بعث جديد للحياة.. طقوس احتفال المصري القديم بشم النسيم

لوحة جدارية للمصريين القدماء
جهاد سداح
تعددت الأعياد والمناسبات في مصر القديمة، حيث تختلف طقوس كل عيد عن الآخر، ومنها ما زال عالقا في الأذهان.
قال الخبير الأثري، هشام الرشيدي، إن شم النسيم من الأعياد الزراعية التي احتفل بها المصريون القدماء منذ 4700 سنة مضت، مرجع كلمة شم إلى أصلها سموا والتي تعني معنى "الحصاد".
وأضاف الرشيدي، في تصريحات خاصة لـ “تليجراف مصر”: المصري القديم قسم السنة إلى ثلاثة فصول فقط، فصل الفيضان ويطلق عليه "آخت"، ويبدأ من شهر يوليو، وفصل بذر البذور ويطلق عليه "برت" ويبدأ من شهر نوفمبر، وفصل الحصاد ويطلق عليه "سمو" ويبدأ من شهر مارس.
وأشار، إلى حرص المصريين القدماء لنشر البهجة في جميع المناسبات ليس فقط الأعياد الدينية، مستدلا بمقتطف العالمة الفرنسية، كلير لالويت والذي يسمي "أناشيد الضارب على الحنك".
وأكمل: جاء نص المقتطف كالتالي: "اقض يوما سعيدا، وضع البخور والزيت الفاخر معًا من أجل أنفك، وضع أكاليل اللوتس والزهور على صدرك، بينما زوجتك الرقيقة في قلبك جالسة إلى جوارك، فلتكون الأغاني والرقص أمامك، وأطرح الهموم خلفك. لا تتذكر سوى الفرح، إلى أن يحل يوم الرسو في الأرض التي تحب الصمت".
وأوضح أن المصريين القدماء كانوا يعتبرون عيد شم النسيم يوم بعث جديد للحياة، وذلك لأنه تتجدد فيها النباتات والزهور والبذور، مشيرا إلى أن هذا العيد هو عيد الخير لهم وذلك بسبب بداية موسم الحصاد وامتلاء المخازن والصوامع بالخير.
عادات وتقاليد قديمة
أكد أن عادات وتقاليد الشعب المصري في شم النسيم لم تتغير قط، مشيرا إلى أن المصري القديم كان يسجل جميع طقوسه في كافة المناسبات، ويخرجون الأماكن الموجود بها خضرة حاملي صنوف الطعام والشراب.
ونوه أن المصري القديم لم يختر الطعام في شم النسيم بشكل عشوائي بل تم اختياره بناء علي مدلولا دينيا، مثل السمك المملح والبيض والخس والملانة (الحمص الأخضر).
مدلول كل نوع من الطعام
وفسر الرشيدي، مدلول كل نوع من الطعام، قائلا: البيضة ترمز إلى بداية خلق جديد، ويعتقد أنها منشأ الحياة وخروج أجيال جديدة، مطلقا عليها "سوحت"، لافتا أن أهمية البيضة تظهر في مقتطف من أنشودة أخناتون، التي يمتدح فيها الإله: "أنت الذي يهب الحياة للابن في بطن أمه، وتخفف روعها وتجفف دموعها، وتمده بالغذاء في بطن أمه، واهبا الهواء لتحيا به جميع المخلوقات، وعند نزوله في يوم ولادته، تفتح فمه وتمنحه احتياجاته. والفرخ في العش يزقزق في بيضته، لأنك أنت من الآن تمنحه من خلالها نسمات تعطيه الحياة، وتشكله بالكامل، ليتمكن من تحطيم قشرة البيضة، ويخرج يزقزق سائرا على رجليه".
طقوس السمك المملح
ونوه إلى سبب اختيار السمك المملح ضمن طقوس عيد "شم النسيم"، هو اعتقاده أن الحياة خلقت من محيط مائي أزلي لا حدود له، وأطلق عليه " حابي "، وبدأ استخدامه من عصر الأسرة الخامسة في هذه المناسبة مع بداية تقديسه لنهر النيل.
وتابع: كان المصريون القدماء يخصصون أماكن لصناعة السمك المملح جاء ذلك جليا في نقوش مقبرة الوزير "رخ- مي- رع" في عهد الأسرة 18، مشير إلى أن بردية "إيبرس" الطبية تفيد أن السمك المملح يقي من أمراض حمى الربيع.
وأشار إلى أصل عادة "دق البصل" أمام أبواب البيوت يرجع إلى أسطورة تقول شفاء أمير صغير من مرض عضال عجز الأطباء عن علاجه، وكان البصل سببا في الشفاء بعد أن وضع النبات تحت وسادة الأمير، واستنشقه عند شروق الشمس في يوم وافق احتفال المصريين بعيد "شم النسيم" فكتب له الشفاء، فأصبح تقليدا حافظ عليه المصريون حتى الآن، لافتا أنه كان اسمه "بصر" في مصر القديمة وليس "بصل".
الحمص الأخضر
ولفت، إلى الحمص الأخضر، المعروف باسم "الملانة"، فقد عرفته عصور الدولة القديمة، وأطلق عليه المصريون اسم "حور- بك"، وكان يحمل دلالة عقائدية على تجدد الحياة عند المصري، لأن ثمرة الحمص عندما تمتلئ وتنضج، ترمز عنده بقدوم فترة الربيع، فصل التجدد وازدهار الحياة.
وكما كان "شم النسيم" قديمًا، مناسبة يقام بها الاحتفلات، وتبادل الورود، والتجمعات وولائم أكل السمك المملح "الفسيخ"، وغيره من الأطعمة التي ارتبطت بتلك المناسبة، فقد توارث المصريون الكثير من تلك المظاهر التي عرفتها مصر القديمة في الاحتفال بـ "شم النسيم".
وظلت تلك المظاهر باقية حتى اليوم، وفي مقدمتها الخروج للحدائق العامة، وشواطئ نهر النيل.

