3 علماء في أسرة "النشائي".. أن تكون متفوقا رغما عن أنفك (خاص)

كشف الدكتور سعيد صلاح النشائي، تفاصيل تربيته هو وأخوته عالم الفيزياء “محمد”، ومدير معهد الزلازل بالولايات المتحدة الأمريكية، عمر، وسر حب العائلة لمجال الهندسة، وكيفية تنشأة ثلاثة علماء، وكذا السر وراء تحول مسار الشقيق الأكبر من الهندسة المدنية إلى علوم الفيزياء.

يقول الدكتور سعيد النشائي لـ"تليجراف مصر"، إن السر في نجاح عائلته كان والدهم، لأنه منذ طفولته وهو يرغب في أن يكون مهندسا، وتخرج أول دفعته في مدرسة المنصورة الثانوية، وكاد يلتحق بكلية الهندسة، ولكن ظروفه الحياتية منعته من تحقيق حلمه والتحق بكلية الحربية، وتخرج منها بعد 9 أشهر.

تابع، “لم يكن حلم الوالد صلاح النشائي أن يصبح ضابطا، فرغتبه الأولى والأخيرة كانت الهندسة، ولكن بعد التخرج من الحربية أصبح مسؤول قطاع التموين بالجيش، وكان يساعد مجموعة الضباط الأحرار خلال فترة ثورة 23 يوليو 195، لكن لم يبق في الجيش طويلا، فبعد ثورة يوليو استقال وأصبح رجل أعمال، ولكن ظلت رغبته مسيطرة عليه، وقرر أن يجعل أولاده الثلاثة مهندسين، ليحققوا ما منعته ظروفه الحياتية في تحقيقه، ليجبر الأب صلاح النشائي، أولاده أن يصبحوا مهندسين ومتفوقين بالإجبار، وكان يمارس الضغط النفسي على أولاده الثلاثة".

أسرة النشائي شربت “طُعم التفوق”

استطرد، “في حالة ظهور نتيجة السنة الدراسية ولم يتفوق أي منا ويكون الأول على دفعته، كان يعنفه، ويقدم له العديد من الأسئلة العقابية مثل (طب والأول على المدرسة مين؟، طيب هو الأول على المدرسة أبوه يأكله وأنا لأ؟) أبوه بيشتري له هدوم وأنا لأ؟، ليه مطلعتش الأول)”، فكان يعامل ابنائه في حين عدم ترتيب الأبناء في المراكز الأولى على دفعاتهم أثناء الدراسة، وكان يتم التعامل على أنها جريمة، ويلقي بالشهادة في وجه الابن كنوع من أنواع العقاب.

يوضح الدكتور سعيد النشائي، أنه هو وأخوته شربوا طُعم التفوق ولا خلاف عنه، إرثا من والدهم صلاح النشائي، وأنهم لم يفكروا يوما في دخول أي كلية غير الهندسة خشية من رد فعل الوالد، معبرا بقوله، "والدنا كان يقولنا اللي عايز يدخل كلية علوم أو كلية حقوق.. هو ولا ابني ولا أعرفه".

انتقل سعيد إلا شقيقه الأكبر، العالم الدكتور محمد النشائي، ويحكي عنه، “كان عنيد منذ طفولته، وكان لا يرغب في أن يصبح مهندسا ولكن الأب أصر وفرض رأيه عليه، لدرجة أنه رفض دراسة الهندسة في مصر، وأرسله لدراستها في ألمانيا وتحديدا جامعة هانوفر، وفرض  عليه (محمد) أن يحصل على درجة الدكتوراة في الهندسة”.

وصف الدكتور سعيد النشائي، حياته هو وشقيقه عمرو، بأنهما كانا طوع أبيهما ودرسا الهندسة دون تفكير أو جدال مع والدهما، ليصبح هو مهندسا كميائيا، والشقيق الأصغر (عمرو) مهندسا مدنيا تخصص زلازل، أما الأكبر (محمد)، اتجه إلى علوم الفيزياء والميكانيكا التطبيقية، بعد دكتوراة في الهندسة". 

