فاقدو البصر مبصرو القلب.. أسرار رحلة "زينب" مع أبنائها الأكفاء
الحاجة زينب وابنها طه في حفل تخرجه من الجامعة
داخل منزل صغير تحاوطه المحبة في قرية “أسكر” بمركز الصف التابع لمحافظة الجيزة، عاشت “زينب” عروس جديدة تملؤها أحلام تُعانق السماء بحياة سعيدة، وأبناء يحققون أمنيتها المؤجلة في تعليم عال وشهادة جامعية، إلا أن الله رزقها بأبناء أكفاء
حلم الأمومة
حملت “زينب” في أحشائها طفلًا تأججت معه مشاعر السعادة والرغبة الملحة في الأمومة، لكنها سرعان ما تحولت لجمرة نار تحترق في صدرها حزنًا عليه بعد وفاته جنينًا قبل أن يولد.

مرت شهور وسنوات حتى حملت في طفل آخر؛ سمّته "أحمد" وشعرت بأنه العوض من الله عن شقيقه المتوفي.
كأي أم كانت “زينب” تُرضع طفلها محبة ووفاء وامتنانًا، وتغني له وتمنحه الألعاب والأموال، لكن لم يمر وقت كبير حتى أدركت أنه كفيف البصر، صدمة تجاوزتها بمرور الأيام.
لم تيأس "زينب" قط، وبدأت رحلتها مع أطباء من كل حدب، متمسكة بخيط أمل ضعيف لصغيرها الكفيف.
سلمت أمرها إلى الله راضية بقضائه وقدره، ووعدت رضيعها وهو بين يديها أن تسقيه من حبها بالقدر لذي لا يجعله يشعر بأي نقص، لكن شاء القدر أن يصفعها الصفعة التالية.

حملت "زينب" مرة أخرى وقالت في قرارة نفسها إن الله يعوضها عن المتوفي، وكفيف البصر بطفل سليم معافى، لكن عند الولادة قررت أن تطمئن قلبها بشأن صحة المولود، لتكتشف أن الله رسم له نفس مصير شقيقه، حيث وُلد "عبد الرحمن" كفيف البصر.
أبناء أكفاء
خمسة أبناء أنجبتهم "زينب"، كان من بينهم 3 “أكفاء”، فبعد "عبد الرحمن" جاءت "نجوى" ليست كفيفة البصر فحسب وإنما تفاجئ الأطباء بولادتها دون يد يمنى.
نظرت “زينب” إلى أبنائها نظرة تحدٍ وإصرار، لم تعترض على الابتلاء، وعزمت على تقديمهم نماذج ملهمة ونابغة يجب دمجهم في المجتمع حتى وإن حُرموا من نعمة البصر.
كانت "زينب" أعين أولادها، تذهب بهم إلى مدارسهم، وترافقهم في طريق العلم يوميًا، وتأتي بالجيران لمساعدتهم في المذاكرة، نظرًا لأنها لا تعرف القراءة والكتابة.
تختار “زينب” ملابس أبنائها بعناية وتختار ألوانها بتناغم ملفت، حتى الطعام تحرص على إطعامهم إياه في فمهم بكل حب، وكذلك الأدوية في أوقات مرضهم.
رحلة إنسانية ملهمة رافقتهم فيها الأم حتى بلغوا المراحل الجامعية بقلوب مبصرة، وفق ما ذكر طه الابن في حديثه لـ"تليجراف مصر".

أحمد (طفلها الأول) البالغ من العمر الآن 28 عامًا، تخرج في كلية القرآن الكريم وعلومه في طنطا وحاليًا يحضّر الماجستير.
نجح أحمد في حفظ القرآن في السابعة من عمره عن ظهر قلب، كانت "زينب" كلمة السر في الحفظ ورعاية الموهبة.
“صوته ملائكي مش هتسمع أجمل منه في تلاوة القرآن والابتهالات الدينية” هكذا وصفه أهل قريته.

