أطفأت شمعتها الـ90.. لبنى عبدالعزيز تتذكر أجمل محطات رحلتها الفنية

منذ مشهد ظهورها الأول على الشاشة، خطفت لبنى عبدالعزيز القلوب قبل العيون، فجمالها الهادئ وملامحها الأرستقراطية كانت جواز مرورها إلى قلوب الجماهير من خلال شاشة السينما، لكن موهبتها و ثقافتها الواسعة جعلت من مسيرتها الفنية رغم قصر مدتها الزمنية نموذجًا ملهمًا يُحكى إلى اليوم.

هناك أجيال عرفت معنى العشق من خلال فيلم "الوسادة الخالية" الذي جمعها بالعندليب عبدالحليم حافظ، ليكون هو العمل الفني الأول الذي جعل منها نجمة صف أول لتقدم سلسلة من الأفلام الكلاسيكية في السينما، حتى اعتزالها بعد تقديم آخر أفلامها "العيب"، لكن صورتها ظلت محفورة في ذاكرة الجمهور.

على خشبة المسرح بالجامعة الأمريكية، استعادت لبنى عبدالعزيز ذكرياتها وبدايتها مع الإذاعة، خلال احتفالية عيد ميلادها الـ90 بين جمهورها في ظهور نادر.

الفنانة التي اشتُهرت بلقبي “عروس النيل” و"هاميس السينما"، وجدت نفسها محاطة بتصفيق حار وكلمات من الإعجاب التي تعيد إلى الذاكرة مشهد تشابك يدها بيد العندليب في شوارع مصر الجديدة بفيلم "الوسادة الخالية"، أو مشهد الفتاة العنيدة مع رشدي أباظة في "آه من حواء" والصرخات تعلو من الزوايا بين محب من زمن مضى وحديث العهد بفنها الراقي، لتعبر لبنى عبدالعزيز عن هذا المشهد بقولها: “شكرًا لأنكم هنا، سعيدة أني عايشة لحد النهاردا علشان أكون معاكم وأشوف الحب في عيونكم ليا، وأتمنى كل حاجة حلوة لبلدي ولفلسطين”.

وأعربت عبدالعزيز عن سعادتها بحفاوة استقبال الجمهور لها، وقالت في تصريح لـ"تليجراف مصر": “متأثرة جدًا وشاكرة لكل حد موجود أو قال عني كلمة، وسعيدة بكل حبايبي، كل حاجة حلوة في حياتي حصلت في مصر وشاكرة جدًا لبلدي وولاد بلدي”.

البداية من الإذاعة

وحكت لبنى عند بدايات حياتها العملية، التي كانت من خلال الإذاعة وحدث ذلك بالمصادفة في حفل أقامه والدها بمنزله وحضره صفوة المجتمع: “شافني الأستاذ عبدالحميد يونس في حفلة بمنزل والدي وقال لي بحماس: إنتِ لولو، إنتِ لولو.. وأسند لي تقديم برنامج الأطفال الشهير ”إنتِ لولو" بعد رحيل الإذاعيين الإنجليز عن مصر"، وهكذا بدأت لبنى مسيرتها في الإذاعة المصرية وهي في العاشرة من عمرها.

أنا وأم كلثوم

وروت الفنانة الكبيرة موقفًا طريف جمعها بكوكب الشرق أم كلثوم داخل أحد الاستوديوهات الإذاعة قائلة: “دخلت الاستديو في موعدي لقيت أم كلثوم بتعمل بروفة، فاعترضت لأنه وقتي، لكنها خرجت وطبطبت على وجهي، وقالت: أنا مبسوطة بيكي، وسلّمي لي على والدك”. وهي واقعة عكست جرأتها رغم صغر سنها وتقدير كوكب الشرق لها.
 