الأكثر قراءة
-
إجابات امتحان الدين للثانوية العامة.. اعرف درجاتك
-
امتحان التربية الوطنية للصف الثالث الثانوي 2025.. الإجابة والدرجات
-
ضبط جزار بتهمة ذبـح ماشية بطريقة مخالفة في السيدة زينب
-
قبل ساعات من انطلاقه.. صفحات الغش تزعم تداول امتحان الدين للثانوية العامة والتعليم: "مستحيل"
-
حقيقة تسريب امتحان الدين للثانوية 2025.. "التعليم" تصدم "شاومينج"
-
نتيجة تانية ثانوي ترم تاني 2025 كل المحافظات
-
أسعار الذهب اليوم الأحد 15 يونيو 2025.. تحديث جديد بعد زيادة عيار 21
-
مجموع درجات الصف الأول الثانوي الترم الثاني 2025

أخبار ذات صلة
أول تعليق من "تعليم المنيا" بعد احتجاز طالبات داخل مدرسة اليوم
15 يونيو 2025 07:15 م
سمير غطاس: الشرق الأوسط على شفا كارثة نووية
16 يونيو 2025 01:20 ص
عمرو أديب: مشاهد الدمار في تل أبيب تشبه ما حدث بغزة
15 يونيو 2025 11:30 م
مراجعة ألماني تالتة ثانوي 2025.. ملخصات وأسئلة
15 يونيو 2025 10:58 م
سامي عبد الراضي: وفاة أحمد الدجوي خسارة لا تعوض
15 يونيو 2025 10:57 م
سامي عبد الراضي: أداء الأهلي في افتتاحية كأس العالم للأندية متناقض
15 يونيو 2025 10:56 م
هل تمتلك إيران القدرة على استهداف مفاعل ديمونا؟.. خبير عسكري يوضح
15 يونيو 2025 10:47 م
سامي عبد الراضي: ترشيد استهلاك الطاقة ضرورة في ظل الأزمات الجيوسياسية
15 يونيو 2025 10:43 م
أكثر الكلمات انتشاراً