أما عبد الرحمن، فيبلغ من العمر الآن 25 عامًا، تخرج في كلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة وحفظ أيضًا القرآن الكريم بنفس الطريقة، بل كان من المتفوقين على مستوى المحافظة في الشهادات الابتدائية والإعدادية والثانوية.
يتميز عبد الرحمن، بسرعة قياسية في الكتابة على لوحة المفاتيح "الكيبورد"، ويلقي محاضرات لغيره من الأكفاء لتعليمهم طريقة برايل، ويتجهّز هو الآخر للدراسات العليا.

كلية الدراسات الإنسانية
وعن "نجوى" فهي حاليًا تبلغ من العمر 20 عامًا، طالبة في الفرقة الرابعة بكلية الدراسات الإنسانية قسم التاريخ.
“نجوى” على خطى شقيقيها في التفوق وحفظ القرآن، حيث حصدت المركز الثاني على مستوى المحافظة في الشهادة الثانوية الأزهرية، ولكن المساعد الأساسي لها الشقيقة الصغرى "مي" حيث وصفها "طه" بأنها “عين نجوى ويديها”.
قد يبدو دور الأب، غائبًا في قصة “زينب وأبنائها”، لكنه رغم سفره للعمل من أجل توفير أموال للأسرة؛ كان يأتي إلى القاهرة ويمكث مع الأسرة 5 أيام فقط، كان يسجل خلالها الكتب والمراجع لتسهيل المذاكرة عليهم ويُخفف الحمل عن زوجته.

في رحلة كفاح زينب، تفاصيل عدة مؤثرة وملهمة، آخرها ظهورها في حفل تخرج ابنها “طه” في كلية الزراعة، حيث افتتحه بتلاوة آيات مباركات من القرآن الكريم، وقررت الجامعة تكريمها أمام الجميع.
زينب، قالت جملة مقتضبة خلال الحفل؛ على قدر بساطتها إلا أنها كانت كالسهم نافذة: "أنا أم مصرية وده واجبي ونفسي ربنا يرزقني عمر فوق عمري عشان أعيش بس معاهم".

الأكثر قراءة
-
موعد مباراة بيراميدز وفلامنجو في كأس التحدي والقنوات الناقلة
-
بالمستندات، نص التحقيقات مع مديرتي مدرسة الإسكندرية في الاعتداء على 14 طفلًا
-
سعر صرف الدولار مقابل الجنيه اليوم السبت 13 ديسمبر 2025
-
منها إهمال الصيانة، حالات تتيح للمالك فسخ عقد الإيجار القديم
-
نائب محافظ الأقصر يزور مصابي انهيار منزل إسنا ويواسي أسر الضحايا
-
"العمل" تُعلن عن 747 وظيفة في شركات قطاع خاص بالجيزة
-
بعد صور متداولة، حقيقة تدهور الحالة الصحية للفنانة عبلة كامل
-
"كميات محدودة"، الحكومة تعلق على تسرب مياه الأمطار إلى بهو المتحف الكبير
أخبار ذات صلة
آخرهم صلاح| "أيقونة وصفقة الصيف ومشاجرة"، حروب النجوم داخل الأندية
13 ديسمبر 2025 08:36 م
بعد حمزة عبدالكريم، 4 لاعبين مصريين "ضلوا الطريق" إلى برشلونة وريال مدريد
13 ديسمبر 2025 02:29 م
عام الزلزال، كيف قلب ترامب "طاولة واشنطن" في 12 شهرًا؟
12 ديسمبر 2025 09:11 م
من الفشن إلى "الأثير".. مسيرة الشيخ طه الفشني
12 ديسمبر 2025 02:24 ص
أخفت إسلامها 20 عامًا وهاجمت معجبين متجاوزين، من هي دومينيك حوراني؟
11 ديسمبر 2025 01:23 م
"الدولي غير الدوري"، منتخب مصر لكل من هب ودب
09 ديسمبر 2025 05:23 م
بلغ 14.9 تريليون جنيه، هل تجاوز الدين العام الحدود الآمنة؟
09 ديسمبر 2025 04:16 م
القاهرة بدأت الفكرة، هل تسير المحافظات على نهج العاصمة في إيواء الكلاب الضالة؟
09 ديسمبر 2025 02:40 م
أكثر الكلمات انتشاراً