ذكرياتها في الجامعة الأمريكية والمسرح

قبل 70 عامًا، وقفت الطالبة لبنى عبدالعزيز، ذات الـ20 عامًا، على خشبة مسرح الجامعة الأمريكية، لتقدِّم الرئيس جمال عبدالناصر مرتين قائلة: "في زيارة للرئيس جمال عبدالناصر بالجامعة الأمريكية أسند لي عميد الكلية مهمة تقديمه في الحفل، وتمت المهمة بنجاح وأعجب الرئيس بتقديمي له وفي زيارته التانية طلب من الجامعة أن تقدمه نفس الطالبة، وقال لهم نصًا: عاوز البنت الجميلة بتاعت الحفلة الأولى تقدم الحفلة النهاردا".

كنت أعشق الاختلاف

وعن بداية دراستها في الجامعة الأمريكية، أكدت لبنى عبدالعزيز أنها كانت تحب السير عكس التيار الذي يمضي فيه الجميع عشقًا في الاختلاف: “كل طلاب جيلي كانوا بيحبوا يدخلوا جامعة القاهرة لكني أعشق الاختلاف مش بحب أبقى شبه حد، بشوف الطيار مشي إزاي وأمشي عكسه، علشان كدا قرارت أدخل الجامعة الأمريكية ووالدي ساعدني”.

رحلة فنية عكس التيار

لخصت “عروس النيل” منهجها الخاص في اختيار الشخصيات التي قدمتها للجمهور، لافتة إلى أن السير عكس التيار جعل لها أسلوبها الخاص في اختيار الشخصيات التي تطل بها على الجمهور: “في فيلم (أنا حرة) اقترحت تكون البطلة طالبة بالجامعة الامريكة بدلًا من جامعة القاهرة النمط الذي يسلكه كل الأبطال في ذاك الوقت”.

وتابعت: “مش بحب أشوف نفسي في السينما وكنت أبتعد بوجهي عن الشاشة كلما عُرض لي مشهد من أحد أفلامي، لم أنظر يومًا لكون لبنى عبدالعزيز وجه جديد، لأن التمثيل بدأ معي منذ لحظة الوقوف على خشبة مسرح الجامعة الأمريكية وبعدها الإذاعة ثم السينما”.
 

احتفالية عيد ميلاد لبنى عبدالعزيز الـ90

وأقيمت الاحتفالية الأخيرة في قاعة "إيوارت" التذكارية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، ضمن فعاليات مبادرة "أرواح في المدينة" التي ينظمها الإعلامي محمود التميمي، والتي خصصت هذه الأمسية للاحتفاء بعيد ميلاد لبنى عبدالعزيز التسعين وتكريم مسيرتها الفنية والثقافية.

من جهته، قال الناقد طارق الشناوي، إن لبنى عبدالعزيز حالة فنية مختلفة، استطاعت أن تفرض مكانتها، بفضل تكوينها الثقافي والفكري والإنساني، وأدوارها التي جسدت الفتاة الجريئة المعبرة عن روح نهاية الخمسينيات، في مرحلة كان المجتمع يمنح مساحة أكبر لحرية المرأة.

فيما قال المخرج علي إدريس: قبل أن أبدأ أخوض تجربة السينما، كنت أتعرف على أعمال الفنانة لبنى عبدالعزيز من خلال أفلامها على شاشة التلفزيون، مثل عروس النيل، وغرام الأسياد، وغيرها، شاهدت لها فيلمين “إضراب الشحاتين”، و"هي والرجال"، مع المخرج حسن الإمام، وجسدت دور خادمة رغم كونها خريجة الجامعة الأمريكية، وهو اختبار صعب لأي ممثل، لكنها أدته بإتقان لافت.

وأضاف: “عندما بدأت التحضير لفيلم (جدو حبيبي)، استرجعت كل الأعمال، وتوجهت إليها في مسرح الريحاني حاملًا نسخة من أحد أفلامي وسيناريو الفيلم، وطلبت منها قراءته، وافقت على المشاركة، كان شرف كبير لي أن أعمل مع فنانة من الجيل الذهبي للسينما المصرية، وسيظل تاريخها حاضرًا بيننا”.