستغناء عني، لماذا يعاتبني و يهاجمني المجتمع. بأني مشهور و تحققت ماديا  و لكن الأطباء و المهندسين لم يأخذوا حقوقهم مثلي، انا لم اقبض من الدوله ولا الحكومه بتدفعلي فلوس، أنا فلوسي من الناس. لي سعر والناس بتسمعني و تدفع...
هاجم من هاجموه بالادب معاتبا المجتمع كله، انه عندما كان فقيرا لا يجد قوت يومه كان راضيا مكافحا في صمت طموحا لا يهدأ حتي يصل لاحلاما مشروعه، قال ان كل المهن افضل منه و ان للطبيب و الظابط و المهندس حقوق. عليهم الحصول عليها لكن هو ليس المسؤول كما يتهمه المجتمع.
عمر الغير متعلم فتح مدارك المشاهد علي أوجه التقصير الاعلامي الذي يركز علي المشاهير ولا ينتبه للعلماء و المتعلمين الذين افنوا حياتهم في الدراسه و الاجتهاد  في مهن صعبه كان يجب ان تحقق لهم عائدا ماديا و ادبيا  يحميهم من مقارنه غير مجديه.

عمر بمنتهي العفويه عرفنا ان الجاهل مش اللي ماخدتش شهاده... الجاهل اللي مش عارف مفروض يعاتب مين فعلا ؟؟؟ اللي بدل ما يشوف حقوقه بعد تعبه و مذاكرته و نضاله علشان يتحقق اجتماعيا و يرضي غروره في الوجاهه الاجتماعيه اللي فرضها المجتمع  كصك لقبوله اجتماعيا. ...نصب نفسه جلاد يشوط اي انسان طموح يتحقق في اي شيء بيحبه و بيعرف يعمله...
عمر بيشتغل في الفن.. اللي هو المجال اللي شال لوحده السمعه و السيره السيئه و المحاسبه الاجتماعيه و الدينيه… دي المهنه اللي ممكن الاستغناء عنها ( رغم ان ده مش حقيقي )  دي المهنه اللي كلها عزف و رقص و غنا و فجور...
دي مهنه الغير متحققين الفشله اللي مش لاقيين شغل ولا المجتمع مقدرهم ..ولا مفروض يحسوا انهم ناس محترمين  لأنهم ماتعبوش زي الدكتور و المهندس و هم مراكز زي القاضي وابن وكيل النيابه و الظابط ..

مهنه ممكن ترفعك لفوق من غير ما يكون لك فيها ضهر ولا واسطه... ف انت هتقارن نفسك بمين...
لا جبت مجموع ولا ابن ناس ولا جاي بواسطه ولا لك ضهر ولا انت اي شيء ...

ايه يعني موهوب وصوتك حلو و جاي من القاع و بقيت شيء... هانفضل نتهمك انك اخدت حق مش حقك ..و نلعنك لان المزيكا اصلا حرام.. وفلوسك من جيبنا يا حرامي...
عمر قال ان فلوسهم مش من الحكومه ولا الدوله  دي فلوس الناس اللي اختارت تروح تسمعه و تشوفه و تطلبه في افراحهم،  ماخدش فلوس من حد مش من حقه.....
كان ممكن عمر يفضل شغال في محل جزم و هايفضل راضي برزقه ...لكن موهبته اهلته يبقي نجم له سعر والبرامج بتروح تسجل معاه...

لو عايز تعتب اعتب عالاعلام اللي بيستسهل يشوف الترند و يجري عليه ...نماذج. كتير في الحياه اطباء و علماء و شرفاء كتير في المجتمع  لازم  يتشافوا  و الاعلام يخليهم في الصداره..دا مش ذنب شخص ...
دا ذنب إعلام موجه ، مش عامل توازن حقيقي في رسالته الاعلاميه...
كل افراد المجتمع مهمين. حتي الزبال مهم و يستحق يبان و نحترمه و ياخد كل حقوقه من اول مرتب يكفيه لحد احترام كل الناس و تقديرهم....
عمر قالك بتسألني تحط شهادتك فين...
حطها في الدرج او علقها فوق دماغك وانت قاعد ..اعمل بيها اللي انت عايزه ..انا ماليش ذنب اني نجحت و ماخدتش من حد حاجه ولا حقدت علي حد. ...
و ذكر ان كل المعروفين في العالم هم مشاهير الكوره او المطربين او او او.   و دا مش ذنبهم ان الأضواء عليهم...
اللي يعتب عليه هو الإعلام و الصحافه...
و كمان يعتب علي الجهات اللي خسفت بالقيم كلها الارض ..
انا مش بشوف دكتور الا و الاقيه محبط و حاسس بالعجز و عدم التقدير ..
و كذلك كل النابهين اللي تعبوا و درسوا و اتصرف عليهم فعلا ....
حرام للي تعب و ذاكر و نجح يحس انه قليل  في مجتمعه. 
و حرام اللي ماخدتش شهاده و نجح في مجال تاني. يحس باللوم  و تسديد فاتوره مش بتاعته ..فقط لانه نجح في بلد فاشله في الاداره و الاعلام ....
حديث جميل يا عمر ...أكد انك بسيط و لكن كبير.