يضيف، "عمرنا ما تحررنا من ضغط الوالد النفسي وقوته، حتى الآن أحلم به في منامي وهو يلقي الشهادة في وجهي ويسألني، لماذا لم تحقق المركز الأول على دفعتك بالمدرسة؟، وما زال الأب هو مثلنا الأعلى، وحتى بعد وفاته، كان الشقيق الأكبر (محمد)، يلوم نفسه بعد تحول حياته من الهندسة إلى لفيزياء، ويتحدث دوما عن (خوفه إنه باباه يكون زعلان ومتضايق منه إنه ما دخلش الهندسة؟).

وتوفى الشقيق الأكبر، العالم الدكتور محمد صلاح النشائي في لندن، وتم دفنه بها، بعد وعكة صحية.

وقال الدكتور سعيد، في تصريح خاص لـ"تليجراف مصر"، إن الدكتور محمد النشائي دفن في لندن، والعزاء أيضا سيكون في منزله بالعاصمة البريطانية.

من هو العالم الدكتور محمد النشائي؟

تخرج العالم الدكتور محمد النشائي من كلية الهندسة بجامعة هانوفر الألمانية عام 1968، وبعدها عمل قرابة 3 سنوات في مجال تصميم الشوارع والكباري، ثم قرر الذهاب لإنجلترا، وهناك تحول مساره من الهندسة الإنشائية إلى دراسة الميكانيكا التطبيقية؛ حيث نال درجتي الماجستير والدكتوراة في هذا التخصص من جامعة لندن.

كان فاجئ الدكتور محمد النشائي، العالم بنظريته المعروفة باسم "نظرية المقطع الذهبي في فيزياء الكم" التي تفترض حلولاً جديدة لمشكلات ميكانيكا الكم عبر دراسة الزمكان.

قدّم العالم المصري نظريته الشهيرة التي أطلق عليها نظرية "القوى الأساسية الموحدة"، ومن ثم نجح، خلال عمله أستاذاً بقسم الرياضيات والطبيعة النظرية بجامعة كامبريدج ببريطانيا، في تأسيس أول مجلة علمية في العلوم غير الخطية وتطبيقات العلوم النووية، وصدرت هذه المجلة في أمريكا وإنجلترا وهولندا.

كرم النشائي من قبل مركز الفيزياء النظرية التابع لجامعة فرانكفورت الألمانية كأستاذ متميز لدوره في تطوير نظرية يُطلق عليها اصطلاحيا "الزمكان كسر كانتوري".

100 بحث مسجل في الجمعية الأمريكية للرياضيات

يملك النشائي 100 بحث مُسجّل في الجمعية الأمريكية للرياضيات، وقد رشّحه علماء حائزون على جائزة نوبل مرات عدة لنيل هذه الجائزة.

أسرته علمية

كوّن عالم الفيزياء عائلة علمية، فالدكتور النشائي، لديه ابنتان، الأولى شيرين ودرست العمارة بجامعة ليدز البريطانية، أما الثانية فهي سونيا، وقد تخصصت في دراسة الطب البيطري، كما أن له أخوين في الحقل العلمي هما الدكتور عمر النشائي مدير معهد الزلازل بالولايات المتحدة الأمريكية، وسعيد النشائي العالم الشهير في الهندسة الكيميائية بجامعة ألاباما الأمريكية.

أبرز أراءه

ومن أبرز أراءه الدكتور النشائي، "العلم بدون حكمة مثل عضلات بدون مخ، فهو يحط من شأن الإنسانية".

وطالب النشائي، خلال ندوة ألقاها في كلية العلوم بجامعة الإسكندرية، ديسمبر 2015، بتغيير اسم المفاعل النووى الذي كان يتم إنشائه حينها فى منطقة الضبعة بطريق الساحل الشمالى إلى مفاعل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، نظراً لأنه هو صاحب الفكرة فى البداية فى فترة الستينات، وكان لديه رغبة فى إنشاء مفاعل لحل أزمة كبيرة فى المجتمع المصرى أسوة بالدول العظمى.

وفي إحدى الحوارات الصحفية، وصف الدكتور محمد النشائي، الاقتصاد المصري بأنه "خربان"، وأنه في أمس الحاجة إلى رفع شعار "العلم هو الحل"، موضحًا أن مصر في حاجة ملحة إلى عدد ضخم من الثورات العلمية والتعليمية والتكنولوجية، وأن التطور الطبيعي للشعوب لا يحدث بالقفزات والثورات الدامية والهمجية.